أملاك السوريين في مهب الريح ..جراء الفساد والآلة العسكرية

 10آلاف سجل عقاري بحلب عرضة للمياه والقوارض


تتعرض أملاك السوريين يوماً بعد يومٍ للضياع بفعل الآلة العسكرية، كما يتلاشى كل ما يوثق ملكيتهم لها، ليكون الأمر بدايةً لاندثار ثروات ملايين الأشخاص، ومقدمةً للتلاعب بها.

ويبدو المشهد في حلب أكثر تعبيراً عن هذا الحال حيث تحذر مصادر مطلعة من الإهمال الذي تتعرض لها ملفات المصالح العقارية غير المؤتمتة، والتي لم يتم نسخها، وعددها حوالي عشرة آلاف سجل تغطي 12 منطقة عقارية في حلب وثلاثة مناطق في ريفها عفرين وسمعان الأولى والثانية، وبقيت على ما تركه العثمانيون والفرنسيون، وتعرضت خلال الثورة للإهمال نتيجة تكديسها في أقبية وهنغارات غير صالحة للأرشفة وتنتشر فيها المياه والقوارض.

حلب أرض مشاع؟؟

ويتساءل البعض هل يمكن أن تتحول أراضي حلب إلى أرضٍ مشاع؟، ولعل جواب ذلك يكمن في التفاصيل التي يشير إليها أحد المطلعين على واقع الحال أن حوالي ألفي سجل تضرر بفعل المياه، دون أن تحرك إدارة السجل العقاري أي ساكن، كما لم تتم أية معالجة فنية ترميمية أصولية لأوراق هذه السجلات، المهترئة أصلاً قبل أن تتعفن من بدائية طريقة استعمالها، وانتهى خيار المعنيين باستعمال كاميرا ديجيتال للأرشفة والحفظ، وكما هو معلوم من غير الممكن أن يتم توثيق ملكيات بكاميرات يمكن أن تخفي الكثير من المعلومات بسبب رثاثة الورق.

وإذا كان الحال في حلب على هذا الشكل فالصورة أسوأ من ذلك في المناطق العقارية التابعة لريف حلب كمنطقة اعزاز والأتارب والباب والسفيرة ومنبج، وأيضاً في إدلب والمناطق الشمالية الشرقية.

الفساد وحده المستفيد

ورغم تأكيد المصادر عدم وجود نسخة عن هذه الملفات، وغيرها من الوثائق الرسمية التي تهم المواطن، إلا أن عاملين في المصالح العقارية يؤكدون وجود نسخة ميكروفيلم في دمشق ونسخة احتياط في حمص، لكن حتى هذه النسخ لا تحمي ملكية المواطن بسبب إمكانية تعرضها للإتلاف، إذا ما تم اعتمادها كبابٍ للفساد، فالوثائق المتوافرة في دمشق والتي تتعلق بالعقود غير كاملة، وبالتالي من غير الممكن الاعتماد عليها.

واقع المصالح العقارية في تلك المناطق أتى على سبيل المثال لا الحصر، لنقيس عليه الضرر الذي لحق بمصالح المواطنين ووثائفهم، في ظل بيروقراطيةٍ وترهل مؤسساتي وفساد نكل بالمواطن طيلة عقودٍ مرت، وهذا الخراب والإهمال الذي تتعرض له المؤسسات اليوم سيكون مقدمة للفساد، حسب ما يشير خبير اقتصادي -فضل عدم ذكر اسمه-، حيث يؤكد على أن ما يثير المخاوف في الظرف الراهن هو المصالح العقارية إلى جانب الأوقاف كونها تضع يدها على أراضٍ بمساحاتٍ كبيرة "كأملاكٍ عامة"، والتي يمكن أن يتم إتلاف وثائقها من باب الفساد، كما يمكن التلاعب في وثائق الملكيات الخاصة.

ومع أن أتمتة المصالح العقارية كانت أحد المشاريع التي من شأنها أن تخفف مأساة المواطن، إلا أن الخبير الاقتصادي اعتبر التقاء الأتمتة مع الفساد من أخطر الكوارث، فتغيير كلمة على الورق يمكن كشفها بسهولة، كما يمكن ملاحظة وإثبات أي تزوير، لكن في الأتمتة الوضع مختلف، فلو كان هناك "هاكر" من الفاسدين، ستكون المصيبة أكبر من ذلك بكثير، ويعتبر الخبير أن المصالح العقارية ورغم ما تتعرض له اليوم من مشاكل بسبب سوء الأرشفة، إلا أنها من أفضل المؤسسات لسببٍ بسيط أنها بقيت على الوضع الذي تركه الفرنسيون.

ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تشهد البلاد في المرحلة التي تلي سقوط النظام دعاوى عديدة، تتعلق بالملكيات الخاصة، كما سيتلاعب كثيرون بالملكيات العامة، فالمواطن سيدفع ثمن الفساد والآلة العسكرية وترهل النظام المؤسساتي في البلاد.

ترك تعليق

التعليق