إيران ولعبة الاقتصاد السوري الجديدة
- بواسطة فؤاد عبد العزيز – اقتصاد --
- 12 كانون الأول 2023 --
- 0 تعليقات
اهتمام إيران المفاجئ بالاقتصاد السوري، هو عنصر مربك للكثير من المراقبين، فهذه الدولة لا تبني نفوذها بالاعتماد على الاقتصاد، وإنما غالباً ما تلجأ إلى طرق أكثر فاعلية بالنسبة لها، كالجوانب الثقافية والعقائدية، وبما يساعدها على تقسيم المجتمع إلى نصفين غير متكافئين.. الأول ضدها ويشكل الأغلبية ولكنه أعزل، والثاني هو الطرف المسلح والقوي، والذي يفرض ما يريد على جميع الأطراف، وهو ما فعلته في العراق واليمن ولبنان.
أما وقد اختارت إيران تغيير استراتيجيتها في سوريا فهذا يشير إلى وجود ممانعة وصعوبة بدأت تشعر بها في التغلغل داخل المجتمع السوري.. ربما بدفع من النظام ذاته الذي أخذ يدرك بأن إيران تريد تحويل سوريا إلى ما يشبه التجربة العراقية واليمنية، وهو ما لا يناسبه، كون الطائفة التي يمثلها، لا يمكن لها الدخول في العباءة الدينية الإيرانية، بسبب اتساع الشرخ بينهما، وبالذات إذا ما نظرنا إلى الخلافات التاريخية بين الشيعة الإثني عشرية والطائفة العلوية، والتي لا يمكن إصلاحها بكل هذه البساطة.
ومن جهة ثانية فإن النظام يحكم في سوريا، وبالتالي هو ليس بحاجة لمن يفرض وجوده ويعزز قوته، كما هو الأمر في اليمن ولبنان.
ويبقى السؤال إذاً: هل تستطيع إيران أن تحقق عبر الاقتصاد ما كان لها أن تحققه عبر العقيدة..؟!
الكل يدرك أن إيران عملت خلال السنوات الإثني عشر السابقة على جعل سوريا مرتعاً لها كما العراق ولبنان، ودفعت لأجل ذلك بكل طاقتها، وتحملت خسائر كبيرة بالأموال أو الأرواح، دون أن تولي الجانب الاقتصادي أي أهمية، وإنما كان مجهودها منصباً على كيفية خلق مجموعة مسلحة تابعة لها في سوريا، وتحمل عقيدتها، وتدين بالولاء لها..
وعلى ما يبدو أنها فشلت في تحقيق هذا الجانب حتى اليوم، لذلك يرى مراقبون أن توجه إيران نحو السيطرة على الاقتصاد السوري، ليس هدفه تحقيق المنفعة المالية أو الحصول على الديون كما يتم الترويج لذلك إعلامياً، وإنما هو محاولة للضغط على النظام لكي يقبل باستراتيجيتها الأولى، التي لا تتقن سواها، والقائمة كما ذكرنا على إيجاد حزب "إلهي" مسلح يتبع لها.
إذاً، يمكن القول إن النظام يمنح إيران ما تريده من الاقتصاد السوري، مقابل أن يبقى وحيداً في السلطة، "لا شريك له" كما تريد إيران.. ومن جهة ثانية هو يعمل على تقوية جبهته الداخلية كي لا تنفذ إليها إيران.. وهو ما بدا واضحاً من خلال المراسيم والقوانين التي أصدرها رئيس النظام السوري مؤخراً، والتي تخص الجانب العسكري فقط، مثل فتح باب التطوع مقابل مبالغ مالية مجزية، ومن ثم فتح باب البدل العسكري للمتخلفين عن خدمة الاحتياط، وأخيراً المرسوم الذي صدر بالأمس ويخص الاستفادة من الخبرات العسكرية التي تحمل شهادات الدكتوراه والتعاقد معها كمستشارين، ومن ثم منحها رتبة لواء، دون النظر إلى قانون الترقية العسكرية المعمول به.
كل ذلك يشير برأينا، إلى أن أمراً ما يحدث في الخفاء داخل النظام السوري، ويتزامن مع التغلغل الاقتصادي الإيراني في سوريا الذي باتت أهدافه مكشوفة.. أمر يهدف على الأغلب، إلى إعادة بشار الأسد إلى الواجهة السياسية في سوريا من جديد وبقوة أكبر، مستخدماً في ذلك طريقين: الجيش وحزب البعث.. بالنظر إلى أنه تمت الدعوة مؤخراً لعقد اجتماع للجنة المركزية للحزب التي يرأسها بشار الأسد، تمهيداً لعقد مؤتمر عام للحزب في الشهرين القادمين.. فهل سنرى مفاجآت في ذلك المؤتمر من قبيل تخلي بشار الأسد عن رئاسته للحزب..؟، من زاوية أنه "زعيم" لكل سوريا، ولكل السوريين، وليس فقط للـ "البعث" وللـ "البعثيين"، بعد أن أثبتت عدة أحداث احتجاجية، رفض غالبية السوريين لهذا الحزب!
هذا ما يتوقعه بعض المراقبين، ويتأمل الموالون منهم، حدوثه على أرض الواقع.

التعليق