"الرزق بدو نطة".. والسوري لا يستكين للفقر


لم يستسلم لوضعه كلاجئ، قرر الاعتماد على نفسه والاستغناء عن حاجة الناس والمنظمات. اشترى خمسين دجاجة وبعض الماشية واستأجر أرضاً وتحول إلى مزارع منتج خلال أشهر بعد وصوله إلى تركيا.

لم أكن مخيراً باللجوء

"مجبراً لا مخيراً أصبحت في تركيا رغماً عن إرادتي، قاتلت نظام الأسد في جبال اللاذقية، تخلى عني الجميع لأنني لم أتنازل للداعمين، اعتمدت على نفسي في تأمين احتياجاتي مع الشباب الذين كانوا بصحبتي من خلال أرضي وزراعتي، واعتمادي على مواسم التفاح والخوخ والخضروات".

"استشهد أخي وابن أخي وبعض الشباب من مجموعتي الصغيرة، وبقينا صامدين، ولكن بعد أن تقدم نظام الأسد واحتل قريتنا اضطررت للجوء إلى تركيا مع أسرتي المكونة من ثلاثة أطفال وأنا وزوجتي".

هكذا روى "أبو شاهر" قصة لجوئه إلى تركيا لـ "اقتصاد".

دجاج بياض

قال: "سكنت في هذه القرية الحدودية وقررت أن لا أطلب مساعدة أحد وأن أعتمد على نفسي، وخصوصاً بعد أن أصبت بمرض السكري ووجع الظهر".

ساعدني أحد الأصدقاء باستئجار أرض تبلغ مساحتها عشر "دونمات" تقريباً، تحوي بئر ماء ومنزلاً صغيراً من غرفتين وصالون وقبو.

وكنت قد اطلعت من خلال الانترنت على كيفية تربية الدجاج البياض، فاشتريت خمسين دجاجة وضعتها في قبو البيت وبدأت أعتني بها، وها هي تنتج بشكل جيد، وأصبحت تغطي مصاريفها مع زيادة قليلة، وأقوم على تأمين احتياجاتها من ماء وغذاء.


كانت تكلفة إطعامها كبيرة ولكنني تمكنت من تخفيض ثلثها بعد إطعامها الشعير المستنبت الذي أزرعه بنفسي في المنزل، وهو غذاء جيد ونتائجه أفضل صحياً على الدجاج، ولكنه لا يكفي، ولا يغني عن الغذاء المركب الذي أشتريه من الأسواق، وذلك لاستكمال العناصر الغذائية التي يحتاجها.


تربية حيوانات اللحوم والألبان

وأكمل: "لم أقف عند هذا الحد بل تمكنت من مشاركة أحد التجار الأتراك الذين يعملون بتربية العجول الصغيرة والأبقار الحلابة، واتفقنا على أن نقوم بتجربة تربية العجول والأبقار في الأرض التي استأجرتها، بالاعتماد على ما تنتجه الأرض في موسم الربيع من الأعشاب وبقايا نباتات الخضروات التي سأزرعها، دون الاعتماد على الأعلاف لمدة أربعة أشهر، فاشترى لي بقرتين وعجلين صغيرين كتجربة، واتفقنا على نسبة معينة نتقاسمها من الأرباح، وسنطور الأمر في المستقبل في حال النجاح، وها هي الأمور تسير بشكل جيد وسأكمل العمل بنفسي إن توقف".

"وكذلك فقد اشتريت عدة رؤوس من الماعز، وأعتني بهم حالياً في الأرض دون أية تكلفة".


زراعة خضروات

"وحالياً أنا أعمل على حراثة الأرض، وسأقوم بزراعتها بالخضروات، بندورة وفليفلة وباذنجان وبامية وفاصولياء، من أجل بيعها بالأسواق، وكذلك سأزرع معظم الأصناف النباتية التي نحتاجها في المنزل، بقدونس نعنع جرجير سلق خس..".

"كما شاركت أحد الأخوة الأتراك وهو خبير بزراعة التبغ بمساحة ثلاثة دونمات منها لزراعتهم بنبات الدخان مقابل أن يعطيني ثلث إنتاجه".


ويتوقع أبو شاهر أن يتمكن من الحصول على مردود مادي جيد يكفي حاجة أسرته وربما يفيض عن حاجته.
 
وختم حديثه لـ "اقتصاد" وهو جالس أمام منزله: "على يميني كسب، وأمامي جبل التركمان، ويساري جبل الأكراد. سأتخلى عن كل ما أكسبه في تركيا فور تحرير قريتي، وشجرة تفاح في بستاني أحب إلي من الدنيا وما فيها".


ترك تعليق

التعليق