رجال أعمال ينقلبون على العهد الجديد

 

حتى الآن، أعلن ثلاثة رجال أعمال معروفين انقلابهم على السلطة الجديدة بدمشق بعد أن أيدوها في البداية وتحمسوا لها، وهم أيمن الأصفري وغسان عبود، ومؤخراً، مأمون الحمصي.. فما السر وراء هذا الانقلاب؟ وهل بالفعل أن ملاحظاتهم السياسية على العهد الجديد واتهامهم له بالإقصاء وتهميش الآخرين، هو من يقف خلف هذا التغير في المواقف، أم وراء الأكمة ما وراءها..؟

يتميز إثنان من رجال الأعمال الذين أعلنوا انقلابهم على السلطة الجديدة، وهما غسان عبود ومأمون الحمصي، أنهم عانوا كثيراً من ظلم نظام الأسد السابق، لكن مظلوميتهم كانت اقتصادية بالدرجة الأولى.. أما بالنسبة لرجل الأعمال أيمن الأصفري، فهو الوحيد من بين كل رجال الأعمال الذين عارضوا الأسد علانية بعد الثورة، ممن لم يتم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة في سوريا، وقبل الثورة لا يوجد ما يشير إلى أن الرجل تعرض لعمليات ابتزاز مالي كتلك التي تعرض لها الحمصي وعبود أو غيرهم، بالإضافة إلى أنه هو بذاته لم يتحدث عن هذا الشيء، بل كل المعلومات تؤكد بأنه كان يحظى بمكانة جيدة عند بشار الأسد، وكان يستقبله بحفاوة كبيرة بحسب ما ذكر بنفسه "الأصفري" في أحد لقاءاته. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه لم ينطلق في معارضته للنظام السابق من مظلومية اقتصادية، وإنما على ما يبدو أن الرجل لديه طموح سياسي ما، سواء كان هذا الطموح يتعلق بشخصه أو ببلده، من أنه يريد لسوريا أن تكون بلداً حراً وديمقراطياً، شأنها شأن الدول الغربية، بحسب ما تحدث أكثر من مرة في لقاءاته.

وإذا اتفقنا على التوصيف السابق لمعارضة رجل الأعمال أيمن الأصفري، سواء للعهد القديم أو الجديد، فهذا يعني بأن معارضة أو انقلاب رجلي الأعمال غسان عبود ومأمون الحمصي على السلطة الجديدة، لا تزال أبعادها شخصية بحتة، شيء له علاقة بالانتقام من سلوك النظام السابق، سيما وأن الرجلين تبنيا في معارضتهما السياسية لنظام بشار الأسد، خطاباً راديكالياً فيه الكثير من العبارات الطائفية، بعكس الأصفري الذي قدم خطاباً براغماتياً، غير منفر لباقي مكونات الشعب السوري من غير الأكثرية السنية.

لذلك لو تابعنا ردود الأفعال على المواقف الجديدة من السلطة بدمشق، لرجلي الأعمال غسان عبود ومأمون الحمصي، لوجدنا أن الأكثرية السنية لم تشعر بالخسارة الفادحة، وباقي المكونات لم تشعر بالمكسب الكبير، لكن بنفس الوقت هناك من استثمر موقفهما في تبرير معارضته للسلطة الجديدة، وبأنهم كانوا منذ البداية ذو وجهة نظر بعيدة.

من جهة ثانية، يجب أن لا نغفل أن رجال الأعمال لا يتدخلون في السياسة بشكل مباشر إلا عندما يتعارض الأمر مع مصالحهم الاقتصادية، وغالباً ما يفضلون الرحيل إلى وجهة أخرى على الدخول في معارك مع السلطة، ما يعني ويشير إلى أن موقف مأمون الحمصي وغسان عبود من السلطة الجديدة، قد تقف خلفه أسباب اقتصادية، حصلت وراء الأبواب المغلقة، وبالذات بالنسبة لرجل الأعمال غسان عبود الذي التقى الرئيس أحمد الشرع أكثر من مرة، وكان من المتحمسين للعهد الجديد، لكن على ما يبدو أن طلباته التي تقدم بها لم يتم الموافقة عليها، أو لم يتم الرد عليها، بحسب ما أكد متابعون، الأمر الذي دفعه لتغيير موقفه من السلطة.

بكل الأحوال، هذا لا يقلل من خطورة انقلاب بعض الشخصيات البارزة ممن كانوا موالين ويرغبون بالعمل مع العهد الجديد، وذهابهم إلى ضفة المعارضة أو المقاطعة، فهو مؤشر على وجود خلل في إدارة السلطة للبلاد، يجب تداركه قبل أن تتسع دائرة المنضوين إلى هذه المقاطعة، وبالذات من المعارضين الشرسين للنظام السابق.

 

 

ترك تعليق

التعليق