"من لم يمت بالقصف مات بغيره "..النظام يعتبر الدواء مثل السلاح ويمنعه عن متناول الأطفال والكبار أيضاً

 


الصيدلانية نبيلة : شح الأدوية وصل إلى حبوب (السيتامول) وطال حليب الأطفال

الصحة العالمية : الحاجة ماسة  لأدوية السل و الكبد والسكري والسرطان


 يمارس النظام السوري منعاً وحظراً على مادة الدواء كما يمارس منعه على السلاح،
تحت ذريعة أن عملياته العسكرية موجهة ضد "مندسين وخلايا إرهابية"، لا يحق لأحدٍ مساعدتهم، فكل من يحاول حمل الدواء حتى لو كان علاجاً شخصياً يُساوى بحامل السلاح، حتى إن الكثير من النشطاء اقتيدوا إلى الأفرع الأمنية بتهمة نقلهم للدواء إلى المناطق المنكوبة، ولعل هذا السبب يعتبر إحدى الأسباب التي جعلت من الدواء غير متوفر حتى في المستشفيات بسبب الخشية في نقله، لتزيد العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام من وضع الدواء سوءاً، حيث ضُربت وأُغلقت العديد من معامل الأدوية كان آخرها ضرب معمل "تاميكو للصناعات الدوائية" ومستودعاتها الضخمة في منطقة المليحة في غوطة دمشق الشرقية وهو يغطي بحدود الـ20 % من حاجة السوق المحلية، هذا بالإضافة إلى إغلاق معامل حلب والتي تلبي حوالي الـ 90% من حاجة السوق السورية.

 ورغم كل محاولات النظام إخفاء أو تجاهل مشكلة الأمن الدوائي في سوريا واعتبارها مجرد شائعات إلا أن هذه الأزمة التي تتسارع وتيرتها في العاصمة دمشق باتت تشكل عبئاً على المواطنين خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة تتطلب توافر دوائهم بشكل مستمر.
 
دواءان أحلاهما مرّ

 و أشارت وفاء إلى أنها تعاني الأمرّين يومياً لتأمين الأدوية التي يحتاجها زوجها القابع في إحدى المستشفيات الخاصة في العاصمة بعد أن شخّص الأطباء إصابته بورم خبيث في عموده الفقري، ولم تخفِ وفاء أن حالة زوجها الصحية تتدهور نتيجة نقص حاد في الأدوية حتى المسكّنة منها، بالإضافة إلى صعوبة في توفر أكياس الدم، مشيرة إلى أنهم وبالرغم من اختيارهم لمشفى خاص كي يتلقى زوجها العناية المطلوبة إلا أنَّ ذلك لم يفدهم شيئاً على اعتبار أن نقص الدواء، والمستلزمات الطبية طال المشافي الخاصة أيضاً لدرجة تتكفل هي برحلة البحث الشاقة بين الصيدليات لتأمين ما يحتاجه زوجها من مستلزمات طبية، وأدوية للعلاج.

 ولم يخفِ أحمد أن الأدوية الوطنية أضحت اليوم في خبر كان، فالفيتامينات بأنواعها على سبيل المثال -سواء حبوب أو إبر- فقدت في الصيدليات، وبالنسبة لبديلها المستورد لفت أحمد إلى أنه متوفر إلا أن سعره خارج قدرة الكثير من المواطنين فحبوب الفيتامينات الوطنية يبلغ سعرها 100 ليرة، بينما يصل سعر بديلها الأجنبي إلى 600 ليرة، مشيراً إلى أن ذلك يعتبر مثالاً بسيطاً عن عمق معاناة المواطن المضطر لشراء الدواء اليوم.

 وأوضح عامر بأنه وعلى الرغم من التصريحات "الحكومية "بأن الدواء الوطني بخير وأن لا ارتفاع يُذكر على أسعاره، إلا أن هذه التصريحات ليست سوى تصريحات إعلامية لا أكثر، فالمواطن السوري يعلم جيداً أن معامل الأدوية متوقفة، وما يتوافر في الصيدليات يُباع بسعر أعلى من سعره، وبالنسبة للدواء الأجنبي تابع عامر:" ليس كل الأنواع متوفراً بسبب الصعوبات في استيراده من الخارج، وإن توفر فأسعاره خيالية".
 
بعيداً عن متناول الأطفال!

 حالة التذمر هذه طالت الصيادلة أيضاً، وبينّت الصيدلانية نبيلة أن شح الأدوية وصل إلى حبوب (السيتامول) وغيرها من الأدوية البسيطة والتي كانت في متناول المواطن، مؤكدة أن إغلاق معامل الأدوية في حلب أثّر بشكل كبير على موضوع توافر الدواء بشكل عام في السوق السورية، ولم تخفِ أن حالة الشح هذه وصلت إلى حليب وأدوية الأطفال أيضاً في مختلف أنواعها وعبّرت عن قلقها من تفاقم هذه الأزمة.

 وهو ما أكده الصيدلاني راني الذي بيّن أن مستودعات الأدوية، والتي تقع معظمها في ريف دمشق والمناطق الساخنة في حمص وحلب تعاني اليوم من صعوبة في نقل الأدوية إلى الصيدليات في المحافظة ذاتها، أو إلى المحافظات الأخرى، وبالتالي حتى لو توفرت الأدوية -بحسب راني- فإن نقلها يشكل معضلة جديدة، مشيراً إلى أن أنواعاً مختلفة من الأدوية يعجزون كصيادلة عن تأمينها للمواطنين، كأدوية السكري والضغط وبعض من أنواع أدوية الالتهابات.

 ونصح أحد الأطباء المواطنين-نتيجة لأزمة دواء تتفاقم مع مرور الأيام القادمة - بالاحتفاظ ببعض أنواع الأدوية، ولاسيما أدوية الالتهابات المعوية والتنفسية، وبعض أنواع الفيتامينات عند توافرها، لافتاً إلى أن تفاقم الأعمال العسكرية والقمعية وضرب معامل الأدوية ومايرافقها من صعوبة في استيرادها سيجعل المواطن المريض كبش فداء في هذه الحالة.

 وذكر الطبيب أن بعض المواطنين لايجدون أبسط الأدوية، كدواء السعال أو الفطور وغيرها من الأدوية البسيطة التي يحتاجها المواطن العادي، متسائلاً كيف هو حال ممن يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون إلى دواء بصورة دورية؟!.

 إن لم تمت بالقصف

 يُذكر أن منظمة الصحة العالمية دقت ناقوس الخطر بالنسبة لوضع الدواء في سوريا مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من مصانع الأدوية أغلقت، ما تسبب في حدوث نقص شديد في أدوية الأمراض المزمنة وزيادة عدد الخسائر في الأرواح، وذكرت المنظمة أنه وقبل إندلاع الثورة ، كانت مصانع الدواء السورية تنتج 90% من احتياجاتها من الدواء والمستلزمات الطبية، إلا أن هذا الإنتاج تقلّص نتيجة القتال ونقص المواد الخام وإثر العقوبات وارتفاع أسعار الوقود.

 كما أعلنت المنظمة أن 90 % من مصانع الأدوية السورية توجد في ريف حلب وحمص ودمشق، وأنها تضررت بدرجة ملموسة من تصاعد أعمال العنف، لافتة إلى الحاجة  لأدوية السل والتهاب الكبد وارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان.

ترك تعليق

التعليق