اقتصاديات.. روسيا تضع اللمسات الأخيرة لابتلاع سوريا اقتصادياً
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 24 تشرين الثاني 2016 --
- 0 تعليقات
ما يجري أمام عدسات الكاميرات لا يختلف كثيراً عما يجري خلفها فيما يتعلق بالدور الروسي في سوريا.. فروسيا لا تتحرج أبداً من إظهار نهمها في إطار السباق الدولي لاقتسام الكعكة السورية.. ولعل الأفضلية التي تتمتع بها روسيا عن الآخرين، بأنها تصر على شرعية النظام وتتمسك بها لأن ذلك يسهل من فرص استثمارها للسيطرة على البلد، بينما يسعى الآخرون لمنح الشرعية لهذا أو لذاك لتحيق أطماعهم على الأرض السورية..
روسيا أدركت مؤخراً أن الدعم العسكري والسياسي لا يكفي لوحده لأن تأكل وجبتها السورية بنهم، كما أن مظاهر الانبطاح الثقافي التي أبداها النظام، من خلال فرض تعليم اللغة الروسية في المدارس، لا تسمن ولا تغني عن جوع بالنسبة لروسيا، وهي في العموم أقصى ما يملكه النظام، لرد الجميل لروسيا التي حافظت على وجوده حتى الآن..
أما ما تطمح به روسيا فهو أبعد من ذلك بكثير، وعلى ما يبدو أنها بدأت بوضع اللمسات الأخيرة لفرض سيطرتها الكاملة على النظام وعلى البلد بالدرجة الأولى.. فما هي هذه اللمسات وما هي دلالاتها..؟
كلنا يذكر أن النظام سعى جاهداً في السنوات الأربع الأولى من الثورة لكي يقترض من روسيا على الأقل مليار دولار، وكل محاولاته باءت الفشل، وأعلنت روسيا أنها لا تستطيع أن تقرض من لا يملك سبل سداد هذا الدين..
ثم كانت الخطوة القاصمة التي اتبعها النظام، من خلال جلب الروس إلى البلد والاستعانة بهم عسكرياً، وكانت رؤيته لهذا التدخل بأنه لا بد أن يتبعه مساعدة اقتصادية، بعد أن يتعرف الروس على طبيعة القيمة الاستراتيجية التي سيحصلون عليها عبر السيطرة على سوريا..
وهو بالفعل ما تحقق.. حيث أن روسيا منذ عام وحتى اليوم، هي من تتكفل بمصاريف الاقتصاد السوري الرئيسية من قمح ومحروقات وهي تقريباً تستهلك نصف الموازنة السنوية..
الأطماع الروسية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أرسلت بالأمس نائب رئيس الوزراء الروسي "ديمتري راغوزين" على رأس وفد اقتصادي كبير، اجتمع مع بشار الأسد ورئيس الحكومة عماد خميس، وأعلن صراحة أن بوتين أرسله لكي يتعرف على الواقع الاقتصادي عن قرب، ويتعرف كذلك على الاحتياجات الحقيقية للاقتصاد السوري وبما يخدم الاقتصاد الروسي..
مسؤولو النظام من جهتهم تحدثوا عن عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية التي سيجري توقيعها مع روسيا، وهي تشبه إلى حد كبير اتفاقية التعاون والأخوة التي وقعها حافظ أسد مع إلياس الهرواي إبان توليه للرئاسة في لبنان بداية التسعينيات من القرن الماضي، ومن خلال هذه الاتفاقيات استطاع النظام أن يبتلع لبنان بالكامل..
فعلى ما يبدو أن الكأس دارت هذه المرة، ليشرب منها النظام وبنفس الطريقة التي سقى بها جيرانه.. لكن سيان عندما يكون الطرف المتحكم هو روسيا..!!
إذاً، روسيا بدأت تتعامل على أنها الطرف الأقوى في سوريا، وهي لا تشعر بالقلق إزاء تحركات الآخرين من الدول الإقليمية التي بدا واضحاً أن أقصى ما تسعى إليه هو توسيع رقعة أراضيها فقط، بينما تتطلع روسيا لدور أعمق يجعلها تقف في أقصى الشمال السوري وتستشرف كل المشاريع المستقبلية التي كانت تريد النيل من مكانة روسيا اقتصادياً وبالذات خط الغاز القطري الذي كان سيهدد وجود روسيا بالكامل على الساحة الدولية، فيما لو تم تحقيقه ووصل إلى الأراضي التركية عبر سوريا، ومنها إلى أوروبا..
روسيا اليوم هي الأقوى على الساحة السورية، ما لم تحدث مفاجآت.. لكن ما هو مؤكد أنها لن تبقي على هذا النظام مهما قدم لها من خدمات.. هي اليوم تضع لمساتها الأخيرة للسيطرة على الاقتصاد السوري بمساعدة هذا النظام، وعندما يكون لها ذلك، فلا داعي بعدها للإبقاء على نظام، بدأت تتنامى مشاعر الغضب نحوه من المؤيدين قبل المعارضين.. وروسيا هي الأعلم بذلك..

التعليق