الشعب السوري الفاسد..!


مضحكة تلك التقارير التي تدبجها وسائل إعلام النظام وتحاول الإجابة فيها عن سؤال أسباب ارتفاع الأسعار في سوريا.. فهي كلها تحاول الوصول إلى نتيجة أن الشعب السوري هو الذي تسبب بكل شيء، وأن النظام يحاول إصلاح ما أفسده هذا الشعب..!!

فكرة أن الشعب السوري فاسد، لا تكاد تغيب عن أصغر خبر يخرجه النظام عبر وسائل إعلامه، وهو أمر يعود إلى ما قبل سنوات قيام الثورة السورية، عندما كان يبرر رفعه لأسعار المحروقات، بقيام البعض بسرقة المازوت من أنابيب الضخ أو من خلال تهريبه إلى دول الجوار، وهذا كان يحصل مع جميع الأزمات التي تفرزها الدولة وتحاول أن تجد لها حلولاً من ظهر المواطن..

إلا أنه بعد العام 2011، أصبح التركيز على الشعب السوري أكبر، فهو لم يتسبب بتخريب البلد فقط، بل يحاول تدمير ما تبقى منها، أمام سعي النظام للحفاظ عليها وحمايتها من المؤامرات الداخلية والخارجية..

لذلك وعلى مستوى بسيط وشخصي، أحاول أن أنأى بنفسي دائماً عن الأخذ بالأخبار التي تتحدث عن اكتشاف عمليات غش وفساد في مناطق معينة من سوريا وفي أسواق بعينها.. وغالباً ما تكون هذه المناطق معروفة بمعارضتها الشديدة للنظام، كمدينة حماة وريف دمشق تحديداً.. فهاتان المنطقتان تتصدران حالياً أكثر الأخبار التي تتحدث عن اكتشاف عمليات فساد وغش في تجارة الأغذية، وهو أمر ليس بالصعب اكتشافه إذا ما قمنا بعملية بحث بسيطة بين الأخبار التي تتناول هذا الجانب..

على صعيد ثانٍ، دأبت وسائل إعلام النظام على تحميل الشعب السوري مسؤولية أزمات أكبر من ذلك، مثل أسباب ارتفاع الأسعار في الأسواق وانهيار الليرة السورية وانهيار القدرة الكهربائية للبلد، فجميع هذه الأزمات غالباً سببها الفاسدون من الشعب السوري، الذين يهربون البضائع من وإلى داخل البلد، ويحتكرونها في وقت الأزمات، ويتلاعبون بأسعار الصرف في السوق السوداء ويسرقون الكهرباء، بينما لا تتحدث هذه الوسائل وبتركيز على الفساد الحكومي أو فساد أجهزة المخابرات والجيش وطبقة التجار المرتبطين بالنظام، فهذا الموضوع لازال من المحرمات التطرق إليه، بينما، القاصي والداني، يعرف أنه السبب الفعلي وراء كل الأزمات التي مرت على البلد من أكبرها إلى أصغرها..

مؤخراً، عمدت إحدى وسائل الإعلام إلى إنجاز تقرير عن بذخ الأغنياء على مصروفاتهم الشخصية من أكل ومشرب ومشاوير، وكان التقرير يتحدث عن أغنياء دمشق تحديداً، ووجدت أن ما يصرفه طفل من أبناء هؤلاء الأغنياء على وجبة طعام واحدة أو مشوار مع أصدقائه مثلاً، يعادل راتب وزير لمدة شهر في بعض الأحيان..

أي قارئ لهذا التقرير الذي يفتقد لمصداقية المعلومات والأحداث، لكنه يمتلك مزايا الشد والمتابعة، يكتشف بسهولة الجهات التي تقف وراءه، وكأنه يريد أن يقول أن الوزراء والحكومة والدولة برمتها، هم مساكين.. بينما الشعب هم "الملاعين"..

ترك تعليق

التعليق