"الاقتصاد"، كلمة السرّ.. كيف قرأ نشطاءٌ إعلان إصابة أسماء الأسد بالسرطان؟


قرأ مراقبون ونشطاء سوريون، الإعلان الرسمي عن إصابة زوجة رأس النظام السوري، بسرطان الدم، بوصفه إجراءً مدبّراً، قد يعني إعادة ترتيب "البيت الداخلي" لرأس هرم النظام، أو قد يعني تغييرات في معادلات النفوذ والسيطرة الاقتصادية، داخل تركيبة الحكم.

كانت "رئاسة الجمهورية" قد أعلنت، يوم الثلاثاء، رسمياً، إصابة أسماء الأسد، بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا). وقال بيان "الرئاسة"، إن تشخيص المرض جاء بعد ظهور أعراض وعلامات سريرية تبعتها سلسلة من الفحوصات.

وعلّق فراس طلاس، نجل وزير الدفاع الأسبق، مصطفى طلاس، على الخبر، عبر حسابه في "فيسبوك"، بالقول: "هذه ليست طريقتهم ولا وضوح هذا التصريح يمت لهم. وراء الأكمة ما وراءها".

كان بيان "الرئاسة" قد أشار إلى أن أسماء الأسد ستخضع لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب. مضيفاً أنها ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة بالفعاليات والأنشطة كجزء من خطة العلاج.

كانت أسماء الأسد قد أحكمت سيطرتها على مفاصل الاقتصاد السوري، خلال السنوات الأخيرة، عبر "مكتب سرّي" يعمل من داخل القصر الرئاسي، ويتولى مهمة الهيمنة على الاقتصاد وإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها، إلى جانب تأمين التمويل لعمليات النظام، وفق تحقيق لصحيفة "فاينينشال تايمز" الأمريكية، صدر قبل نحو سنة.

بدوره، علّق الإعلامي السوري، أنس أزرق، على بيان "الرئاسة"، عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك"، قائلاً: "أعرف النظام جيداً، الشفافية في الإعلان عن مرض أسماء فيه إنَّ. انتبهوا للصياغة، ستبتعد عن أي نشاط!". وعقّب أزرق: "يعني انتظروا طاقماً اقتصادياً جديداً بعد تصفية طاقم أسماء".

وقبل أيام، نشر موقع محلي معارض خبراً يفيد بتعرّض رجل الأعمال المقرّب من أسماء الأسد، يسار إبراهيم، إلى التسمم الحاد عبر مادة كيميائية تسببت بتلف معظم أعضاء جسده الداخلية. وقال موقع "صوت العاصمة"، إن أمن النظام اعتقل ثلاثة من المقربين من يسار إبراهيم، واختفى اثنان آخران، جميعهم متورطون في تسميمه.

ويُعتبر يسار إبراهيم، أبرز أعضاء "المكتب السرّي" الذي يدير عملية الهيمنة على الاقتصاد السوري لصالح بشار الأسد وزوجته، أسماء. وهو يدير امبراطورية من الشركات، بعد الاستحواذ عليها من أصحابها من رجال الأعمال الذين تعرّضوا لحملات متتالية من "المكتب السرّي" في القصر الرئاسي بدمشق.

ووفق موقع "صوت العاصمة"، فإن حادثة تسميم يسار إبراهيم، ترجع إلى نهاية العام الفائت، حين وضع أحد مرافقيه السم له في الطعام، خلال تواجده في أحد المطاعم التي يتردد إليها بشكل دائم. ومنذ ذلك الحين، دخل يسار إبراهيم في رحلة علاج طويلة الأمد، تطلبت عناية خاصة من قبل أطباء القصر الجمهوري، مع استدعاء أطباء أجانب لدراسة حالته. ووفق الموقع، فقد تسبب السم بتلف أجزاء من المعدة والأمعاء جرى استئصالها عبر عدة عمليات جراحية أدخلت يسار إبراهيم في شبه فقدان للوعي وعدم القدرة على الحركة أو ممارسة أعماله.

وبالعودة إلى منشور الإعلامي أنس أزرق، فقد علّق بالقول: "أعتقد أن إبعاد أسماء سببه استياء الحاضنة الاجتماعية للأسد منها ومن بطاقتها الذكية. أسماء هي كبش الأسد الذي تم تضخيم دورها (هي تعمل لصالح الأسد وتوريث ابنها حافظ)".

وتدير شركة "تكامل" مشروع البطاقة الذكية التي يستلم ملايين السوريين، بواسطتها، مخصصاتهم من الوقود والغذائيات والخبز، المدعوم وغير المدعوم –محدّد الكمية-. وتحصل الشركة على رسوم جراء كل معاملة تتم باستخدامها، مما تسبّب بأرباح طائلة للشركة، منذ العام 2014. ويملك شقيق أسماء الأسد، فراس الأخرس، وابن خالتها، مهند الدباغ، أسهماً في "تكامل"، وقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليهما، جراء ذلك. 

وأنهى أنس أزرق، منشوره بالقول: "بشار يعيد ترتيب بيته الداخلي، بيته وليس سورية. الحزب، الأجهزة الأمنية، حلقة الاقتصاد".

ورأى معلّقون ونشطاء، أن إزاحة أسماء الأسد وفريقها الاقتصادي عن سدّة التحكم في اقتصاد البلاد، قد تخدم مصالح ماهر الأسد، شقيق رأس النظام، والذي يقود أقوى فرق "الجيش"، -الفرقة الرابعة-، ويدير شبكة ضخمة من العلاقات الزبائنية المتداخلة مع اقتصاد صناعة وتهريب المخدرات، بالتعاون مع حزب الله، إلى جانب اقتصاد التهريب، عبر السيطرة على أهم المنافذ الحدودية، وتلك التي تربط مناطق سيطرة النظام بمناطق سيطرة القوى الأخرى، داخل سوريا. ناهيك عن إتاوات حواجز الفرقة الرابعة، التي تقطّع أوصال التراب السوري، وتشكّل مصدر دخلٍ ضخم لاقتصاد الفرقة التي يقودها شقيق "الرئيس".

وسبق أن أعلن النظام إصابة أسماء الأسد بسرطان الثدي، عام 2018. وقال إنها تعافت بعد "خوضها رحلة علاج"، استخدمها النظام لتلميع صورة العائلة الحاكمة، حينها، وفق مراقبين.

وأسماء الأسد، ابنة فواز الأخرس، هي مصرفيّة سورية تحمل الجنسية البريطانية، وتبلغ من العمر 48 عاماً، وقد وُلدت ونشأت في بريطانيا، قبل أن تعود إلى سوريا، إثر اقترانها بـ بشار الأسد. ولديها ثلاثة أبناء، حافظ، وزين، وكريم. 

ترك تعليق

التعليق