هل يعيش اقتصاد النظام "حركة تصحيحية مجيدة"..؟!


تحاول وسائل إعلام النظام، الترويج للقرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بالاتفاق مع المصرف المركزي، فيما يتعلق بخلق آلية جديدة لتمويل المستوردات، بالإضافة إلى التوسع في استخدام البطاقة الذكية، عبر استجرار بعض المواد الغذائية من خلالها، ناهيك عن مرسومي بشار الأسد مطلع الشهر الماضي، حول الدولار والليرة السورية.. تحاول تلك الوسائل الترويج لكل ذلك والتسويق له، على أنه حركة تصحيحية جديدة يعيشها الاقتصاد السوري، ويهدف لمواجهة العقوبات والحصار الاقتصادي الذي يعانيه النظام، ومن ثم البناء عليه لإحداث نقلة اقتصادية جديدة على صعيد الإنتاج، في استحضارٍ لحصار الثمانينيات من القرن الماضي، والذي استطاعت الحكومة أن تستفيد منه في ذلك الوقت، وتحقق الاكتفاء الذاتي من القمح على وجه الخصوص.

وتتلمس وسائل الإعلام، خطوات ما تسميه تحولاً في الاقتصاد السوري وترى فيه حركة تصحيحية، من خلال الاجتماعات المكثفة التي عقدتها الحكومة وأجهزتها، الأسبوع الماضي، مع الصناعيين ورجال الأعمال، والتي بلغت ثلاثة اجتماعات، انتهت إلى الاتفاق على تمويل 44 مادة أولية للصناعة بدولار تفضيلي بقيمة 700 ليرة، مع إمكانية إلغاء مؤونة الاستيراد لبعض المواد أو تخفيضها والبالغة 40 بالمئة من فاتورة المستورد، بالإضافة إلى زيادة أنواع المواد الغذائية الممولة بسعر صرف 435 ليرة للدولار، وبيعها في صالات السورية للتجارة حصراً.

واليوم، افتتحت وسائل إعلام النظام أخبارها، ببث بشرى للسوريين، بأنها سوف تضم الزيوت والسمون والمعلبات إلى قائمة استخدامات البطاقة الذكية، وبيعها بسعر أقل بـ 50 بالمئة عن سعر السوق، معتبرة ذلك بأنه يدخل في إطار السياسة التصحيحية لمنظومة الاقتصاد السوري، الذي كان يعطي الأولوية لاقتصاد الحرب على حساب اقتصاد المواطن.

ولا تغفل تلك الوسائل بالطبع، نقل أخبار القبض على أشخاص وشركات يتعاملون بغير الليرة السورية، في مخالفة لمرسوم بشار الأسد، حيث تحرص على نشرها يومياً، وتركز من خلالها على أن الأجهزة الرقابية، مستنفرة وتقوم بواجبها على أكمل وجه، وأنها تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه هدم الاقتصاد الوطني، بينما ذكر ناشطون داخل العاصمة دمشق، على وسائل التواصل الاجتماعي، أن من يتم إلقاء القبض عليهم، ونشر أخبارهم، غالباً ما يتم الإفراج عنهم في اليوم التالي، حيث اتضح أن هناك مادة لم تكن واضحة في مرسوم بشار الأسد، والتي لا تجرّم حامل الدولار، وإنما المتعامل به.. وقد استطاع هؤلاء المقبوض عليهم، إثبات أنهم يحملون الدولار ليس بقصد التعامل به، وإنما لأغراض أخرى.

وفيما يخص المحروقات، من غاز ومازوت، توقفت وسائل الإعلام تقريباً، عن ذكر الأزمات فيما يخص توزيع هاتين المادتين، وأعلنت على لسان مدير شركة المحروقات، الذي يدعى مصطفى حصوية، أنها استطاعت أن تكافح الفساد، وتحقق الاستقرار، بحيث لم يعد هناك من يصطفون في أدوار طويلة للحصول على أسطوانة غاز، وأن الأزمة في طريقها إلى الحل.. بينما وصلت إلى "اقتصاد" صور حديثة من حلب، تظهر الناس وهم يصطفون في دور طويل، وكل منهم يستند إلى اسطوانة غازه الفارغة، بانتظار تبديلها.

على أية حال، المتابع لوسائل إعلام النظام اليوم، لا بد أن يلحظ أن هناك عودة إلى فكرة العصافير التي تزقزق، وتصوير الأزمات السابقة على أنها كانت بسبب فساد بضعة تجار من الشعب السوري، وبأنه جارٍ القضاء عليهم.. والأهم من كل ذلك، القول بأن حركة البناء الاقتصادي الفعلي قد بدأت مع مطلع الشهر الجاري.. أي شباط.. وهو الشهر الذي ليس على كلامه "رباط"، بحسب المثل الشعبي السوري.

ترك تعليق

التعليق