أبشري حوران.. لقد عادت البلد إلينا

 

لأول مرة في تاريخهم المعاصر، يتبارى السوريون في إقامة حفلات التبرعات لدعم بلدهم، في خطوة لا يمكن تفسيرها سوى بأن الناس بدأت تشعر بأن البلد عادت إليها، وأن هذه المرافق التي سوف يقدمون المال لها، إنما هي ملكهم ولم تعد ملكاً للسلطة، كما كان الأمر أيام النظام البائد.

على عهد الأسدين، الأب والإبن، كاد أن يتحول موضوع سرقة المال العام أو تخريب المرافق العامة إلى ثقافة شعبية وشيء طبيعي لا يستحق الاستهجان والإستنكار المطلوب، بل أصبحت الناس تبدي إعجابها بالمسؤول الذي يسرق جزءاً من المال العام ويشتغل بالقسم الآخر.. يقولون لك: على الأقل لم يسرق كل المال..

ومحافظة درعا على وجه التحديد، عانت كثيراً من حرامية السلطة الكبار، وبالذات المحافظين الذين كانوا يأتون بعقلية الغزاة والمحتلين.. همهم الوحيد استغلال الناس والسرقة وجمع الثروات، مستفيدين من وضعها المادي الجيد بفضل أبنائها المغتربين منذ عشرات السنين، والذين كانوا يشكلون نحو 10 بالمئة من مجموع السكان.

لقد مر على درعا بدءاً من الثمانينات مجموعة من لصوص السلطة المحترفين، باسم محافظين، وهم مصطفى ميرو، ووليد عثمان ونبيل عمران وفيصل كلثوم، ولكل واحد من هؤلاء قصة وحكاية عند أبناء درعا فيما يتعلق بفسادهم ولصوصيتهم، لكنهم والحق يقال كانوا يشيدون بـ "وليد عثمان"، الذي هو ابن خالة حافظ الأسد، ليس لنزاهته، ولكن لأنه أكثر من سرق من المحافظة، وبنفس الوقت هو أكثر من اشتغل فيها، يقولون: سرق واشتغل.. أما غيره فقد اكتفى بالسرقة فقط.

اليوم أبناء درعا بدأوا يشعرون أن المحافظة عادت إليهم، وها هم يطلقون حملة "أبشري حوران" التي تستهدف جمع تبرعات بقيمة 35 مليون دولار، لإصلاح قطاع الصحة والتعليم فقط، بينما تتطلع الأنظار لجمع أكبر من هذا المبلغ بكثير، وبما يسمح بإصلاح قطاعات أخرى مثل المياه والشوارع والكهرباء وإعادة الإعمار بالإضافة إلى مكافحة الفقر، بقيمة تقدر بمئات ملايين الدولارات.

الأمل كبير بأن تسفر الحملة عن ما هو مأمول منها، وخصوصاً أن أبناء المحافظة وفي جميع دول العالم استنفروا، وبدأوا يبذلون بسخاء وحتى قبل أن تنطلق الحملة.. ما يعني أن الأمور مبشرة، وقد تكون محفزاً لحملات في محافظات أخرى يتم الإعداد لها في الأيام القادمة، من أجل جمع مبالغ أكبر..

الرسالة باختصار: سوف نعيد بناء بلدنا بأيدينا.

 

 

ترك تعليق

التعليق