ثروات" الشبيحة"..بين نهب البيوت و"أتاوات"الخطف" و"الخوّة"الشهرية


خبير: النظام مرّر 512 ملياراً في
الموازنة لتغطية نفقات الشبيحة

9 ملايين ليرة رواتب شهرية لـ 450 شبيحاً في منطقة واحدة

تخصيص 1300 ربطة خبز لـ"اللجان الشعبية من أصل 4500 ربطة

 

يعاني السواد الأعظم من السوريين العوز وقلة الدخل، في حين تعتبر حصة أسفل الهرم الاجتماعي "الشبيحة" أولوية بالنسبة للنظام السوري، تخصص لها مليارات الليرات سنوياً لدعمها واستمرار بقائها، إلى جانب اكتنازها غير المشروع، بفعل السرقة والنهب.

شريحة جديدة ظهرت في المجتمع السوري، تتمتع بالنفوذ عبر غطاء أمني كامل، استطاعت تكوين ثروة ستغير معالم المجتمع السوري فيما بعد، حيث يقول خبير في الاقتصاد الاجتماعي فضل عدم ذكر اسمه: يحاول النظام السوري ترسيخ التمايز الطبقي والاجتماعي، عبر ظهور طبقة جديدة بدأنا نشاهدها في المجتمع حديثة النعمة نتيجة أعمال السلب والنهب، والابتزاز، لا تحمل أي شهادات كما لا تمتلك أي قيم أخلاقية وإنسانية، يمكن أن تسيطر على المجتمع بشكلٍ كامل، الأمر الذي سيؤدي إلى تفشي الجريمة، وتغير كامل في بنية المجتمع السوري.

ثروة التشبيح

والجريمة التي يشير إليها الخبير، تنتشر بشكلٍ ممنهج، حيث يطلعنا أحد المصادر على ما خفي من علاقةٍ بين الشبيحة والأجهزة الأمنية، فبعد أن يقوم الجيش والأجهزة الأمنية بعمليات الاجتياج، وتنهب من المنازل كل ما خف حمله وغلا ثمنه، تقوم بتعهيدها للجان الشعبية والشبيحة، بثمن مقطوع، ويقوم هؤلاء بالدخول إلى المنطقة ونقل ما فيها من أثاث وممتلكات يمكن بيعها، ويضيف المصدر: في البداية كان الشبيحة يبيعون المسروقات بأسعارٍ بخسة، لكنهم اليوم باتوا يرفعون أسعارهم بعد أن ثبت لهم أن أحداً لا يلاحقهم ويسألهم من أين يأتون بكل هذا.

مظهر آخر من مظاهر جمع الثروة غير المشروعه من قبل الشبيحة كان فاقعاً من خلال تجارة العقارات وتعهد البناء، حيث تم تشييد آلاف المباني المخالفة، امتلكتها الشبيحة، إلى جانب عمليات الخطف وطلب الفدية، والمشاركة في العديد من المنشآت التجارية، ويقول أحد أصحاب المطاعم، لم أستطع إلا الموافقة على شراكة أحد الشبيحة في المنطقة اكتفاءً لشرهم، لأنهم قادرون على إيذائي أنا وعيالي، حيث يأخذ "خوة" شهرية.

وكل ما سبق من اكتنازٍ غير مشروع، وغياب العدالة الاجتماعية، يلامسه المواطن في حياته اليومية، ففي ظل كل ما يقاسيه لتأمين قوته وقوت عياله، يخرج رئيس حكومة النظام وائل الحلقي ويؤكد أن "متطلبات صمود اقتصادنا متوفرة ولدينا احتياطات كبيرة واستراتيجية لمختلف المواد التموينية والاستهلاكية تغطي احتياجات المحافظات كافة ولعدة أشهر"، ويسخر أحد المواطنين من هذا الكلام مؤكداً أن احتياجات الشبيحة فعلاً مؤمّنة، لدعم قدرتهم على الصمود في وجه الشعب، لكنها ليست مؤمّنة للمواطن المشكوك في ولائه للنظام، أو حتى المواطن الذي لا يقدر على فعل التشبيح وحمل السلاح.

لهم ما ليس لغيرهم

وفي الوقت الذي يقف فيه المواطن العادي ساعاتٍ على طوابير الخبز والغاز والمازوت، تُخصص للجان الشعبية حصص بقوائم وأرقامٍ محددة في الأفران والكازيات.
في إحدى المناطق الآمنة تم تخصيص 1300 ربطة خبز للجان الشعبية وعددهم يقارب 450 شخصاً، في حين طاقة الفرن هي بحدود 4500 ربطة خبز يومياً، أي أن ما يقارب 35 % من الإنتاج يتم تحويله للشبيحة، الذين بدورهم يقومون ببيعها في السوق السوداء بسعر يتراوح ما بين 50 إلى 75 ليرة، حسب الضغط والطلب.

وكذلك هو الحال بالنسبة لمادة المازوت والغاز حيث قامت الأجهزة الأمنية في الفترة الماضية بتخصيص 100 أسطوانة غاز أسبوعياً تصل لكل شبيح حسب أحيائهم، يقومون بتوزيعها بمعرفتهم.

وإلى جانب ما يتم تخصيصه للجان من مستلزمات معيشة، وفي الوقت الذي يعاني الشباب السوري من بطالةٍ فاقت 35 %، تم تخصيص رواتب شهرية للشبيحة تتراوح ما بين 15 ألف إلى 20 ألف ليرة، مع محاولاتٍ مستمرة في تجنيد الشباب حتى من النازحين والمهجرين، يقول أحدهم لـ"اقتصاد": أقطن في أحد المناطق الآمنة بعد أن تم تهجيري من ريف دمشق وعرض علي الشبيحة في هذه المنطقة العمل معهم مقابل راتب شهري 15 ألف ليرة.

من قوت الشعب

يعتبر أحد الخبراء فضل عدم ذكر اسمه أن حكومة النظام مررت موضوع زيادة الإنفاق في الموازنة العامة لعام 2013 لتغطية نفقات الشبيحة، ويطرح مثالاً على ذلك أن الدعم المقدر في الموازنة بلغ 512 مليار ليرة، ولا تفوّت حكومة النظام فرصةً إلا وتذكّر المواطن بهذا الدعم، في الوقت الذي ترفع فيه الدعم عن مختلف السلع، ما يجعل السؤال مشروعاً، عن مطارح صرف هذه المخصصات، ويجيب الخبير الاقتصادي، إن خيار النظام بتجنيد الشبيحة فتح باباً واسعاً على الإنفاق، ورغم عدم وجود أرقام لكن هناك مليارات يتم تخصيصها لهؤلاء يمكن حسابها في مناطق صغيرة وتعميمها، فرواتب 450 شخصاً تصل شهرياً إلى 9 ملايين ليرة، علاوةً عن المخصصات الأخرى، فالمشكلة ليست فقط فيما يؤخذ من أمام المواطن، إنما أيضاً في نفقات التسليح، والعمل مستمر على توسيع دائرتهم وتجنيد أعدادٍ جديدة.

ترك تعليق

التعليق