الأقلية السورية المنتفخة.. شد الوجه والرقبة بـ 250 دولار


ليست كل الحياة في "سوريا المفيدة" فقط طوابير وهموم وغصات ودموع، وليس كل الأحياء هناك يعيشون كما الأغلبية المسحوقة التي تطحنها نتائج حرب النظام وجبروته، والبلد الذي يتذيل قائمة العالم - من حيث الحريات والاقتصاد المدمر والبنى التحتية المنهارة والتعليم وسواها من مفردات حياة الناس والدول- هذا البلد فيه قلة مرتاحة وليست في وارد ما يدور من حولها.

صحيفة "الوطن" المملوكة لرامي مخلوف، نشرت تحقيقاً صغيراً عن أسعار مراكز التجميل ومخالفاتها القليلة، وهذه الأمكنة الهادئة ذات الألوان الفرحة والروائح الطيبة لا يخدشها مشتكٍ أو معترض فالزبائن هنا من أصحاب الدخول الكبيرة بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية كون الحرب المسعورة أنتجت فئات جديدة انتفخت مالياً بفعل السطو والسرقة والقتل.

يقول التحقيق إن هذه المراكز تسعّر خدماتها بالدولار، وهي تعنى بالجمال من الحاجب حتى أظافر القدمين، وكذلك تقدم خدمات للأعراس من مكياج وشعر: "تصل تكلفة البوتوكس حول العين ١٥٠ دولاراً للسنتيمتر الواحد، وجلسة الهايفو لشد الوجه والرقبة 250 دولاراً، بينما تصل تكلفة تجهيز العروس من مكياج وشعر إلى 90 ألف ليرة سورية، وتاتو الحواجب 60 ألف ليرة، فيما تصل جلسة تقشير الوجه الواحدة إلى 50 ألف ليرة".

أما بالنسبة للشعر ومشتقاته فتكاليفه هي أيضاً ليست بالقليلة، فتغيير لون الشعر يتجاوز مرتب شهر لموظف في الدولة لديه خدمة تتجاوز 20 عاماً، وموديل الشعر بسعر أسطوانتي غاز بالسعر الرسمي: "تغيير لون الشعر 35 ألفاً والميش بـ30 ألفاً، الحمام المغربي بـ28 ألفاً، وكذلك جل الأظافر، وعن مكياج الوجه الكامل وصل إلى سعر 25 ألفاً، وتبدأ تكلفة موديل الشعر من 5 آلاف فأكثر، أما السيشوار فكان أقل التكاليف إذ بلغ ألفي ليرة، ووصل أجر تجهيز العروس وسطياً إلى 125 ألف ليرة".

حماية المستهلك لدى النظام تدس أنفها في هذا السوق من أجل أن تنتفع بعائداته الكبيرة فيما يبدو كونها هي من يعترف بعدم وجود شكاوى بحق هذه الصالونات والمراكز وإنما هي مجرد ضبوطات قليلة.

مزاجية التسعير في هذه المراكز عائدة إلى أماكن تواجدها فمن المؤكد أن الأسعار في "أبو رمانة" تختلف عن المزة 86، فالزبائن من طبقات مختلفة وإن باتت الدخول متقاربة فالكل هنا يعمل ويجمع المال من رقاب السوريين.

عضو في مجلس محافظة دمشق يدعى مازن الدباس تحدث عن أن محافظته طلبت من الجمعية الحرفية للحلاقين إعداد جداول بالأسعار المناسبة.. وهنا تبدو النكتة جديرة بالضحك لأن هذه الجمعيات لا تستهدف إلا حلاقي الأحياء الفقيرة، ولا تجرؤ على الاقتراب من صالونات كبار القوم وجمالهم.

مواد التجميل التي تستخدم في هذه الصالونات أغلبها يدخل البلاد عن طريق التهريب، وبعض الشركات القليلة العاملة في هذا المجال، وليست مرصودة من حيث تأثيراتها الصحية، وحجة مديرية حماية المستهلك هي نفسها: "الوزارة تقوم بجولات لفحص المواد التجميلية قبل أن تصل إلى الصالونات، ولا ورود لأي شكوى عن تلك المواد".

هؤلاء البشر يعيشون بيننا نعم، ويدفعون كل هذه المبالغ الطائلة لكي يتمكنوا من الحديث عن البلد الجميل والهادئ، وعن الوطن الذي يحارب "الإرهاب والمندسين" بنفس الوجوه الملونة والشعر المصفف بالدولارات، بينما الفقراء وهم الغالبية ينتظرون دورهم في طابور الغاز والموت.

ترك تعليق

التعليق

  • 2019-01-28
    من المؤكد ان الذين يرتادون أماكن التجميل ليسوا من الطبقة المسحوقة وإنما. من دواعش الداخل من أثرياء الحروب وتجار الازمات والفاسدين الذين جنوا الأموال الطائلة طيلة السنين السبع العجاف