حجاج بيت الله الحرام على مقصلة "أولاد الحرام"


في كل عام، ومع بداية مناسك الحج، ينهال مجموعة من "الفيسبكيين" على الحجاج السوريين بالشتم والتخوين، والبعض يتجرأ بالإفتاء بحرمة ذهاب هؤلاء إلى الحج، وأن الأولى بهم أن يدفعوا تكاليف هذه الرحلة لمساعدة أخوانهم في الداخل والمخيمات..

 وبحسبة بسيطة فإن تكلفة الحج لكل شخص تبلغ كمعدل وسطي نحو ثلاثة آلاف دولار، بينما يبلغ مجموع الحجاج السوريين، المؤيدين والمعارضين لهذا العام وبما فيهم المقيمين في دول الخليج نحو 13 ألف حاج، وذلك بحسب بيانات سلطة الحج السعودية.. أي أن مجموع ما سيدفعه الحجاج السوريون يبلغ نحو 39 مليون دولار..

 أعتقد أن المبلغ بسيط بالمقارنة مع حاجات الناس الحقيقية، فهو لا يكفي لتغطية نفقات مخيم واحد لمدة شهر.. أو إطعام قرية في الداخل لمدة شهر.. إضافة إلى أنه وصل إلى المخيمات أو إلى الداخل، أضعاف هذا المبلغ بعشرات المرات دون أن يغير من الواقع شيئاً..

 ثم من جهة ثانية، لماذا لا تستوقف البعض سوى نفقات الحجاج..؟!، وما هي مشكلتهم مع من يذهبون إلى الحج..؟!، إذا كانوا إلى هذا الحد حريصين على مساعدة أخوانهم في الداخل والمخيمات، هناك حسبة أفضل من تكاليف الحج.. وهي التكلفة التي يدفعها المدخن في أوروبا.. فهناك على الأقل أكثر من 500 ألف مدخن سوري في الدول الأوروبية، يدفع وسطياً أحدهم في اليوم نحو 5 يورو، وهو ثمن أقل من علبة دخان.. فلماذا لا نطلب من هؤلاء أن يقلعوا عن التدخين ويتبرعوا بثمنه لدعم الثورة..؟!، أليست الحسبة مجدية أكثر..؟

 باعتقادي أن البعض بدأ يستخدم "فيسبوك" لأغراض التهريج، وللأسف هذا التهريج تورط به أشخاص محترمون، لديهم جمهور ومتابعين بالآلاف.. ومثل فكرة الحجاج السوريين وتكاليف حجهم التي تزعج ثوار "فيسبوك" اليوم، أذكر أنها كانت تزعج أبناء النظام، وخصوصاً من الأقليات، قبل الثورة بسنوات طويلة.. فهم كذلك كانوا يفتون أن هذه الأموال يجب أن تذهب إلى حزب الله "المقاوم" بدل أن تذهب إلى السعودية التي تنتمي للحلف الأمريكي..!!، وكانت الناس تصفق لهذه الفكرة، مثلما يصفقون اليوم لثوار "فيسبوك".. أي أن الثورة لم تغير فينا شيئاً.. فلازلنا نستعير مفردات النظام ذاتها ونحاول إلباسها للثورة.. وكما يقول "جان جينيه " في مسرحيته الزنوج: "عندما يستطيع الزنوج أن يبدعوا مفردات خاصة بهم، سوف يتحررون".. وكانت مناسبة هذه العبارة أنه في نهاية المسرحية اعتقد البطل أنه تحرر واستطاع الانتصار على الرجل الأبيض، فيأخذ ويغازل حبيبته بعبارات مستعارة من مفردات الغزل الأوروبي، فتقول له حبيبته: "لا أستطيع أن أشعر بعواطفك.. أشعر أن الكلام الذي تقوله موجه إلى امرأة غيري، يناسب واحدة شعرها أشقر وطويل وعيناها زرقاوان وشفاهها رقيقة..".

 فهل عرفتم لماذا حتى الآن لم نتحرر.. ولا أقول ننتصر..؟!

ترك تعليق

التعليق