خلف الحبتور في سوريا.. يا مرحباً يا مرحباً
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 10 ايلول 2025 --
- 0 تعليقات
الاستقبال الحافل لرجل الأعمال الإماراتي الشهير، خلف الحبتور، في سوريا، وهذه التغطية الإعلامية الرسمية غير المسبوقة لمثل هذا النوع من الزيارات، يشير إلى شيء غريب، أكبر بكثير من رغبة السلطة الجديدة للبلاد باجتذاب رؤوس الأموال والمستثمرين العرب. فإذا كان الأمر كذلك، فقد زار سوريا من قبل عدد كبير من رجال الأعمال الخليجيين، وربما أهم بكثير من خلف الحبتور، ومع ذلك لم تتورط وكالة الأنباء الوطنية والإعلام الرسمي بنشر تفاصيل الزيارة واللقاءات مع المسؤولين وتغطية الجولات التي يقوم بها رجل الأعمال للمعالم الأثرية والدينية بمرافقة رسمية، في سابقة لم تحدث، بحدود علمنا، في أي دولة من قبل.
قد يرى البعض أن السر يكمن بهوية الحبتور الإماراتية ذاتها، إذ أنه حتى الآن لم تقدّم الإمارات رسمياً أي دعم حقيقي للتغيرات الجديدة في سوريا مثل باقي دول الخليج العربية، وربما هذا ما دفع السلطة إلى إظهار ود مبالغ فيه تجاه أول رجل أعمال إماراتي يزور سوريا، في محاولة لإيصال رسالة بأن سوريا الجديدة تتغافل عن الماضي بكل مآسيه، سيما وأن الإمارات كان لها دور كبير في دعم النظام البائد ومحاولة إعادة تأهيله في السنوات الخمس الأخيرة. بل إن التقارير الدولية تحدثت سابقاً عن أن السرقات التي قام بها بشار الأسد قبل هروبه بأيام قليلة، كانت وجهتها إلى الإمارات عبر طائرات كانت تحمل الأموال المنهوبة من المصرف المركزي السوري. بالإضافة إلى أن أغلب لصوص النظام السابق وسفاحيه يختبئون اليوم في الإمارات وبحماية رسمية.
وهناك من يرى أن رجل الأعمال خلف الحبتور، يتمتع بخصوصية أكبر بكثير من هويته الإماراتية، فهناك جانب عروبي واضح في شخصيته وأفكاره، وخصوصاً موقفه الواضح من الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، فهو لا يتوانى عن إظهار الدعم لغزة وشجب العدوان عليها وطلب مساعدتها، خلافاً لأغلب رجال الأعمال، الذين يحاولون قدر المستطاع تجنب الإعلان عن مواقفهم السياسية. وغير ذلك، فقد أظهر الحبتور في الكثير من المنشورات التي كان يكتبها على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، حباً كبيراً لسوريا ورغبة في مساعدتها عبر الاستثمار فيها، كما أنه صديق لعدد كبير من رجال الأعمال السوريين المقيمين في الإمارات والذين كان ينشر صور لقاءاته معهم، مع كلمات الحب لسوريا وشعبها، لهذا يرى هؤلاء أن السلطة الجديدة للبلاد أرادت أن تبادر الحب بالحب، عبر استقبال يليق بمكانة خلف الحبتور الاقتصادية والفكرية.
أياً تكن الأسباب التي دفعت السلطة لكسر "بروتوكولات" الإعلام الرسمي، بطريقة غير مسبوقة، فإننا نرى أن هذه الظاهرة يجب أن لا تتوقف عند رجل أعمال بعينه ولأسباب معينة، بل يجب على الدولة أن تفتح ذراعيها قبل كل شيء لأبنائها.. فهناك الكثير من رجال الأعمال السوريين الوطنيين الذين يملكون أموالاً تفوق ربما ما يملكه خلف الحبتور بكثير، لكنهم ينتظرون المبادرة من دولتهم، أن يتم استقبالهم بنفس البشاشة والترحاب، لا أن يتم التعامل معهم على مبدأ: هذه بلدكم.. إن كنتم تريدون تقديم الخير لها، فهذا واجبكم.
ويكفي في هذا المجال أن نذكر أن الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، والحالي عبد الفتاح السيسي، زارا رجل الأعمال السوري محمد صباغ شرباتي أكثر من مرة في معامله، وقدما الدعم له في محاولة لتشجيعه على البقاء في مصر وتوسعة أعماله فيها، لأنهما يعلمان أنه يساهم في دعم الاقتصاد المصري، ورحيله عنه يعني خسارة كبيرة.
للأسف، يبدو أن السلطة الجديدة لا تزال تراهن على الخارج والاستثمارات الخارجية أكثر من رهانها على الداخل واستثمارات رجال الأعمال السوريين، بينما أثبتت التجرية، ومن خلال حملات التبرع التي جرت في عدد من المحافظات، أنه لن يحك جلدك إلا ظفرك..
التعليق