اقتصاديات.. أطباء بلا ضمير


الدكتور بسام الحريري الذي صدر قرار سامي من رئيس مجلس الوزراء، عماد خميس، بتعيينه مديراً عام للهيئة العامة لمشفى درعا الوطني، هو المسؤول المباشر عن قتل والدتي رحمها الله في العام 2003..

 دخلت وقتها إلى مشفى الشفاء الخاص تمشي على قدميها وخرجت منه بعد خمسة أيام، مقابل أربعة آلاف عن كل يوم، وهي بحاجة لأربعة من أبنائها يحملونها.. يومها قال لي الدكتور بسام الحريري المشرف على علاجها، بينما كنا نجاهد في حملها من المشفى: والدتك شفيت تماماً.. فقلت له بنفس شبه مقطوع: أليس ملفتاً يا دكتور أن يكون الشفاء التام، بهذا السوء..؟!،.. ثم لم تلبث أن فارقت والدتي الحياة بعد أقل من شهر على شفائها التام..!!
 
على أن ما تسبب به الدكتور بسام من أذى لوالدتي ليس هو وحده ما أثار شجوني، بل اسم المشفى بحد ذاته استوقفني: "الهيئة العامة لمشفى درعا الوطني"، فهو يشبه كثيراً تسمية "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون".. إضافة إلى أن من يقرأ الاسم، يظن بأن هذا المشفى هو مركز للأبحاث الطبية العميقة، وتجرى به أصعب وأدق العمليات الجراحية.. ولا يخطر على باله بأن من كان يدخل إلى مشفى درعا الوطني كان يخرج منه مغشياً عليه من الروائح الكريهة التي يشمها، والمشاهد الأليمة التي يصادفها في الممرات وعلى الأدراج وفي الغرف.. أما الموظفين فكانوا أشبه بعمال المناجم، لا فرق فيهم بين طبيب أو ممرض أو إداري .. حتى مدير المشفى كنت تحسبه مديراً لمسلخ وليس لمشفى..

ويجب ألا يغيب عن بالنا أن واقع مشفى درعا الوطني على هذا النحو، كان بعد تحويله إلى هيئة عامة في العام 2010، وهي الفكرة التي اخترعها وزير الصحة آنذاك، رضا سعيد، في العام 2008، وأصدر لها بشار الأسد المراسيم مثل "زخ المطر"، حيث أن تحويل كل مشفى حكومي في سوريا، إلى هيئة عامة، كان يحتاج إلى مرسوم من بشار.. !!

 أما ما قبل ذلك التاريخ، فكانت قصة المشافي الحكومية ملحمة بحد ذاتها، تحتاج روايتها إلى شاعر ربابة أو "رادود"، يرويها على نفس طريقة مقتل سيدنا الحسين.. 

على أية حال، لقد ظن رضا سعيد، وبعد أن ساءه مشهد المشافي الحكومية، أن تحويلها إلى هيئات عامة سوف يمنحها مرونة أكثر في التعاقد مع الخبرات الطبية واستجلاب الأجهزة الحديثة، مقابل أن يدفع المريض الموظف مبلغاً بسيطاً عبر بطاقة التأمين الصحي.. غير أن ما لم يخطر على بال "أبو الروض" في تلك الفترة، هو الفساد.. فبدل أن يتم التعاقد مع الخبرات الطبية وتطوير التجهيزات في تلك المشافي، قام الشباب باستخدام المبالغ المحصلة، لزيادة مخصصاتهم المالية وتحسين أوضاعهم المعاشية..

 ثم مع انطلاق الثورة أصبحت المشافي الحكومية مجازر حقيقية، يكاد لا يدخل جريح من الثوار إليها ويخرج حياً، حتى لو كانت الإصابة بقدمه.. لهذا كان أبرز ما كشفته الثورة، أن من كانوا يمارسون القتل باسم الطب قبل الثورة كـ "بسام الحريري"، هم أنفسهم الذين مارسوه مرة أخرى، باسم النظام، بعدها..

فـ "صحتين على قلبك" يا بسام هذا الدور الجديد في القتل.. ويا حيف تكون من عائلة الحريري البطلة..

ترك تعليق

التعليق