في "سوريا الأسد".. هل أصبح التقنين الكهربائي إنجازاً؟


تُعاني المناطق الخاضعة لسيطرة "نظام الأسد" في العاصمة دمشق وريفها انقطاعاً طويلاً في التيار الكهربائي، وتشهد تلك المناطق امتعاضاً شعبياً رهيباً جراء زيادة غير مسبوقة بعدد ساعات التقنين حيث وصلت إلى عشرين ساعة يومياً في الكثير من المناطق المُتاخمة لمركز المدينة.

بحسب قاطني العاصمة، فإنّ أهم أسباب زيادة التقنين غياب الإجراءات القانونية بحق المستفيدين من الطاقة الكهربائية بطرقٍ غير شرعية في الأحياء الخاضعة لسيطرة "ميليشيا الدفاع الوطني"، واستخدام الكهرباء كبديل أساسي عن المحروقات لا سيما في التدفئة وتسخين المياه والطباخ الكهربائي بسبب ندرة المحروقات في الأسواق.

 أمّا رسمياً فزيادة ساعات التقنين مُرتبطة كُلّياً بإجراءات الصيانة والإصلاحات للأعطال الناتجة عن زيادة الاستخدامات كبديل عن الوقود والتي تتسبب بارتفاع حمولات الاستهلاك لأكثر من 50%، إضافةً للعقوبات الاقتصادية المفروضة على "نظام الأسد".

محطّات إنتاج كثيرة تضرّرت بنسبة 90% جراء استهدافها بأسلحة "نظام الأسد وإيران وروسيا" أهمّها "زيزون، محردة، الزارة، التيم، حلب البخارية، تشرين" وبلغت خسائر هذا القطاع في عام 2013 حوالي 15 مليار ليرة سورية، وارتفعت في عام 2018 إلى 4 مليار دولار، بحسب البيانات الرسمية الصادرة مؤخّراً عن الدوائر الرسمية في "نظام الاسد"!

وتُقدّر حاجة توليد 5000 ميغا واط من الكهرباء بـ 20 مليون متر مكعب من مادة الغاز و10 آلاف طن من مادة الفيول، بينما وبحسب الكمّيات المتاحة فإنّ مستوى توليد الطاقة انخفض إلى 1200 ميغا واط يومياً.

وعود يتلقاها قاطنو العاصمة وريفها بعودة برنامج تقنين الكهرباء لأربع ساعات وصل، مقابل ساعتين انقطاع، بعد الخروج قريباً من فترة انخفاض درجات الحرارة، إلّا أنّ هذه الوعود غير مبنية على الدراسات والبيانات الرسمية بقدر ما هي متوافقة مع العناوين المُسيّسة ومراعيةً لها. وهنا يتساءل السيد "م, م"، أحد قاطني العاصمة، رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، "هل وصل الكهرباء لأربع ساعات وقطعها لساعتين أمر صحيّ؟، وهل يحتاج لكل تلك التبريرات من جهة، وللتغني فيها كانجاز استراتيجي من جهةٍ أخرى؟".

ويُضيف مُحدّثنا، "ماذا عن ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، ألن يكون له ذات الآثار الناتجة عن انخفاضها في فصل الشتاء، وهل ستتغير التبريرات بمصطلحات تفصيلية مزيّفة جديدة؟".

من الجدير ذكره أنّ المؤسسات الرسمية في "نظام الأسد" أبرمت خلال السنوات القليلة الماضية عقوداً إستراتيجية عديدة مع حليفتها "إيران" تشمل نواحي عديدة منها إعادة إعمار منشآت وشركات توليد الطاقة الكهربائية والمجالات الفنّية والتقنيّة الخاصة بها، وفي تفصيلها نرى أنّ "الأخيرة" أخذت على عاتقها إصلاح محطّة توليد "بانياس" وتوسيعها لتنتج 34 ميغا واط يومياً، وإصلاح محطة توليد "حلب" وتوسيعها ليبلغ إنتاجها 400 ميغا واط يومياً، وإنشاء محطّة جديدة في "اللاذقية" بقدرة انتاجية 54 ميغا واط يومياً، وما زالت كل تلك العقود مُعلّقةً حتى اليوم ولم تُجني ثمن الحبر المكتوبة به.
   
وعلى الرغم من مشاركة 45 شركة عربية ودولية في معرض تخصّصي لـ "الطاقة، التدفئة، التهوية، التبريد، التكييف، تكنولوجيا المياه، الأنظمة البيئية" في دمشق أواخر عام 2017، لم يتحسن مستوى الإنتاج في هذا القطاع إطلاقاً إن لم يكن قد ازداد تدهوراً.

يعتمد إنتاج الكهرباء في سوريا على توفّر مادتي الغاز والفيول، وفي ظل غياب التطوير والتحديث، وانتشار الفساد، وانعدام برامج الحد من الهدر، وعدم تحمل المؤسسات المسؤوليات المنوطة بها، وتغييب الكوادر الشبابية المُؤهّلة وإرسالها للموت في "جيش النظام"، وإقصاء المهندسين المُختصّين، سيبقى إنتاج الكهرباء بالطاقة البديلة بـ "اللواقط الكهروضوئية وغيرها" حلماً لن يعيشه السوريون طالما يُفضّل "مسؤولو النظام" إعادة تماثيل قائدهم الخالد إلى الساحات العامّة عوضاً عن التفكير بحلولٍ جذريةٍ للمشكلات المعيشية. وفي ضوء هذه التفاصيل، سيبقى الضوء غائباً عن قاطني العاصمة دمشق وريفها.

وتحصل شركة الكهرباء في العاصمة دمشق لوحدها على 96,7 مليون ليرة يومياً ثمناً للكهرباء، في حين تبلغ قيمة الكيلو الواط المنزلي الواحد بين صرف 600 كيلو و1000 كيلو واط كل دورة، 3 ليرات سورية، وبين صرف 1001 كيلو و1500 كيلو واط، 6 ليرات، وبين 1501 كيلو و 2500 عشرة ليرات، وفوق 2500 كيلو واط، 29 ليرة سورية.


ترك تعليق

التعليق