سعر الصرف بعد طرح العملة الجديدة.. إلى أين؟

 

ناقشت صحيفة "الثورة السورية" مع عدد من الخبراء الاقتصاديين، السيناريوهات المحتملة لاتجاه سعر صرف الليرة، بعد طرح العملة الجديدة، مطلع العام 2026. 

ونقلت الصحيفة عن الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر، قوله، إن سوريا أمام ثلاثة  سيناريوهات محتملة لسعر الصرف:

السيناريو الأول (المتفائل – غير مرجح في المدى القصير): استقرار نسبي لسعر الصرف الجديد في حال ترافق إصدار الليرة الجديدة مع إصلاح اقتصادي حقيقي.

السيناريو الثاني (الواقعي – الأكثر احتمالاً): تحسن نفسي قصير الأمد، يعقبه عودة الانخفاض التدريجي نتيجة استمرار الضغوط التضخمية الأساسية.

السيناريو الثالث (المتشائم): في حال استمرار سياسة طباعة العملة الجديدة من دون إجراءات اقتصادية علمية، قد يفقد السوق الثقة، ما يؤدي إلى تراجع سعر الصرف بوتيرة أسرع من السابق.

ويرى اسمندر أن التنبؤ بسعر صرف الليرة بعد طرح العملة الجديدة يُعد معقداً إلى حد ما، كونه يعتمد على عوامل متشابكة، ولا يشكل مجرد نتيجة ميكانيكية لحذف الصفرين.

وقال اسمندر لصحيفة "الثورة السورية"، إن عوامل عدة قد تؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة الجديدة، من بينها غياب الإصلاحات الهيكلية، أي في حال اقتصر التغيير على إعادة التسمية من دون معالجة أسباب التضخم الأساسية، مثل العجز المالي، وطباعة النقود لتمويل الحكومة، وعجز الحساب الجاري.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مصرفية، لم تحددها، قولها إن "خطر التضخم محدود"، لأن الخطوة لا تتضمن توسيع الكتلة النقدية، مشيرة إلى أن المصرف المركزي لن يطبع على المكشوف، ومعتبرة أن أزمة الليرة بمعظمها سياسية بسبب النظام المخلوع، بينما تساعد السياسة الخارجية الحالية على اتخاذ إجراءات اقتصادية فعالة.

وتتوقع المصادر المصرفية أن تتدفق الاستثمارات إلى سوريا بعد اكتمال رفع العقوبات، الأمر الذي من شأنه أن يحرك العجلة الاقتصادية.

من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي خالد التركاوي، أن تحديد سعر صرف العملة الجديدة مقابل العملات الأجنبية من الناحية النظرية يختلف كلياً عن الناحية العملية، لأن الجانب النظري يقوم على حذف الأصفار ضمن قاعدة اقتصادية بحتة تعرف بالتصفير، أي إن طرح العملة لن يحدث أي فرق لجهة قوتها مقابل بقية العملات.

وقال التركاوي لصحيفة "الثورة السورية"، إن تحديد السعر يعتمد بالدرجة الأولى على كمية العرض والطلب ومدى قبولها الشعبي، مشيراً إلى أن الورقة النقدية التي تحمل صورة رأس النظام المخلوع لم تلقَ قبولاً في كثير من المناطق خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن قبول العملة الجديدة في الجغرافية السورية كافة مهم جداً لتحديد سعرها، خاصة مع وجود جيوب لا تسيطر عليها الحكومة السورية مثل مناطق في الجزيرة السورية والسويداء، لأنه في حالة رفض التعامل بها سيقود إلى تحديات ستنعكس على قوتها أمام بقية العملات الأخرى.

وأوضح أن قوة العملة عند طرحها للتداول تعتمد على إجراءات المصرف المركزي عند شراء العملة بتخفيض الكتلة النقدية، لأن ذلك سيؤثر بشكل كبير، فكلما انخفضت الكتلة زادت قيمة الليرة والعكس صحيح.

وتوقع التركاوي أن يكون المصرف المركزي حذراً في المرحلة الأولى لجهة كميات الكتلة النقدية المطروحة، مبيناً أن تحديد القيمة يرجع إلى آليات التقنية الخاصة بالمصرف المركزي عند بدء الطرح وعملية التبديل من العملة القديمة إلى الجديدة.

وبحسب المصادر المصرفية التي نقلت عنها "الثورة السورية"، لن تحمل العملة الجديدة أي صور لشخصيات أو رموز تاريخية، بل ستتضمن رموزاً شاملة تراعي الوحدة الوطنية.

من جانبه، يرى المحاسب القانوني والمستشار المالي والاقتصادي محمد ناصر حمو، أن حذف الصفرين مهم لجهة الحفاظ على استقرار أسعار السلع، وتجنب التضخم المفاجئ، وضبط الأسواق، وتسهيل التكيف التدريجي المدروس مع طرح العملة الجديدة، تجنباً لحدوث تغيرات جذرية في النظام المالي.

وأوضح حمو أن المعروض النقدي الحقيقي لن يطرأ عليه تغير، لأن التعديل يقتصر على طريقة عرض الأرقام، إلا أنه سيعزز القوة الشرائية لليرة من الناحية النفسية، ما يخفف الأعباء المالية عن المواطنين.

وأشار إلى أن قوة العملة الجديدة تبقى مرهونة بتوفر عوامل عدة، أبرزها زيادة الإنتاج المحلي، وارتفاع الناتج الإجمالي، وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، وتراجع معدلات التضخم.

وبحسب المصادر المصرفية التي نقلت عنها "الثورة السورية"، ستكون فترة التعايش (بين العملتين القديمة والجديدة) لمدة ثلاثة أشهر بالحد الأدنى، ويبلغ الحد الأعلى في القانون خمس سنوات.

واعتبر حمو أن فترة التعايش يجب أن تكون قصيرة ولا تتجاوز عاماً واحداً، لتجنب الارتباك وضمان انتقال سلس، داعياً الجهات المعنية إلى تنظيم ورشات توعوية قبل طرح العملة في الأسواق والمصارف.

كان حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر حصرية، قد حدّد في بيان سابق، اليوم الخميس، تاريخ الأول من كانون الثاني 2026 موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، مشيراً إلى صدور المرسوم رقم 293 لعام 2025، المتعلق بولادة العملة السورية الجديدة، "في محطة وطنية مفصلية تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة".

وأعلن الحاكم مساء اليوم الخميس، عن مؤتمر صحفي حول العملة السورية الجديدة، سيُعقد يوم الأحد المقبل 28/12/2025.  موضحاً أنه "سيتم خلال المؤتمر شرح كل تفاصيل عملية الاستبدال (للعملة السورية القديمة)، من المهل والمراكز المعتمدة إلى خطوات التنفيذ، لضمان انتقال سلس وسهل لجميع المواطنين، كما ستتاح الفرصة للإجابة على جميع الاستفسارات مباشرة، بشفافية كاملة".

ترك تعليق

التعليق