رجال الأعمال السوريين.. لماذا الجنسية اللبنانية؟


كثرت التحليلات التي تتحدث عن خلفية حصول عدد من رجال الأعمال السوريين على الجنسية اللبنانية، بحسب التسريبات التي كشفت عنها وسائل الإعلام. فمنهم من رأى أن ذلك هروب من حضن النظام، والبعض الآخر تحدث عن أن لبنان، بات مرتعاً للصوص والحرامية، من أركان النظام السوري، وأنه يبيع جنسيته مقابل المال.
 
والأمر من وجهة نظرنا، بعيد كل البعد عن وجهتي النظر هذه، التي تختلط فيها العواطف بالمواقف السياسية.
 
فمن المعروف أن أي رجل أعمال، أول ما يفكر به بعد أن تكثر الأموال بين يديه، هو البحث عن جنسية بلد ثانية، تمكنه من سهولة التحرك، وخصوصاً إذا كان هذا الثري ينتمي إلى بلد مثل سوريا أو العراق أو غيرها من الدول غير المستقرة سياسياً واقتصادياً.
 
وفكرة البحث عن جنسية ثانية فيما يتعلق برجال الأعمال السوريين، تعود إلى نحو ثلاث سنوات، عندما تشكل فريق من الأثرياء وقاموا بزيارة "جزر القمر" واقترحوا عليها منحهم الجنسية مقابل المال. وهو ما حدث بالفعل.

أما بالنسبة للأسماء التي تردد ذكرها على أنها حصلت على الجنسية اللبنانية، ومنهم أبناء هاني مرتضى وأبناء فاروق جود وسامر الفوز وغيرهم الكثير من رجال الأعمال السوريين، فبحسب معلوماتنا، فإن هؤلاء أغلبهم يحملون جنسية دولة أخرى غير سوريا، ومنذ سنوات طويلة.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا الجنسية اللبنانية على وجه التحديد..؟

بداية، لا بد أن نشير، أن رحيل الأموال السورية إلى لبنان، والحصول على جنسيته، يعود إلى الستينيات من القرن الماضي، بعد قرارات التأميم التي اتخذتها دولة الوحدة بين سوريا ومصر.. وقد خسرت سوريا في ذلك الوقت الكثير من رؤوس أموالها، الذين توجهوا إلى لبنان، ونقلوا أموالهم إلى هناك، وحصلوا على الجنسية، وهم لازالوا حتى اليوم هناك.. ومن أمثال هؤلاء، وزير المالية الأسبق حنين صحناوي، وخالد العظم، والكثير من الأثرياء السوريين..

وعندما انطلقت الثورة السورية في العام 2011، كثير منا يتذكر أنه حدثت حركة سحوبات كبيرة من البنوك السورية، الحكومية والخاصة، حتى كادت هذه البنوك أن تعلن إفلاسها.. وبحسب بيانات أعلنت عنها غرفة تجارة دمشق، في العام 2014، فإن حجم الأموال السورية التي تم إيداعها في البنوك اللبنانية، وتعود لرجال أعمال سوريين، تجاوزت العشرين مليار دولار.

لذلك من الطبيعي أن يسعى أصحاب هذه الأموال للحصول على الجنسية اللبنانية، حفاظاً على أموالهم من جهة، وللاستفادة من القوانين اللبنانية، التي تتعامل مع المستثمر الأجنبي والعربي بشكل مختلف عن المستثمر اللبناني من جهة ثانية.. وإلا لو كان الهدف هو الهروب من حضن النظام، أو الحصول على أي جنسية أخرى، لكانت السودان هي وجهة وهدف رجال الأعمال هؤلاء، لأنها طرحت جنسيتها للبيع وبمبلغ زهيد، ويمكن لأي إنسان عادي أن يحصل عليها..

لكن المشكلة كلها، تتعلق بأن أموال هؤلاء موجودة في البنوك اللبنانية، وهم لا يرغبون بنقلها إلى بنوك أخرى، نظراً لما توفره هذه البنوك من امتيازات لا تقدمها غيرها.

ترك تعليق

التعليق