شبح الإفلاس يلاحق حكومة النظام ..و30 ألفاً يرفضون دفع الضرائب

شبح الإفلاس يطارد حكومة النظام السوري التي تخشى أن تصل إلى لحظة لا تستطيع بها دفع رواتب موظفيها ومنح الميزانيات المؤسسات والوزارات والجهات العامة كي تستمر بالعمل خاصة بعد أن فقدت معظم الاحتياطي النقدي وتراجعت مواردها ومن ضمنها الضرائب إلى درجة كبيرة.

إعفاءات بالجملة 
كما يعود التاجر المفلس إلى دفاتره القديمة، تعود الحكومة اليوم وعبر مراسيم يصدرها رأس النظام إلى قضية مزمنة ومستعصية تتعلق بالتهرب الضريبي، فالإعفاءات التي تم تقديمها أمس عن غرامات ضريبة الأرباح الحقيقية وضرائب رسم الإنفاق الاستهلاكي وغيرها، ليست الأولى التي يقدمها النظام، فمنذ انطلاق الثورة، تتزايد المخاوف من تراجع الموارد بسبب العقوبات من جهة، وتكلفة الحل العسكري من جهة أخرى.

فسبق أن بادر النظام عبر الهيئة العامة للضرائب إلى تمديد مهل التسديد وتقديم تسهيلات في الدفع بالتقسيط، كما أصدر مراسيم مشابهة لمراسيم اليوم عام 2011، وشملت إعفاءات عن غرامات التأخير وفوائدها للبيوع العقارية والأرباح الحقيقية، ومكلفي المنشآت السياحية وغيرها، وأعطت مهلة للتسديد دون نتيجة تذكر.

وتستخدم الحكومة أساليب الترغيب والترهيب, حيث أعلنت المالية في وقت سابق عن ضبط عدة حالات تهرب ضريبي بمئات الملايين.

امتناع عن الدفع
أحد كبار المكلفين -بحسب تصنيف المالية- رجل أعمال وصاحب شركة مقرها دمشق (فضل عدم ذكر اسمه) كشف لـ "اقتصاد "بأنه لن يدفع مهما كانت النتائج، معرباً عن خيبة أمله من سلوك بشارالأسد ونظامه بقصف المدن واستخدام ترسانة الأسلحة التي دفع ثمنها الشعب السوري من أجل تحرير الأراضي السورية المحتلة مضيفاً "لن أسدد الضرائب بعد اليوم لنظام يستخدم أموالنا لشراء وقود لطائرة ودبابات تقتل أطفالنا"
رجل الأعمال ليس الوحيد الذي يمتنع عن دفع الضرائب، فكثير من المكلفين بالأساس لا يدفعون قبل انطلاقة الثورة الثورية لأسباب متعددة تصب كلها في غياب الشفافية والفساد الإداري وانعدام الثقة بإدارة السلطة الحاكمة لمؤسسات الدولة.

ويكشف محامٍ في دمشق لـ "اقتصاد "بأن حجم التهرب الضريبي بين المحامين(مكلفين بضريبة الدخل المقطوع) بلغ نحو 80%، والسبب الرئيسي برأيه هو عدم قناعتهم بنزاهة موظفي التحصيل الضريبي والفساد المستشري الذي لم يترك مجالاً للثقة بمؤسسات الدولة ومسؤوليها.

تحسن وتراجع
كانت مالية دمشق كشفت سابقاً أن إيراداتها من الضرائب لعام 2011 بلغت نحو 150 ملياراً بينما كانت عام 2010 نحو 135 مليار ليرة سورية، ما يشير إلى زيادة 15 مليار ليرة، عزتها المديرية إلى الإعفاءات والتسهيلات الممنوحة عام 2011.
لكن من جهة أخرى كشفت مصادر بوزارة المالية، أن إيرادات مالية كل من محافظات (درعا- حمص- إدلب- حماة)سجلت انخفاضاً في إيرادات التحصيلات الضريبية بمقدار يقارب نسبة 50% عام 2011 بالنظر إلى ظروف التوتر التي تعيشها هذه المحافظات.وفقالصحيفة محلية.

وهددت المالية بأن المستحقات الضريبية التي لم تسدد في المناطق الساخنة والمتوترة في المحافظات السورية لن تطفأ بل هي موجودة في قيود المالية وستتم مطالبة المكلفين بها، وتحصيلها وفق القوانين والأنظمة النافذة مع الأخذ بالحسبان التفريق بين من لم يتمكن من السداد بسبب ظروف منطقته، ومن امتنع عن السداد من نفسه بقرار شخصي.

مصروفات شخصية للمسؤولين
يقدّر الدكتور أكرم الحوراني الأستاذ في كلية الاقتصاد بدمشق في تصريح لصحيفة محلية التهرب الضريبي السنوي وسطياً بنحو 200مليار ليرة سورية سنوياً، وكان وزير المالية السابق محمد جليلاتي كشف بأن عدد المستفيدين من إعفاءات غرامات التأخير بدفع ضريبة الأرباح الحقيقية يصل إلى 30 ألف مكلف، ما يشير إلى مورد كبير وهام للنظام في حال تمكن من تحصيلة. 
وسبب التهرب برأي الحوراني هو "الثقافة الخاطئة لدى بعض رجال الأعمال بأن الضريبة هي عبء عليهم وهذه الضريبة تذهب لخزينة الدولة والدولة غير كفؤة في استخدامها لمصلحة عموم فئات الشعب بل يتهمون الحكومة بأنها تستخدم هذه الضرائب لمصروفات شخصية لمصلحة بعض المسؤولين وتنعكس على أوضاعهم طبعاً" ويستدرك الحوراني قائلاً "هذا الأمر يمكن أن يكون صحيحاً جزئياً لكن في المطلق أمر خاطئ".

التحصيل من الفقراء
يُشار أن سقف الضريبة الممكن جبايتها 28% من صافي الأرباح، وفقاً للمرسوم /51/ ، كانت تقارير حكومية صادرة عام 2008 قدرت أن التهرب الضريبي بحدود 200 مليار ليرة سورية وهو ما يعادل 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي, و 40.5% من حجم الموازنة العامة للدولة.
وبحسب باحثين فإن 80 % من الضرائب المتحصلة هي من ذوي الدخل المحدود، بينما الشركات تدفع من 10 % فقط لا غير.

ترك تعليق

التعليق