اقتصاديات.. لماذا طرطوس؟
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 15 نيسان 2017 --
- 0 تعليقات
من يتابع نشاطات رئيس حكومة النظام عماد خميس الذي يزور محافظة طرطوس برفقة أهم ستة وزراء في حكومته، وهم الإسكان والنقل والتجارة والسياحة والداخلية والنفط، لا يخاله الشك بأن النظام يحاول امتصاص نقمة هذه المحافظة التي دفعت حتى الآن عشرات آلاف القتلى دفاعاً عن نظام الأسد، وفي المقابل لم يستطع أن يقدم لها سوى الوعود بتحسين واقعها الاقتصادي وتقديم خدمات بسيطة لأبنائها ممن تبقوا على قيد الحياة أو ممن يسميهم ذوي القتلى.
الوعود هذه المرة أخذت منحى آخر، فعلى ما يبدو أن طرطوس شعرت بأن النظام "يضحك" عليها، ويحاول تسكين أوجاعها، لهذا سارع بشار الأسد إلى إرسال طاقم حكومي مزود بشتى الصلاحيات، مع شيك مفتوح لكل ما تحتاجه المحافظة من أموال هبطت فجأة على الحكومة، وذلك من أجل أن يستمر أبناؤها في تقديم أرواحهم فداء لسيد الوطن..
وهو ما حدث بالفعل، إذ أن زيارة خميس إلى طرطوس، وهي بالمناسبة، الثالثة له منذ توليه رئاسة الوزراء قبل نحو عام، كان لا بد أن تبدأ بتقديم ما وعدت به خلال الزيارات السابقة، سيما وأن أقصى ما يحلم به أبناء هذه المحافظة هو تصريف دم أبنائهم ببعض التعويضات المالية والوظائف الحكومية، لهذا انقسمت زيارة خميس والوزراء المرافقين له إلى شقين، الأول: الإيحاء بأن النظام لا يسعى لأن يخص طبقة ذوي القتلى ببعض الامتيازات وإنما يسعى لخدمة المحافظة بالكامل، وذلك يضمن له استمرار أبناء المحافظة بتقديم أرواحهم من أجله، أما الشق الثاني، فهو تقديم امتيازات فعلية وحقيقية لذوي القتلى من خلال تقديم فرص عمل لهم وقروض ميسرة لتأسيس مشاريع صغيرة..
ولعل المتابع لنشاطات رئيس الحكومة في طرطوس والوزراء المرافقين له، لا بد أن يشعر أنها تدخل في نطاق الحركات الاستعراضية، أو ما يسمى في علم الاقتصاد، بالحركات الزائدة التي لا تخدم العملية الإنتاجية، فجميع تصريحات الوزراء هناك لم تخرج عن إطار ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام يومياً من حديث عن الواقع الاقتصادي والخسائر الفادحة التي تعرض لها الاقتصاد السوري منذ ست سنوات وحتى الآن، بالإضافة إلى الوعود بوجود آفاق حقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي بالبلد، وهو كما ذكرنا كلام متداول كثيراً في الإعلام ولم يحمل أي جديد..
إذاً، ما هو الجديد فيما يخص طرطوس وسط هذه الحالة الاستعراضية..؟
الجديد هو ما حملته تصريحات خميس ذاتها وما قدمه من أموال لهذه المحافظة والتي بلغت بحسب وسائل إعلام النظام أكثر من 300 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 15 بالمئة من موازنة سوريا، شملت جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية في المحافظة من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وزراعة وصناعة وملاحة وسياحة..
واللافت أكثر هو الحالة التي أراد من خلالها النظام الإيحاء بأنه يختصر سوريا كلها بمحافظة طرطوس.. وهو ما يعني بحسب التجربة أن المحافظة لايزال مطلوب منها تقديم المزيد من القتلى فداء لما بات يعرف بـ "الحيوان"..!!

التعليق