"خلدون الموقع"، والمدينة الصناعية السورية في مصر.. حلم أخذ يتلاشى


يُقدر حجم الاستثمارات السورية في مصر بحوالي 800 مليون دولار، وعدد رجال الأعمال والمستثمرين السوريين في مصر قرابة 30 ألف مستثمر ورجل أعمال، وذلك وفقاً لتصريحات "خلدون الموقع"، رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر.

 وتتركز استثمارات السوريين بمصر، في صناعات الغزل والنسيج والصناعات التكاملية، مثل الإسفنج والورق والصناعات البلاستيكية، إضافة إلى الصناعات الدوائية البسيطة وصناعة الأثاث والمفروشات، بالإضافة إلى المنتجات الغذائية والنشاط التجاري والخدمي من مطاعم ومحلات تجارية واسعة الانتشار.

 وهذا النشاط الاقتصادي للسوريين يختلف باختلاف أوضاعهم المادية ويتوزع بين أصحاب رؤوس الأموال والعمالة التي تضم مصريين وسوريين.

 ويغلب على هذه الاستثمارات المشاريع المتوسطة يليها المشاريع متوسطة الحجم ويليها المشاريع الصغيرة وبدرجة أقل المشاريع الكبيرة.

بداية الحلم

في مطلع عام 2013  قام قرابة 37 مستثمراً سورياً يرغبون في نقل استثماراتهم إلى مصر من سوريا، ويعمل معظمهم بقطاع الغزل والنسيج، بتقديم طلب للحكومة المصرية للحصول على قطعة أرض يرغبون فيها، لإقامة مصانعهم بما يتجاوز 800 ألف متر مربع بالمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان بغرض إنشاء مجتمع صناعي سوري بالمدينة.

 وإثر الإطاحة بمحمد مرسي في مصر، توقف مشروع المدينة الصناعية، بالتزامن مع التضييق على السوريين حينها.

ظهور تجمع رجال الأعمال السوري في مصر

في بداية عام 2013 وبعد قيام نظام الأسد بحل مجالس رجال الأعمال السوريين في الخارج، تم حل مجلس رجال الأعمال السوري المصري، والذي كان يترأسه "خلدون محمد الموقع"، الذي ينحدر من عائلة عريقة وهو من مواليد دمشق ويعمل في سوريا في مجال الألبسة والمنسوجات، وفي مصر لا نشاط صناعي معروف له.

يعرف عن "الموقع" ولاؤه لنظام الأسد منذ انطلاق الثورة السورية، وقام بتأسيس تجمع رجال الأعمال السوري في مصر والذي عقد اجتماعه الأول بمصر بتاريخ 2/1/2013 بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية الذي احتضن المجلس ورعاه، وأكد بمحضر اجتماعه على متابعة نهجه في الفصل بين السياسة والاقتصاد، والتأكيد على دوره الاقتصادي والاجتماعي فقط، تماشياً مع وقوف القاهرة في تلك الفترة مع الثورة السورية ورغبة من "الموقع" في البقاء على مسافة واحدة من النظام والمعارضة في تلك الفترة التي كان نظام الأسد فيها آيلاً للسقوط. وتابع التجمع في فكرة مشروع المدينة الصناعية السورية.

علانية التبعية لنظام الأسد

مع التغييرات السياسية في مصر التي حصلت منتصف عام 2013 قام "خلدون الموقع" وتجمع رجال الأعمال بدور هام في تخفيف الاحتقان ضد السوريين المقيمين في مصر. وبعد استقرار الأوضاع في مصر بدأت العلاقة بين التجمع وبين النظام السوري تنكشف عبر مشاركة السفير السوري في القاهرة بمعظم الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية التي يقيمها التجمع وكذلك مشاركة "خلدون الموقع" في كافة الاحتفالات التي تقيمها السفارة السورية في القاهرة وتمويل هذه الفعاليات.

دور الموقع في إعادة العلاقات الاقتصادية بين نظام الأسد ومصر

قام "الموقع" بعدة زيارات إلى الخارجية المصرية لطرح معاناة المستثمرين السوريين ومن ثم بدأ التوسع حتى تمكن من الوصول لتشكيل لجنة المستثمرين السوريين في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية 10/3/2016، تبعها إعلان المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة المصري عن إنشاء منطقة صناعية سورية متكاملة لصناعة النسيج على مساحة تصل إلى حوالي 500 ألف متر، وعلى إثرها بدأ "الموقع" نشاطه بتوسيع لقاءاته مع رجال الأعمال والمستثمرين السوريين لضمهم إلى هذا المشروع ليضم 100 شركة ومصنع سوري في هذه المنطقة الصناعية.

ومع بداية عام 2017 أخذ هذا التجمع خطاً سياسياً واضحاً بالمساهمة في تطبيع العلاقات الاقتصادية مع نظام الأسد عبر إغراء المستثمرين والشركات المصرية بالعمل في سوريا، وإعادة المستثمرين السوريين إلى سوريا أيضاً للمساهمة بإعادة إعمار البلاد، وهو ما تم فعلاً عبر تنظيم زيارة لوفد من رجال الأعمال المصريين إلى سوريا، في منتصف شهر آب / أغسطس عام 2017، وتكرر الأمر عدة مرات لشركات التطوير العقاري للمساهمة في عملية إعادة الإعمار مع إقرار زيارة في نهاية شهر شباط / فبراير لعام 2018 لحوالي 400 مستثمر ورجل أعمال مصري إلى سوريا.

اتهامات بالخيانة قد تنهي حلم تأسيس مدينة صناعية سورية في مصر

على الرغم من كل ما قدمه "خلدون الموقع" من خدمات كبيرة لنظام الأسد إلا أن سعيه لإقامة مشروع المدينة الصناعية السورية في مصر دعا بعض المتنفذين لتهميش دوره شيئاً فشيئاً لصالح أشخاص أكثر ولاءً له مثل رجل الأعمال، باسل سماقية، بعد اتهامات وجهت لـ "خلدون الموقع" بتوطين رؤوس الأموال السورية في مصر وتشجيع المستثمرين السوريين داخل سوريا للقدوم إلى مصر.

 وتحرك مجموعة رجال أعمال أكثر ولاء للنظام السوري لتشكيل جمعية للمستثمرين السوريين في مصر مع نهاية عام 2016 والتي بدأت تحل محل "الموقع" وتعمل على إعادة رجال الأعمال السوريين إلى سوريا، وتشجع رجال الأعمال المصريين على الاستثمار في سوريا.

وهذه الاتهامات بالتخوين لـ "خلدون الموقع" برزت عبر لقاءات صحفية عديدة منها مع موقع صحيفة تشرين الالكتروني نهاية عام 2017 وآخرها مقال لخبير اقتصادي في نظام الأسد يدعى "ناظم عيد" اتهم رجال الأعمال السوريين الساعين لإقامة المدينة الصناعية في مصر بالخيانة وعنون مقاله "سرقة موصوفة لأموال السوريين..والمتهم حكومات وساسة"، وكذلك يتهم الخبير السلطات المصرية بصيد رأس المال السوري في مصر وتوطينه فيها.

مجمل هذه الاتهامات التي من المتوقع أن تستمر استدعت من "خلدون الموقع" الرد عليها بمقال لتبرئة نفسه من تلك التهم.

كل ما تقدم ربما يشكل إنهاءً لحلم الرجل بالمدينة الصناعية وربما إنهاءً لدوره على خارطة رجال الأعمال السوريين في مصر من خلال دعم تجمعات ورجال أعمال آخرين في مصر وذلك على عادة نظام الأسد بالتخلي عن أزلامه فور انتهاء استخدامهم لخدمته واستغلالهم لتلميع صورته.

ترك تعليق

التعليق