رياض عيسى شاليش.. من الآباء المؤسسين للفساد والسرقة في سوريا


لا يوجد الكثير من التوثيقات المكتوبة التي تقول لنا من يكون رياض عيس شاليش، ودوره في سرقة أموال الشعب السوري في فترة مبكرة من حكم حافظ الأسد. لكن في المقابل تستطيع أن تسمع عنه آلاف القصص والروايات، التي لا يزال يتناقلها الناس منذ الثمانينيات وحتى اليوم.. وجميعها تتحدث عن الأساليب القذرة التي كان يمارسها شاليش وأخاه ذو الهمة على مرأى من الجميع، وينهبان بواسطتها خيرات البلد، ويوظفانها في أعمال الفساد والتشبيح.

ويعتقد الكثير من المتابعين، أن أموال المساعدات الطائلة التي كانت تنهال على سوريا من دول الخليج العربي، والتي استمرت حتى بداية الثمانينيات، وكانت تقدر بـ 2 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل أربعة أضعاف الموازنة السورية في ذلك الوقت، إنما بددها حافظ الأسد عبر إعطاء صلاحيات لرجاله والمقربين منه، لصرفها دون حسيب أو رقيب. ومنهم كان ابن أخته، رياض عيسى شاليش.

كذلك تشير المعطيات، إلى أن أموال العراق في الفترة إبان الحصار الذي استمر من العام 1992 وحتى العام 2003، إلى حين إسقاط نظام صدام حسين، إنما نهبها أركان النظام السوري، ومنهم كذلك رياض عيسى شاليش وأخاه ذو الهمة، رئيس الحرس الشخصي لحافظ الأسد وبشار الأسد بعده. وهي أموال تقدر بعشرات مليارات الدولارات، وقد نوهت إليها هيئة العقوبات الأمريكية، لدى معاقبتها لرياض شاليش في مطلع العام 2011، إذ أشارت بوضوح إلى هذا الأمر، وبأنهم كان من المساهمين في عمليات تمويل الإرهاب في العراق بعد العام 2003، بالإضافة إلى سرقة أمواله قبل هذا التاريخ.

فمن يكون هذا الرجل..؟

رياض شاليش هو ابن أخت حافظ الأسد، أي ابن عمة بشار، وأول من تنبه لمواهبه في السرقة والاجرام، كان رفعت الأسد، الذي عينه في نهاية السبعبنيات من القرن الماضي مديراً لإسكان سرايا الدفاع وكان برتبة عقيد.. وهي مؤسسة أنشأها رفعت على غرار مؤسسة الإسكان العسكرية، وكانت تتولى مهمة تشييد الأبنية الخاصة بتنظيم سريا الدفاع العسكري فقط.

خلال فترة توليه هذا المنصب الذي استمر فيه حتى مطلع العام 1984، كانت الأموال الموضوعة بين أيدي سرايا الدفاع، تعادل موازنة الدولة السورية في ذلك الوقت، وما عدا ذلك، كانت تعمد إلى نهب ما يصادفها من آليات تابعة لأملاك شخصية أو حكومية، مستفيدة من موقع رفعت الأسد، الذي أصبح بعد العام 1982 فوق الدولة السورية بالكامل.

وينسب لرياض عيسى شاليش، أنه المنفذ لمشاريع عدة في ذلك الوقت، منها مشروع السومرية السكني، بالإضافة إلى الاستيلاء على الأراضي وتقديم مواد البناء الأولية لأبناء الساحل، لكي يبنوا في المزة 86، وغيرها من المناطق حول دمشق.

في منتصف العام 1984، وعلى إثر الأزمة التي حدثت بين الشقيقين حافظ الأسد ورفعت الأسد، تم عزل رياض عيسى شاليش من مؤسسة إسكان السرايا، بعد أن تم ترفيعه إلى رتبة عميد، وتولاها بدلاً عنه "نافذ مرتكوش"، أحد الجياع الذين أتوا بتوصية من كاسر الظاهر، رئيس فرع الشرطة العسكرية في الللاذقية وأحد أبرز المقربين من حافظ الأسد.. وتم تحويل اسمها من إسكان السرايا إلى الوحدة "481".

بقي رياض عيسى شاليش مجمداً حتى العام 1990، ويقال أنه تم إلحاقه بمؤسسة الإسكان العسكرية التي كان يتولاها اللواء خليل بهلول في ذلك الوقت، لكنه لم يمارس أي دور بها. ثم تولاها شاليش بعده.

النقلة النوعية الثانية في حياة شاليش، كانت بتوليته مديراً لمؤسسة تنفيذ الانشاءات العسكرية، والتي قامت ببناء العديد من الضواحي السكنية، مثل ضاحية حرستا في دمشق، وضاحية الوليد في حمص، ثم انتقل للعمل إلى مدينة حمص، حيث أسس شركة اتصالات مع شقيقه ذو الهمة شاليش بالإضافة إلى عملهما سوية في المناقصات الحكومية، التي جنيا منها أموالاً طائلة ونهبا المؤسسات الاقتصادية الحكومية ذات العلاقة بعملها، وعلى رأسها مؤسسة عمران، ومعامل الاسمنت الحكومية والاستيلاء على الحديد المهرب الذي كانت الجمارك تقوم بمصادرته.

ومما يعرف عن رياض شاليش وأخيه ذو الهمة، أنهما كانا يوظفان الآليات الحكومية والمواد الأولية، في تنفيذ المشاريع والتعهدات الخاصة، كما استوليا سوية على الأراضي الزراعية على طريق حرستا، وقاما ببيعها لحسابهما الخاص، فيما بات يعرف فيما بعد، بمعارض السيارات..

نهم رياض شاليش للسرقة والفساد لم يتوقف عند هذا الحد، بل انتقل إلى العراق، حيث لعب دوراً كبيراً في سرقة أموال العراق أيام صدام حسين، بالإضافة إلى تمويل عمليات الإرهاب التي أعقبت سقوطه، وهي أموال تقدر بمليارات الدولارات، ولا أحد يعلم أين ذهبت، لكن أغلب الظن أن شاليش كان يعمل لحساب بشار الأسد في هذه الصفقات، وقام بغسلها في بنك المدينة في بيروت.

أخيراً..

يعتبر رياض عيسى شاليش، فاسداً صغيراً في عائلة النظام الأسدية، إذا ما قورن بغيره من الفاسدين الكبار، ولكن تبرز أهمية الحديث عنه أنه كان من الآباء المؤسسين للفساد والسرقة في سوريا.. ومع ذلك يقدر مراقبون حجم ثروته بأكثر من مليار دولار، عدا عن المنشآت التي يملكها ويسيطر عليها في حمص واللاذقية على وجه التحديد، ولنا أن نتخيل بعد ذلك من يطلق عليهم اسم: الفاسدون الكبار.. فما هو حجم ثرواتهم..؟!

ترك تعليق

التعليق