بهدف الحصول على "الجواز الأزرق".. صراع يخوضه السوريون مع مكاتب الأجانب في ألمانيا


تمنح السلطات الألمانية الأجانب ومنهم السوريون الحاصلون على حق اللجوء على أراضيها، وثائق سفر تسمى بالجواز الأزرق (Blauer Pass)، بسبب لونه. وهذه الوثيقة تبقى سارية، طالما أن تصريح الإقامة ساري المفعول.

 أما بالنسبة لمن ليس لديه جواز سفر صادر من بلده، وكان من حقه الحصول على حماية ثانوية أو فرعية، فيجب عليه طلب جواز سفر من سفارة بلده، وفي حال لم تمنحه سفارة بلده جواز سفر، فإنه من حقه أن يطالب بوثيقة سفر للأجانب "Reiseausweis für Ausländer" من  مكتب الأجانب الـ "Ausländerbehörde"، بصفته أجنبياً لاجئاً أو بدون جنسية.

 الكثير من السوريين الحاصلين على حماية ثانوية أو دخلوا إلى ألمانيا بموجب لم الشمل وبرامج إعادة التوطين، يرفضون مراجعة السفارة السورية في برلين لاستصدار جوازات سفر أو تمديد جوازات السفر منتهية الصلاحية، ويطالبون مكاتب الأجانب بإصدار وثائق سفر لهم ولعوائلهم، بسبب مواقفهم المعارضة لنظام الأسد والتكاليف المالية الباهظة التي يراها معظمهم تذهب لتمويل الحملة العسكرية التي يشنها نظام الأسد على السوريين.

كحال "أحمد"، وهو شاب سوري يقيم في مدينة فرانكفورت في مقاطعة هيسين، قال لـ "اقتصاد" إن مكتب الأجانب رفض إعطاءه وثيقة سفر لزيارة أخيه في اليونان، ووجّهه لمراجعة السفارة السورية في برلين للحصول على جواز سفر كونه من أصحاب الحماية الثانوية ويحق له ذلك، إلا أن أحمد يرفض ذلك رفضاً قاطعاً.

أما "محمد" الحاصل على حق اللجوء في مدينة ميونخ جنوب ألمانيا، فقال لـ "اقتصاد" إن مكتب الأجانب طالبه باستصدار جواز سفر سوري لابنه المولود في ألمانيا كشرط لإعطاءه وثيقة الإقامة. وأضاف أنه بعد أخذ ورد مع الموظف المسؤول عنه في مكتب الأجانب وافق على إعطاء ولده إقامة لمدة سنة وفق المادة 33 من قانون الإقامة الألماني.

وليس ببعيد عن ميونخ، يعاني عدد آخر من السوريين الذين دخلوا إلى ألمانيا بموجب برامج إعادة التوطين والقبول الإنساني والذين التقى "اقتصاد" ببعضهم، ممن يخوضون صراعاً قانونياً مع مكتب الأجانب في مدينة باساو الذي يطالبهم بضرورة مراجعة سفارة بلادهم لاستصدار وتمديد جوازات سفرهم، إلا أنهم يرفضون ذلك معللين رفضهم بعدم التعامل مع سفارة النظام والتكاليف المالية الباهظة لاستصدار جوازات سفر إضافة لأجور المواصلات والإقامة في برلين التي تقع على كاهلهم.

وتبلغ  تكلفة استصدار جواز السفر السوري العادي لمدة سنتين أو ست سنوات، 255 يورو، وجواز السفر المستعجل لمدة سنتين أو ست سنوات 680 يورو، وفي المقابل تصل تكلفة وثيقة السفر الألمانية الزرقاء لـ "eReisenausweis الصادرة من مكاتب الأجانب في ألمانيا 56 يورو للأشخاص لمن هم في سن الرابعة العشرين وما فوق، و37.50 يورو لمن هم دون الرابعة والعشرين عاماً.

أنور البني، وهو محامي سوري مقيم في ألمانيا، ويرأس المركز السوري للأبحاث والدراسات، أرسل بريداً رسمياً لوزارة الخارجية الألمانية بيّن فيه أن إرسال السوريين المعارضين لنظام الأسد، إلى سفارة النظام، لاستصدار جوازات سفر، هو أمر مخالف لمبادئ حقوق الإنسان ومساهمةٌ بتمويل الإرهاب والمجرمين من أموال الضحايا أنفسهم، على حد وصفه.

وردت الخارجية الألمانية على رسالة البني بأن مكاتب الأجانب سوف تعمل على دراسة كل حالة على حدى، أي أنها سوف تقوم بدراسة الاعتراضات التي قُدّمت لها من قبل السوريين الرافضين لمراجعة سفارة بلادهم، ومنح وثيقة سفر للمستحقين منهم.

وحول أهمية هذا الرد من الخارجية الألمانية، نوه البني في حديث خاص لـ "اقتصاد" قائلاً إن هذا الرد هام جداً، ويصب في مصلحة السوريين المعارضين لنظام الأسد في ألمانيا، وخاصة من خلال الوعد بدراسة إمكانية منحهم  وثائق سفر، وعدم مطالبتهم بمراجعة السفارة السورية في برلين.

فيما اعتبر الصحفي والحقوقي، حسين غرير، الذي سبق له وعمل على نفس الملف، أن الوثيقة التي حصل عليها المحامي أنور البني من الخارجية الألمانية هي وثيقة قوية ويمكن للمعارضين لنظام الأسد عدم مراجعة السفارة السورية بالاستناد إليها، وتقديمها إلى موظفي دوائر الهجرة.

الدكتور إبراهيم النجار، وهو ألماني من أصل سوري، وعضو في برلمان مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن، شمال ألمانيا، أثنى على الخطوة التي قام بها مركز الدراسات الذي يرأسه البني، لكنه قال في الوقت نفسه، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إن طلب مكاتب الأجانب جوازات سفر من السوريين أصحاب الحماية الثانوية، يأتي في الإطار القانوني الصحيح.

موضحاً أن هدف إرسال السوريين من أصحاب الحماية الثانوية لسفارة بلادهم، هو التحقق من جنسيتهم، خصوصاً بعد انتحال الكثير من طالبي اللجوء من جنسيات أخرى للجنسية السورية.

وأضاف الدكتور النجار، الذي يعمل مستشاراً لشؤون الهجرة لحكومة مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن، أن ألمانيا هي دولة قانون ويمكن لأي سوري يرفض مراجعة السفارة السورية أن يتقدم باعتراض عن طريق محامي، وإرفاق الإثباتات التي لديه لدعم قضيته أمام مكتب الأجانب.

منوهاً إلى ضرورة تكثيف الجهود على المستوى السياسي والقانوني في هذه القضية التي تندرج ضمن اختصاص وزارة الداخلية الألمانية والمكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين.

وختم النجار حديثه لـ "اقتصاد" بحثّ السوريين على الإندماج والعمل، وعدم تغيير الصورة الإيجابية المعروفة عنهم لدى الألمان، داعياً إياهم إلى احترام القانون وإبراز دورهم في جميع مجالات الحياة.

ترك تعليق

التعليق