تاريخ الرشوة في سوريا
- بواسطة اقتصاد --
- 14 شباط 2016 --
- 0 تعليقات
يعتبر انتشار الرشوة في المجتمع السوري، من أبرز المظاهر التي جاء بها حافظ أسد إلى سوريا وفي العلن، حيث يشير مراقبون إلى أنه قبل العام 1970، كانت هناك مظاهر للرشوة لكنها تتم في الخفاء وعلى نطاق ضيق.
ويفسر مراقبون أسباب انتشار الرشوة منذ مجيء حافظ إلى السلطة، بأنه في البداية، غض الطرف عن أنشطة أفراد عائلته والمقربين منه التشبيحية في السطو على أرزاق السوريين، الأمر الذي دفعه للتراخي عن باقي حالات الرشوة والفساد بل وتشجيعها حتى أصبحت مجالاً للتفاخر والتندر بين الناس.
انتشار الفساد والرشوة لم تقتصر آثارها السلبية على المجتمع فحسب بل على اقتصاد الدولة بالدرجة الرئيسية، حيث تشير دراسات سابقة إلى أن الفساد تسبب منذ العام 1980 الى العام 1995 بخسارة الاقتصاد لأكثر من 50 مليار دولار وفي كافة القطاعات الحكومية.. بينما استقر جزء كبير من هذه الأموال في جيوب المقربين من عائلة الأسد والمتنفذين في النظام.
أما الحالات التي انتفض فيها النظام لمكافحة الفساد والرشوة في أجهزة الدولة، فلم تتعدى الخطابات الجماهيرية، وبالذات عند مجيء بشار إلى السلطة، بينما لم يعرف عن والده أنه انتفض لكرامة الدولة الاقتصادية سوى مرتين، في منتصف الثمانينات عندما تم محاسبة وزيرين ولأول مرة في مجلس الشعب وإقالتهما بتهم تمس الفساد.. والمرة الثانية في نهاية حكمه عندما تم سجن وزير النقل مفيد عبد الكريم بتهمة الفساد والرشوة على الرغم من أنه من عظام رقبة النظام.. ويتذكر السوريون أنه بعد تلك الحوادث الاستعراضية تحول الفساد إلى حالة حصرية بعائلة الأسد وأقاربهم.
وعلى مستوى الدراسات كان محظوراً على الباحثين الحديث عن أسباب انتشار الفساد والرشوة إطلاقاً حتى لو كان الحديث في العموميات وحتى لو توصلت تلك الدراسات إلى أسباب لا علاقة للنظام بها، و كان انتقاد الفساد في سوريا "الأسد" جريمة أكبر من الفساد ذاته، لذلك عندما تجرأ الدكتور عارف دليلة، الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، وتحدث عن هذا الأمر في نهاية حكم حافظ أسد، كلفه الأمر عشر سنوات في السجن من عمره.
بكل الأحوال، هناك اليوم من تجرأ للحديث عن أسباب انتشار الفساد والرشوة في البلد، لكن في ظل الظروف الحالية التي تعيشها سوريا، حيث أظهرت دراسة قام بها باحثون وخبراء ومنظمات أهلية أن 80 بالمئة من انتشار الرشوة في ظل الأزمة سببه تمتع البعض بمناصب ومراكز تجعلهم بعيدين عن المحاسبة وافتقار دور الرقابة إلى كوادر مؤهلة ومدربة، كما أظهرت الدراسة أن 88% من أسباب الرشوة يعود للتفاوت الطبقي والاجتماعي بين الأفراد بغض النظر عن نوع الرشوة.
هذا الكلام العام الذي يخلو من الأخلاق، تعتبره وسائل إعلام النظام، دراسة علمية لخبراء وباحثين..!!، بينما الحديث عن الفساد والرشوة وانتشار المحسوبية في سوريا "الأسد"، ليس بحاجة لدراسات ولا لأبحاث.. بل بحاجة للضمير، لأنه بصراحة كان جزءاً من تركيبة النظام وهويته التي بنى عليها امبراطوريته الاستبدادية.. أنه حالة تخص عائلة الفساد فقط، وما تبقى هو ارتدادات طبيعية سوف تزول بزوال هذه العائلة الفاسدة.
التعليق