مليار ليرة خسائر اقتصادية ما يتجاوز 45% من الناتج المحلي السوري

حلب تشهد أعلى ارتفاع للأسعار... والتجارة أكثر القطاعات تضرراً 

العقوبات الدولية تركت أثراً سلبياً كبيراً على مستوى معيشة السوريين

خسائر ضخمة في قطاع النفط .. وانسحاب الشركات الأجنبية جرّاء العقوبات



ساهمت عدة جهات في حكومة النظام وعلى رأسها المكتب المركزي للإحصاء ومصرف سوريا المركزي بالتعاون مع منظمات المجتمع الأهلي والأمم المتحدة في إعداد تقرير حول الأزمة السورية الجذور والآثار الاقتصادية والاجتماعية، والذي خلص إلى أن الاقتصاد السوري تكبد خسائر اقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي وصلت إلى (664) مليار ليرة سورية بالأسعار الثابتة حتى نهاية عام 2012 بما يعادل 45.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 أما بالأسعار الجارية فتقدر هذه الخسائر ب (24.1 ) مليار دولار أمريكي.

و تجلّى انعكاس هذه الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة حسب التقرير بارتفاع الأسعار الذي كان له تأثيره السلبي على الأسر الهشة، حيث شهدت أسعار الغاز والكهرباء أعلى نسبة ارتفاع يليها الطعام ومشتقات الحليب مروراً بالمشروبات غير الكحولية والسكر ثم الملابس والأحذية وأخيراً الخبز والحبوب، إضافة إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الصيانة والتجهيزات، وسجل أعلى معدل ارتفاع للأسعار في محافظة حلب.

وتوقع التقرير ارتفاع تحويلات العاملين في الخارج خلال عامي الأزمة (2011_2012 ) نتيجة لارتفاع تحويلات المهاجرين لدعم عائلاتهم وأقاربهم في سوريا بما يساهم إيجابياً في ميزان الحساب الجاري، علماً بأن هذه التحويلات بلغت في العام 2010 ما قيمته مليار دولار أمريكي.

وكشف التقرير أن العقوبات المفروضة على سوريا تركت أثراً سلبياً كبيراً على مستوى معيشة السوريين، حيث كبدت الشعب السوري تكلفة اقتصادية مرتفعة ولاسيما الفقراء والفئات الهشة منه، وأسهمت في انخفاض رفاه الأفراد، وقد أعاقت العقوبات تقدم التنمية وازدياد دخل الفرد مما جعل سوريا في مراتب أدنى من المستوى المتوقع للتنمية البشرية مقارنة مع التقدم المحرز قبل عقوبات العام 2011.

وقد عانى قطاع النفط من خسائر ضخمة نتيجة العقوبات وانسحاب الشركات الأجنبية منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011 وتراجع إنتاج النفط بنسبة 47 بالمئة، وتراجعت الصادرات بشكل حاد نظراً لأن الإنتاج النفطي المحلي أصبح بالكاد يكفي لتغطية احتياجات المصارف المحلية وأدى تراجع الإنتاج النفطي إلى خسارة الاقتصاد أحد أهم مصادر القطع الأجنبي مما انعكس على كافة القطاعات الاقتصادية، كما أدت العقوبات التي شملت تقييدات على المعاملات المالية والتأمين والنقل حسب التقرير إلى تعقيدات في استيراد المشتقات النفطية مثل المازوت والغاز المنزلي الأمر الذي خلق أسواقاً سوداء أثرت سلبا على تكلفة المعيشة للأسر.

وفيما يخص هيكلية الصادرات السورية، فقد أشار التقرير إلى تحسنها بسبب التحول باتجاه الصادرات المصنعة وتراجع الصادرات النفطية من 75 بالمئة من إجمالي الصادرات في عام 2000 إلى 46 بالمئة في عام 2010، وخلص التقرير إلى أهمية تطوير استراتيجية الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الطارئة والتي تستهدف إعادة بناء الاستقرار والتضامن الاجتماعيين والتقليل من الأثر السلبي على المواطنين والمناطق المتضررة، واعتبارها خطوة رئيسية مطلوبة ويجب اتخاذها ضمن مقاربة تشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي والمجتمع الدولي.

وتظهر النتائج أن أكثر القطاعات تضررا بالأزمة هي التجارة والنقل والاتصالات فالصناعات التحويلية والاستخراجية، فيما كانت الخسائر في كل من قطاعات الزراعة والبناء والخدمات الحكومية أقل من بقية القطاعات، حيث أصبحت الزراعة القطاع الأسرع نمواً نتيجة لتحسن المناخ بعد تعاقب العديد من سنوات الجفاف ولعبت الظروف المناخية دورا رئيسيا في تخفيض خطورة الأزمة خاصة على المجموعات الهشة في المناطق الزراعية، إلا أن العديد من المزارعين وجدوا صعوبة في الدخول إلى أراضيهم والتنقل وبيع المنتجات نظرا لوجود مسلحين في مناطقهم.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة حاولت تخفيف الضغط على المستهلكين وتخفيف آثار الأزمة على الفقراء من خلال إصدار عدد من التشريعات، المتعلقة بتخفيض التعرفة الجمركية على بعض السلع الرئيسية مثل الرز والسكر والزيوت والشاي والقهوة والحليب، إضافة لقرارات أخرى مثل تسهيل استيراد البضائع الضرورية بما في ذلك المواد الطبية والغذائية، وكان لنشرة أسبوعية تأشيرية لأسعار السلع الأساسية دور في محاولة ضبط السوق، وأعطيت تعليمات لشركات التجارة الداخلية العامة ببيع البضائع الرئيسية بأسعار مخفضة لكسر الاحتكارات.
إضافة إلى ذلك صدر مرسوم بإعادة جدولة القروض غير المدفوعة على الصناعيين إضافة لتسهيل النفاذ لأسواق التصدير البديلة (خاصة إيران والعراق) وأسست حكومة النظام الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية لمنح الإعانات النقدية المباشرة للأسر الفقيرة التي تنطبق عليهم المعايير المطلوبة، وأكد التقرير على ضرورة وجود خطة طوارئ فعّالة لدعم اللاجئين ومتابعة أحوالهم المعيشية وتحسنها، غير أن هذا لم يجد ترجمته العملية على أرض الواقع.وبقي مجرد حبر على ورق وكلام في الهواء.

ترك تعليق

التعليق