تحليل- الأسد ربما يتوقع مكافأة بعد السماح بفتح معبرين أمام المساعدات


بالسماح بدخول مساعدات إلى شمال غرب سوريا، الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، عبر المزيد من المعابر الحدودية من تركيا، استجاب بذلك رأس النظام، بشار الأسد، لمطالب خصومه الأجانب، والسؤال الذي يطرحه محللون الآن هو: ما الذي قد يريده في المقابل؟

وسيوسع قرار الأسد إمكانية وصول مساعدات الأمم المتحدة إلى السوريين الذين تضرروا من زلزال مدمر أودى بحياة أكثر من 5700 شخص في البلاد، مما يمثل تحولا في موقف دمشق التي عارضت لفترة طويلة تسليم مساعدات عبر الحدود إلى جيب المعارضة.

ويمثل هذا واحدا من طرق عدة يتم من خلالها إرسال المساعدات عبر قنوات دبلوماسية، ويبدو أن الأسد استفاد سياسيا من ذلك ويأمل في تحقيق المزيد من الاستفادة.

وينعم الأسد، المنبوذ من الغرب، بفيض من الدعم من دول عربية أعادت العلاقات معه في السنوات الماضية، لا سيما الإمارات. وقال مسؤولان عربيان التقيا بالأسد إنه أجرى أيضا أول اتصال هاتفي معلن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهي خطوة يهدف إلى البناء عليها.

كما أرسلت السعودية يوم الثلاثاء أول طائرة مساعدات معلن عنها إلى حلب الواقعة تحت سيطرة الأسد، في لفتة بارزة من دولة خليجية لا تزال على خلاف مع رأس النظام السوري. وقبل هذا كانت المساعدات السعودية لضحايا الزلزال تذهب فقط إلى مناطق المعارضة.

وفي غضون ذلك، تبحث تركيا، حيث أودت الكارثة بحياة 31974 شخصا، إعادة فتح معبر حدودي أمام مساعدات الأمم المتحدة للوصول إلى مناطق حكومة النظام، وفقا لمسؤول تركي. وهي خطوة يمكن أن تطور الاتصالات التي تمت في الآونة الأخيرة بين الحكومتين بعد سنوات من العداء.

وسمحت الولايات المتحدة، التي تستبعد إعادة العلاقات مع الأسد، لمدة 180 يوما بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال التي كان من الممكن حظرها بسبب العقوبات التي فرضتها على النظام.

وتقول واشنطن منذ فترة طويلة إن العقوبات لا تعرقل وصول المساعدات.

وارتفعت الليرة السورية منذ القرار (تراجعت لاحقاً).

وقالت الأمم المتحدة إن قرار الأسد السماح للمساعدات بالمرور عبر معبرين حدوديين آخرين لثلاثة أشهر جاء بعد دعوات للسماح بوصول مزيد من المساعدات. وجاء أيضا في وقت دعت فيه الولايات المتحدة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح بفتح المعبرين.

ويتم تسليم مساعدات الأمم المتحدة حاليا عبر معبر واحد سمح به قرار من مجلس الأمن. ويقول دبلوماسيون إنه على الرغم من أن الأسد فقد السيطرة على معظم الحدود المتاخمة لتركيا منذ سنوات، فإن موافقته تعني أن وكالات الأمم المتحدة لا تحتاج إلى قرار آخر من هذا القبيل للدخول من المعبرين الإضافيين.

وقال آرون لوند من مؤسسة سنشري إنترناشيونال البحثية "يبدو هذا إيجابيا بشكل لا لبس فيه، وهذا ليس شيئا يمكنك قوله عن سوريا غالبا هذه الأيام".

* هل هناك اتفاق وراء الكواليس؟

قال لوند "إما أن يكون هناك اتفاق وراء الكواليس يحصل فيه الأسد على شيء في المقابل، أو أنه قرر أن الوقت قد حان لتقديم بادرة حسن نية".

ومضى يقول "فتح هذه المعابر لفترة مؤقتة لا يكلف الأسد شيئا حقا، لكنه يسمح له بالإفلات من الانتقادات ويبرز قدرته على السماح وعدم السماح بإمكانية الوصول إلى الحدود كما يشاء".

وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ردا على سؤال حول القرار خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين، إنه يأمل في أن يكون الأسد جادا.

ومضى برايس يقول "دأب نظام الأسد على الجدل ضد زيادة المعابر الإنسانية. لكن إذا كان النظام جادا بشأن هذا وعلى استعداد لتنفيذ ما يقول، فسيكون هذا جيدا للشعب السوري".

ولم ترد وزارة الإعلام التابعة للنظام على الفور على طلب للتعليق عبر البريد الإلكتروني. ولم تصدر "الرئاسة السورية" أي تصريحات بشأن قرار المعابر.

وجدد سفير النظام لدى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي موقف حكومته بأن المساعدات يجب أن تتم بالتنسيق مع الحكومة وتوصيلها من داخل سوريا وليس عبر الحدود التركية.

ونقلت "الرئاسة" عن الأسد قوله في لقاء مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الثلاثاء إن الحكومة تريد وصول المساعدات إلى جميع المناطق السورية لمساعدة المتضررين.

وضرب الزلزال السوريين الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية حادة بعد أكثر من عقد من صراع أودى بحياة مئات الآلاف وشرد أكثر من نصف سكان سوريا وقسم البلاد.

وأحبطت الخصومة الشديدة بين الأطراف المتناحرة محاولتين على الأقل لتقديم المساعدة إلى الشمال الغربي الخاضع لسيطرة متمردين والذي سجل القسط الأكبر من القتلى حتى الآن. وتضررت مناطق تسيطر عليها النظام بشدة أيضا.

*كسر الحصار

تعهدت الإمارات بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات لسوريا لكنها لم تذكر في أي جزء من سوريا سيتم إنفاق هذه الأموال. وقالت وسائل إعلام موالية إن الدعم الإماراتي للمناطق التابعة للنظام يشمل فريق بحث وإنقاذ.

وزار وزير الخارجية الإماراتي دمشق أيضا.

وقال مصدران خليجيان إن الإمارات التي كانت ذات يوم تدعم أعداء الأسد أصبحت تضغط على الدول العربية الأخرى لإعادة التعامل مع النظام، على الرغم من معارضة حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة.

وتم تعليق عضوية النظام في جامعة الدول العربية عام 2011 مع تصاعد الحرب. لكن مع استعادة الأسد مساحات واسعة من البلاد وتراجع التهديد الداخلي لنظامه، بمساعدة روسيا وإيران، ترى بعض الدول العربية في إعادة التواصل مع الأسد وسيلة لمواجهة نفوذ إيران الشيعية من بين اعتبارات أخرى.

وقال مسؤول عربي اجتمع مع الأسد، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته لأن الاجتماع كان خاصا إن الأسد شعر بالارتياح من مكالمته مع السيسي وقال إن الاتصال سيتم "البناء عليه". وكانت الرئاسة المصرية قد تحدثت عن اتصال مع الأسد في السابع من فبراير شباط لكنها لم تسهب في تفاصيل.

وقال السيسي متحدثا في مؤتمر في دبي إنه ناقش الحاجة إلى مساعدة سوريا مع رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان وإن الإماراتيين يجب أن يفخروا بجهود المساعدة.

وقالت تونس التي قطعت العلاقات مع سوريا قبل عشر سنوات إنها ستعزز علاقاتها مع النظام منذ وقوع الزلزال.

وعبّرت واشنطن عن معارضتها لأي تحركات لإصلاح أو تطبيع العلاقات مع الأسد مشيرة إلى وحشية نظامه خلال الصراع وضرورة رؤية تقدم نحو حل سياسي.

وقال مسؤول عربي آخر اجتمع مع الأسد إن رأس النظام يأمل في أن "يصير التفاف عربي حول سوريا" وأن يساعد العرب في "اختراق الحصار" في إشارة إلى العقوبات.

لكن محللين يقولون إن العقوبات الأمريكية مازالت تعمل ككابح للدول التي تسعى إلى بناء علاقات تجارية.

ترك تعليق

التعليق