كيف أثّر قرار "السجل التجاري الحديث" على بيئة العمل في سوريا؟


سلّط تقرير إعلامي الضوء على أثر قرار حكومة النظام، المتعلّق بالسجل التجاري الحديث، على بيئة العمل التجاري، في البلاد.

كانت وزارة التجارة الداخلية بحكومة النظام قد فرضت على أصحاب المحال التجارية ممن يبيعون جملة ونصف الجملة، الحصول على سجل تجاري حديث في موعد أقصاه منتصف شهر كانون الثاني الجاري متوعدةً من يخالف بعقوبات المرسوم التشريعي رقم 8.

ووفق التقرير الذي نشره موقع "تلفزيون سوريا"، فإن القرار وضع أصحاب المحال بين خيارين، الإغلاق، أو دفع الرشى.

ونقل التقرير عن تجار جملة في العاصمة دمشق قولهم إن "صدور القرار في هذا التوقيت يشكل مزيداً من الضغط والتكاليف على أصحاب المحال التجارية الذي يعانون بالأساس من ارتفاع تكاليف التشغيل مقارنة بالأرباح، عدا عن ضرائب المالية التي تفرضها بين الحين والآخر".

ويخبر صاحب محل نصف جملة ويدعى أبو عدي، موقع "تلفزيون سوريا"، أن "محله الذي يبيع ملابس مستعملة في جديدة عرطوز بريف دمشق لا يمتلك سجلاً تجارياً، ولن يستخرج ذلك السجل حالياً"، مضيفاً أن دخل محله بالكاد يكفي معيشته وأسرته في ظل ضعف القدرة الشرائية للناس.

وأوضح التقرير أن فرض السجل التجاري يشكّل عبئاً مالياً على أصحاب المحال التجارية، إذ تبلغ كلفته نحو 2 مليون ليرة، فضلاً عن شروطه وإجراءاته الإدارية المعقدة، بحسب تصريحات صحفية لعضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق.

ويرى الحلاق، أن السجل إلزامي، ويلزم صاحب المحل أيضاً على تسجيل عماله في التأمينات الاجتماعية وفي غرف التجارة، معتبراً أن هذه السلسلة من الإجراءات المعيقة ذات كلفة عالية على صاحب المحل وقد لا تنطبق على كثير من محالهم بسبب شروط وزارة التموين المتعلقة بالسجل التجاري.

في المقابل تشترط وزارة التموين (التجارة الداخلية) عدة شروط للحصول على السجل التجاري منها، بيانات الترخيص الإداري وملكية العقار ومساحته وعقود الإيجار الحديثة وكشف على المحل التجاري من قبل وزارة التجارة الداخلية وغيرها من الشروط.

وتضع هذه الشروط أصحاب محال الجملة ونصف الجملة أمام خيارين إما الإغلاق أو العمل بشكل مخالف مقابل دفعهم رشىً لمراقبي التموين، وفقاً لتصريحات عضو غرفة تجارة دمشق.

بينما يرى خالد قنواتي وهو صاحب محل جملة في سوق الحريقة بدمشق أن هذا القرار لن يطبق ولن يلتزم به معظم تجار الجملة ونصف الجملة. ويضيف في حديثه لموقع تلفزيون سوريا "محلي يبيع جملة ومفرق ولدي 5 عمال غير مسجلين في التأمينات، وهؤلاء لديهم عوائل يعتاشون من عملهم"، ومن غير الممكن أن يغلق قنواتي محله بسبب صعوبة استخراج سجل تجاري لمحله وفقاً لشروط وزارة التجارة ومنها عقد ملكية أو إيجار، وهي غير محققة لكون محله غير مفرز ولا يمكن إفرازه لوجود ورثة خارج البلاد". كما قال.

ويوضح تقرير موقع "تلفزيون سوريا"، نتائج القرار على شريحة من التجار، إذ لجأ بعض أصحاب المحال لتصفية أعمالهم والاتجاه نحو الإغلاق بسبب فرض السجل التجاري وعدم قدرتهم على استخراجه وكذلك عدم قدرتهم على الاستمرار في دفع الرشى لموظفي التموين لكي يغضوا النظر عنهم، وفقاً لخالد شطي وهو صاحب محل بيع أحذية في منطقة المزة.

ويقول "شطي" لموقع "تلفزيون سوريا": "القرار يسعى لجمع مليارات الليرات من المخالفات التي ستنشأ عن عدم القدرة على تطبيقه حتى منتصف الشهر الجاري". وهو الموعد المحدد من قبل وزارة التموين. مشيراً إلى أنه يعمل وحده في المحل وليس لديه عمال كي يسجلهم في التأمينات وهي إحدى شروط السجل التجاري.

ويعلَّق خبير اقتصادي مقيم في دمشق على قرار السجل التجاري بالقول "السجل التجاري في هذا التوقيت يعتبر لزوم ما لا يلزم"، مضيفاً شرط عدم ذكر اسمه، أن حكومة النظام تصدر قرارات وكأن البلاد في حالة استقرار اقتصادي والإنتاج في أحسن أحواله".

ويذكر الخبير، أن تنظيم العمل الاقتصادي وفرض شروط على إعادة هيكلته تتطلب توافر مقومات العملية الإنتاجية من كهرباء ومياه وخدمات وبنى تحتية وتشريعات مشجعة وليست معيقة، وليس فقط فرض الضرائب والتشريعات التي تهدف إلى التضييق على من تبقى ممن يعمل بهدف كسب عيشه.

ترك تعليق

التعليق