طالت مليارديراً وأميراً بارزاً.. تفاصيل عن حملة الاعتقالات في السعودية


اعتقلت السلطات السعودية عشرات الأمراء ووزراء سابقين، بينهم ملياردير شهير يمتلك أصولا في شركات غربية كبرى، أمس السبت وذلك في إطار تحقيق واسع النطاق لمكافحة الفساد، ما يعزز سيطرة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده على المملكة.

وقال موظف بارز في مجموعة "المملكة" القابضة التي يمتلكها الأمير الوليد بن طلال، لأسوشيتد برس إن الأمير كان بين المعتقلين.

وأضاف أنه تلقى مكالمات من عدة جهات أمنية تبلغه بالاعتقال.

وتحدث شريطة عدم ذكر اسمه خوفا من عواقب ذلك.

من جانبها، أشادت وسائل إعلام موالية للحكومة السعودية بالاعتقالات المفاجئة التي تشمل اثنين من أبناء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، باعتبارها أكبر مؤشر حتى الآن على ان ولي العهد محمد بن سلمان جاد بشأن الإصلاحات في البلاد، التي تعاني منذ فترة طويلة اتهامات بفساد مستشري على أعلى المستويات في الحكومة.

تأتي هذه الخطوات بعد نحو أسبوعين من استضافة السعودية مؤتمرا استثماريا كبيرا.

يرى محللون أن تحقيق الفساد الذى استهدف أعضاء كبار في الأسرة المالكة هو استعراض لقوة ولي العهد السعودي الذي يهدف إلى تقويض أي منافسين محتملين له.

في السياق ذاته، قال مسؤول سعودي له صلات أمنية وثيقة إن 11 أميرا و38 وزيرا حكوميا سابقا ونائبا ورجل أعمال اعتقلوا في فنادق خمس نجوم بمختلف أرجاء العاصمة الرياض.

تحدث المسؤول للأسوشيتد برس شريطة التكتم على هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام.

حجم الاعتقالات لم يسبق له مثيل في المملكة، حيث كان ينظر منذ فترة طويلة إلى كبار أعضاء الأسرة المالكة وشركائهم في الأعمال التجارية باعتبارهم رموزا لا يمكن المساس بهم ويبدو أنهم يعملون فوق القانون.

يشكو السعوديون منذ فترة طويلة من الفساد المستشري في الحكومة ونهب الأموال العامة أو إساءة استخدامها من قبل مسؤولين في السلطة.

لم يتضح بعد ما إذا كانت السلطات قد حققت مع الوليد بن طلال وآخرين أم لا.

يعد بن طلال واحدا من أغنى الشخصيات في الشرق الأوسط، ولديه استثمارات في شركات "تويتر"، و"آبل"، و"نيوز كوربوريشن"- التابعة لروبرت مردوخ- و"سيتي غروب"، وسلاسل فنادق "فور سيزونز" و"فيرمونت" و"موفنبيك".

كما يمتلك أصولا في شركتي النقل التشاركي "ليفت" و"كريم"، وكلتاهما منافسة لشركة "أوبر" الأمريكية التي تعمل في الشرق الأوسط.

يعرف الأمير، المعروف بجرأته وصراحته، بالدفاع عن حقوق المرأة منذ وقت طويل.

ويمتلك أيضا مجموعة قنوات "روتانا" العربية الشهيرة.

حاولت أسوشيتد برس الاتصال بإدارة مجموعة "المملكة" للتعليق، لكنها لم تتلق أي رد حتى صباح اليوم الأحد.

من جانبها، قالت وزارة المالية في بيان إن تحقيق مكافحة الفساد "يفتح عهدا جديدا من الشفافية والمساءلة يعزز الثقة في سيادة القانون ويحسن مناخ الاستثمار في المملكة".

في السياق ذاته، أصدرت هيئة كبار العلماء في المملكة بيانا قالت فيه "إن "محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب."

بدر بن محمد العساكر، وهو مسؤول رفيع، أكد الاعتقالات في تغريدة على موقع تويتر الإلكتروني، واصفا ما حدث بأنها "ليلة تاريخية وسوداء على الفاسدين".

أنباء الاعتقالات ترددت في غضون ساعات من إعلان الملك سلمان تشكيل لجنة جديدة لمكافحة الفساد يرأسها نجله، ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما.

أطاح الملك سلمان بأحد أهم الأمراء السعوديين، وهو الأمير متعب بن عبد الله- وزير الحرس الوطني- وعين الأمير خالد بن عياف خلفا له.

والد الأمير متعب هو الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، الذي تولى أيضا وزارة الحرس الوطني وحولها لقوة نافذة ومكلفة بحماية عائلة آل سعود الحاكمة، فضلا عن الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، مواقع النفط والغاز.

وكان ينظر للأمير متعب بأنه أحد المنافسين لتولي عرش المملكة.

يشكل عزله من وزارة الحرس الوطني الإطاحة بأحد أبرز منافسي بن سلمان، الذي جمع قوة هائلة في أقل من ثلاث سنوات منذ جلوس والده على العرش.

وورد أن شقيقه تركي بن عبد الله، الذي كان أميرا للرياض، من بين المعتقلين في هذه الحملة.

يأتي ذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من الإطاحة بولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.

ذكرت حسابات سعودية على (تويتر) أسماء لعدة أمراء استهدفتهم هذه الحملة، بينهم الوليد الإبراهيم، وهو رجل اعمال سعودي قوي له علاقات بالأسرة المالكة التي تدير مجموعة قنوات إم بي سي، وعمرو الدباغ الرئيس السابق لهيئة الاستثمار العامة السعودية، وإبراهيم عساف، وزير المالية السابق، وبكر بن لادن رئيس مجموعة بن لادن السعودية.

كما أشارت تقارير إلى أن المعتقلين احتجزوا في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض، والذي استضاف قبل أيام مؤتمرا استثماريا كبيرا.

لم يتسن لأسوشيتد برس التواصل مع إدارة الفندق صباح اليوم الأحد، كما لم ترد المتحدثة باسم الفندق في دبي على طلب التعليق.

وقالت الحكومة السعودية إن اللجنة العليا لمكافحة الفساد لها الحق في إصدار أوامر اعتقال، وفرض قيود على السفر، وتجميد حسابات مصرفية.

كما يمكنها أيضا تتبع أموالا، ومنع تحويلها أو تصفية أصول، واتخاذ تدابير احترازية أخرى لحين إحالة القضايا إلى المحاكم.

من جانبه قال كريستيان كواتس أولريتشن، زميل الأبحاث في معهد جيمس أ. بيكر الثالث للسياسة العامة في جامعة رايس؛ إن سلسلة الاعتقالات تهدف لتعزيز تولي ولي العهد الشاب لزمام الأمور في المملكة واعتلاءه العرش

وأضاف "كزعيم من المقرر أن يبقى في السلطة لعقود، يعيد محمد بن سلمان تشكيل الأمور المملكة كما في مخيلته. وهذا يشير إلى إمكانية إنهاء الموازنة التوافقية للمصالح المتنافسة التي تميز بها الحكم السعودي في الماضي".

كما تم إعفاء وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه، وتعيين محمد التويجري خلفا له.

كما صدر أمر بإنهاء خدمة الفريق عبدالله السلطان، قائد القوات البحرية، وتعيين الفريق فهد الغفيلي خلفا له.

جاءت هذه الاعتقالات بعد إعلان سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني والحليف المقرب من السعودية، استقالته من الرياض.

في الوقت نفسه، أطلق المتمردون الحوثيون في اليمن صاروخا باليستيا مساء السبت باتجاه مطار الرياض الدولي، والذي اعترضته قوات الدفاع الجوي السعودية قبل أن يتسبب في أي أضرار.

وقالت السلطات السعودية إن قواتها اعترضت صاروخا أطلق باتجاه أحد مطاراتها الدولية الرئيسية شمال شرق الرياض.

يشن تحالف بقيادة السعودية حملة جوية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن منذ مارس / آذار 2015 في حرب دمرت اليمن وقتلت الآلاف.

وردت المملكة على صاروخ الحوثيين خلال الليل بضربات جوية استهدفت مواقع في صنعاء.

دان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق الصاروخ، واتهم إيران بالتورط جزئيا في الهجوم.

وقال "لقد قامت إيران بقصف، أعتقد أنه في السعودية، لكن نظامنا ضربها"، في إشارة لبطاريات صواريخ باتريوت التي اشترتها السعودية من الولايات المتحدة.

وأضاف "هذا يظهر عظمتنا. لا أحد يصنع ما نصنع، والآن نبيع هذه البطاريات في جميع أنحاء العالم".

لم يتضح ما إذا كان لواشنطن موقف من الاعتقالات أم لا.

يذكر أن صهر ترامب والمستشار بالبيت الأبيض جاريد كوشنر ومسؤولين آخرين قاموا بزيارة مفاجئة للرياض مؤخرا.

وقال ترامب صباح السبت إنه تحدث مع الملك سلمان حول إدراج شركة أرامكو السعودية للنفط في الولايات المتحدة.

ترك تعليق

التعليق