ركود الأسواق الدمشقية يصل إلى علب السجائر


منذ تسع سنوات يترك انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة أثراً سلبياً على أسعار كافة المنتجات والمستهلكات الرئيسية والثانوية في أسواق العاصمة دمشق مما يزيد من تفاقم الوضع المعيشي لدى المواطن السوري الفاقد لسوق العمل والمنعزل عن العالم الخارجي رغماً عنه.

وخلال الأيام القليلة الماضية تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز 1200 ليرة سورية رافقه غياب التدخل الوقائي من قبل سلطات نظام الأسد، الأمر الذي دفع الصناعيين والتجار إلى رفع أسعار منتجاتهم قياساً بسعر الصرف، حيث بلغت معظم المواد ضعف أسعارها السابقة.

علب السجائر إحدى المستهلكات الرئيسية التي طالها ارتفاع الأسعار الرهيب وصولاً إلى أكثر من ضعف سعرها قبل أيام بحسب ما قال لـ "اقتصاد"، السيد "م ، أ"، صاحب مركز لتوزيع الدخان في العاصمة دمشق.

وأشار أنّ الطلب على السجائر انخفض لما دون 50% منذ مطلع العام الحالي، وإلى دون 75% منذ منتصف الشهر الحالي، حيث بلغ سعر علبة الحمراء طويلة "قديمة" 400 ليرة سورية، والحمراء طويلة "جديدة" 350 ليرة، الشرق 250، الشام 225، جيتان 950، ماستر 750، يونايتد 650، مانشستر 500، كينت 1550، مالبورو 1800، كلواز أحمر 800 ليرة سورية.

قفزت أسعار علب السجائر "الوطنية والاستيراد" مرات عديدة منذ العام 2011، والأسعار الحالية تبين أن أسعار بعض أصنافها تجاوز 20 ضعفاً.

"أبو خالد" قال لـ "اقتصاد" إنّه مدمن تدخين منذ 15 عاماً، ويرى أنّ الدخان الوطني بلا جودة تُذكر، وعلب السجائر ذات الماركات الأجنبية مرتفعة الثمن، ولا يستطيع شراء أي منها بسبب ضعف مرتبه الشهري الذي لا يتجاوز 170 ألف ليرة سورية بعمل 12 ساعة في اليوم.

ويشير بأنّه يحتاج شهرياً لأكثر من 300 ألف ليرة سورية حتى يصل لمستوى من يعيشون على هامش الحياة نتيجة ظروف الحرب.

أمّا السيدة "حنين" تقول، إن ظروفها تساعدها بعدم التفكير في التخلي عن التدخين، إذ أنّها تعمل في مطعم 4 نجوم وسط دمشق، وتحصل خلال عملها على وجبتين من الطعام لا يقل سعرها عن 5 آلاف ليرة إن اشترتها من مطعم آخر، الأمر الذي يساعدها في توفير ثمن الطعام وصرفه في اقتناء أشياء أخرى.

وتُضيف أنّها لن تتخلى عن التدخين الذي بات المتنفس الوحيد "لفشة الخلق" جراء الحرمان الذي تعيشه كحال الكثير من السوريين الذين يضعون أيّة مادة هم بحاجة لها، في جدول المفاضلات وميزان الأولويات.

لا يوجد مؤشرات على استقرار الأسعار المتداولة في الأسواق، وفي كل لحظة يرد لمراكز التوزيع "جملة" أسعار جديدة وفقاً لسعر صرف الدولار، ومن يتوه من البائعين عن نشرة الأسعار لدقائق قد يتعرض لخسارة حتمية وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد"، السيد "فؤاد"، عامل في مركز لتوزيع الدخان بدمشق.

وأشار فؤاد أنّه خلال دقائق تعرض لخسارة أكثر من 200 دولار بسبب عدم متابعته نشرة الأسعار وبيعه علب السجائر بموجب التسعيرة الواردة قبل ربع ساعة، مُضيفاً أنّ الزبائن اعتادوا السؤال عن سعر صرف الليرة السورية قبل السؤال عن أسعار الدخان، ومنهم من بات يعرف سعر مبيع الدخان عبر تسعيرة صرف العملات.

يعد التبغ الحموي "الفرط" أحد البدائل المطروحة أمام من لا يريد ترك التدخين، حيث يبدأ سعر الكيلو الواحد منه بـ 5 آلاف ليرة وصولاً إلى 25 ألف ليرة بحسب الجودة. وتعد السيجارة الإلكترونية التي يبدأ سعرها بـ 1500 ليرة سورية، بديلاً آخر.

وبحسب فؤاد فإنّ أكثر الناس يشترون التبغ الحموي ذو السعر الأقل، وفي الوقت ذاته يتكلفون ثمن "ورق اللف" أضعافاً مضاعفة عن سعر التبغ. وفي المحصلة مهما تكبد الزبون يبقى أوفر من العلب. أمّا السيجارة الإلكترونية فتفتقد للطلب رغم الإعلانات والدعاية الكبيرة.

وتنتشر في الأسواق الدمشقية الكثير من ماركات علب السجائر غير المعروفة المستوردة إلى داخل سوريا بطرق غير شرعية عبر الحدود اللبنانية والعراقية، لكنها وجراء ملامستها لأسعار الماركات الأجنبية المعروفة أو المنتجات الوطنية، يبتعد الناس عن شرائها.

ويستهلك السوريون يومياً في مناطق سيطرة نظام الأسد 70 طنّاً من الدخان، بحسب آخر بيانات رسمية متعلقة بالأمر صادرة في العام 2017. ويبلغ حجم الدخان المُهرب بطرق غير شرعية 60 طناً بشكل يومي.

ترك تعليق

التعليق