اقتصاديات.. حمير سوريا ورسائل النظام الشفهية
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 04 آذار 2017 --
- 0 تعليقات
للمرة الثانية خلال أقل من عام، تخرج وزارة الزراعة التابعة للنظام، لتقدم إحصاءات عن ثروة الحمير في سوريا وتراجعها المستمر بالمقارنة مع الفترة ما قبل العام 2011، أي قبل الثورة السورية، وسط استغراب الجميع عن أهمية هذه الاحصاءات وهدفها..
وقد لقي التقرير أول مرة سخرية كبيرة من المؤيدين والمعارضين على حد سواء، لدرجة ظن كثيرون أن تغييرات كبيرة سوف تطال وزارة الزراعة على خلفية هذا التقرير، إلا أن المفاجأة كانت عندما أعادت الوزارة بالأمس الحديث مرة أخرى عن تراجع أعداد الحمير في سوريا إلى 75 ألف حمار بدلاً من 79 ألفا مقارنة بالتقرير الأول.
فما سبب إصرار الوزارة على تصدير مثل هذه التقارير التي لا قيمة لها و تخلو من المؤشرات المفيدة بحسب الكثير من المتابعين..؟
بالنسبة لنا نرى أن الأمر ليس بريئاً لذاته، بل إن النظام وعبر إصراره على الحديث عن تراجع ثروة الحمير في سوريا، وتقديم إحصاءات دقيقة وبالحمار عن أماكن تواجدها وأعدادها، إنما أراد أن يوصل الكثير من الرسائل عبرها..
فمن جهة كيف تسنى للنظام أن يحصي أعداد الحمير في ظل ظروف الحرب الحالية، وفي الوقت الذي يعجز فيه عن تقديم إحصاءات لقضايا أبسط منها..
ومن جهة ثانية، إن أعداد الحمير المقدرة بـأكثر من 75 ألفا، والتي يقول النظام بأنها كانت أكثر من 100 ألف قبل العام 2011، هي أرقام غير حقيقية على الإطلاق، وقد دفعني الفضول للاستعانة بأحد الزملاء الذين كانوا على صلة وثيقة بوزارة الزراعة قبل العام 2011، لسؤاله عن هذا الأمر، وفيما إذا كان على اطلاع سابقاً بوجود إحصاءات عن أعداد الحمير في سوريا، فأخبرني هذا الزميل، أنه على مدى تعامله مع وزارة الزراعة البالغ أكثر من 15 عاماً، لم يسمع من قبل أو يطلع على أن الوزارة لديها إحصاءات عن أعداد الحمير في سوريا، بل الوزارة لم تكن تنظر إليها على أنها ثروة حيوانية من الأساس..!!
إذاً، ما هي الرسائل التي أرادت إيصالها، وزارة الزراعة ومن خلفها النظام، عبر الإصرار على الحديث عن ثروة الحمير في سوريا..؟!
بكل تأكيد هناك رسائل كثيرة فيما لو حاولنا تحويل الموضوع إلى مجازي، ولكننا سوف نتحدث عن رسالة واحدة وهي المتضمنة في تصريح معاون وزير الزراعة هيثم حيدر، الذي أطلق بها إحصاءاته خلال مقابلة مصورة أو إذاعية..
الرسالة هي عندما تم سؤاله عن أسباب تراجع ثروة الحمير في سوريا، إذ كان من ضمن الأسباب التي ساقها، هو ذبحها وبيعها على أنها لحوم أبقار بسبب ارتفاع أسعار اللحوم بشكل عام، معلناً أنه من الصعب تمييز لحوم الحمير عن لحوم الأبقار سوى بالتحليل المخبري.. ثم عاد واستبعد هذا السبب، بسبب ارتفاع أسعار الحمير إلى ما يقارب أسعار الأبقار، بالإضافة إلى أن الحاجة إلى استخدامها كوسيلة نقل في ظل ارتفاع أسعار الوقود، حولها إلى ثروة وطنية يسعى الناس للحفاظ عليها من تلقاء أنفسهم..
في الحقيقة أنه أراد تثبيت هذه الرسالة، وليس المرور عليها ومن ثم استبعادها..
إن النظام يريد أن يقول لمواطنيه، احذروا أكل اللحوم.. فقد تأكلون لحوم الحمير دون أن تدرون.. وخصوصاً أن هذه الإحصاءات ترافقت مع إحصاءات أخرى، لم تسلط عليها وسائل الإعلام الضوء، وتتحدث عن تراجع مخيف في أعداد الثروة البقرية في سوريا، ومحاولات النظام لاستيرادها من دول أخرى، دون أن ينحج حتى الآن..!!
أظن هذه إحدى الرسائل التي أراد النظام إيصالها عبر هذه الإحصائيات، مع إمكانية التقاط رسائل أخرى، بما فيها تصوير الحكومة على أنها "مسخرة"..

التعليق