في إطار صراع بارد على النفط.. "pyd" يترقب أن يضغط عليه النظام بورقة الموظفين


مازالت حقول رميلان النفطية تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" وإدارة الذاتية عقب انسحاب قوات النظام  منها عام 2012 شمال شرق محافظة الحسكة، يضاف إليها حقول منطقتي "الهول" و"الشدادي" التي  سيطرت عليها بمساعدة قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" نهاية عام 2015 وبداية 2016.

تدير حقول منطقة رميلان شركة تابعة لحكومة النظام، تدفع رواتب نحو 5 آلاف من العاملين فيها، لكنها تعمل تحت إشراف "هيئة الطاقة" التابعة لإدارة حزب "الاتحاد الديمقراطي"، والتي تدفع بدورها رواتب الكوادر المشرفة على عمل "شركة رميلان" أمنياً وإنتاجياً.

وأثير لغط واسع بعد حديث تقارير إعلامية عديدة بداية شهر تموز/يوليو الجاري عن تسليم الإدارة الذاتية الكردية إدارة حقول "رميلان" النفطية لحكومة بشار الأسد المدعومة من إيران وروسيا بغية ترميمها، على اعتبار أن الموظفين المشغلين لهذه المنشآت مازالوا يستلمون رواتبهم من هذه الحكومة، وهي بذلك تتشابه مع جميع القطاعات الأخرى كالتعليم ودوائر النفوس المستمرة في عملها ضمن مناطق سيطرة الحزب الكردي.

وبالنظر إلى أن آلاف ناقلات النفط الخام (صهاريج) القادمة من حقول الحسكة الجنوبية والشمالية تستمر بعبور طريق تل تمر – منبج – حمص إلى مصفاتي بانياس وحمص (طاقتهما التكريرية 240 ألف برميل نفط يومياً)، فإن الانخفاض في حجم المشتقات النفطية في محطات الوقود بالحسكة والزحام على بواباتها نتيجة حتمية لهذا الاستجرار الهائل للنفط بطريقة بدائية لا تختلف عن طريقة نقل تنظيم "الدولة الإسلامية" للنفط الخام حين كان يبسط سيطرته على حقول الشدادي قبل شباط/فبراير 2016.

وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للسكان الذين تخنقهم أزمة نقص بالوقود أثرت حتى على مياه شربهم، لأن هذا الاستجرار الجائر بطريقة عشوائية يؤدي إلى حرمانهم من الحصول على ما يسد حاجتهم من المشتقات النفطية من حقول محافظتهم التي كانت تنتج نحو 120 ألف برميل يومياً قبل عام 2011.

 في هذا الإطار قال مسؤول في هيئة الطاقة التابعة للإدارة الكردية -بعد تردد- إن كل هذه التقارير "مجرد شائعات عارية عن الصحة"، ولا أساس لها.

وكشف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أنهم في "هيئة الطاقة" (المؤسسة المسؤولة عن إدارة القطاع النفطي والكهرباء في الإدارة الكردية)، سوف يبدأون بصرف رواتب شهرية لموظفين حكوميين بحقول النفط بغض النظر عن رواتبهم من حكومة دمشق، وذلك لكسبهم في حال حصل أي تحرك معادي من قبل هذه الحكومة لإعاقة العمل في الحقول الخاضعة لسيطرة القوات الكردية.

وتوقع المسؤول أن تلجأ حكومة الأسد إلى الضغط عليهم بهؤولاء الموظفين، خاصة بعد ضعف التنسيق بين الجانبين.

وفي المقابل، قال موظف في القطاع النفطي لـ "اقتصاد" إن ما وصفتها التقارير بدوائر "المالية والمشتريات وعقود الخدمة" هي بالأصل تابعة لحكومة النظام، لكنها تعمل بإشراف الهيئة التابعة لـ PYD، مشيراً إلى أنهم – الموظفون لدى هيئة الطاقة- طلبوا "أفرولات- (لباس عمل)"، فذهب المسؤولون لشرائها من موظفي شركة "رميلان" الحكومية لأن "المشتريات" تابعة لها.

وبالنسبة لـ "عقود الخدمة" فيُقصد بها كما يقول الموظف شركات أجنبية، وحالياً توجد من شركات عقود الخدمة شركة "دجلة" الألمانية واسمها الأجنبي "غولد ساند"، يعمل فيها موظفون سوريون من الحسكة فقط بسبب ظروف الحرب.

وأكد الموظف وجود تغيرات غير معلنة حصلت في حقول رميلان جعلت رؤسائهم في العمل يطلبون منهم توقيع الاجازات من رئيس الدائرة التابعة لنظام الأسد، الذي يحصل على نسبة 60% من الإنتاج حسب الاتفاقات المبرمة مع PYD حول حماية منشآت رميلان، فيشرف القياديان، "كادران زاغروس وآزاد" على حماية رميلان، والقيادي "حالم" على المصفاة، و"علي شيرو" على معمل الغاز، و"روجهلات" على محطة تل عدس. وهكذا كل محطة يسأل عنها قيادي من الحزب.

أمّا في حقول الشدادي فيشرف عليها قيادي كردي يدعى "بروسك"، وهو الذي يشرف على بيع النفط الخام بسعر 170 دولار للطن بشكل حصري لتاجرين ينقلانه بدورهما إلى مصافي النظام بحمص والساحل. فيما تركت الخزانات مليئة بالغاز الذي يحرق حالياً بالشعلة بانتظار إرسال حكومة الأسد لصهاريج تنقل الغاز إلى حمص. ويذهب مردود الحقول في الشدادي كاملاً لجيوب مسؤولي الحزب، حسب الموظف.

وعلم "قتصاد" أن اتفاقاً عقد بين مديرية الجبسة والقوات المسيطرة عليها (PYD)، لإعادة تفعيل المديرية، ومن المتوقع أن يبدأ العمل بعد أن ترد المديرية العامة للنفط في دمشق على مراسلات مديرية الجبسة بشأن هذا الاتفاق ليتم العمل بشكل رسمي.

ويفوق عدد الآبار النفطية التابعة لمديريتي حقول رميلان والجبسة في الحسكة 2500 بئر بينها أكثر من 30 بئراً غازياً تخضع جميعها لسيطرة مسلحي حزب "الاتحاد الديمقراطي" المدعومين بقوات أمريكية تحت مسمى "التحالف الدولي" اتخذت لها مقرات في مدينتي رميلان والشدادي.

الجدير ذكره، أن أرقام وزارة النفط في حكومة النظام تؤكد أن الخسائر المالية للقطاع النفطي السوري بلغت في ربيع هذا العام 66 مليار دولار، تنوعت بين خسائر مباشرة نتيجة الأعمال الحربية، وأخرى غير مباشرة متعلقة بتوقف العمل. ويحاول النظام مع حليفته روسيا، زيادة إنتاج النفط والغاز بمساعدة الشركات الروسية بعد انتزاعهم السيطرة على حقول ريف الرقة الجنوبي وصحراء تدمر من يد تنظيم "الدولة الإسلامية".

ترك تعليق

التعليق