على سياسة تمويل المستوردات السلام...وصحن السلطة من الوجبات المكلفة مادياً في دمشق


كما توقعت "اقتصاد" منذ أسابيع، أقرّت مصادر داخل غرفة تجارة دمشق بأن سياسة دعم المستوردات في انحسار تدريجي.
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب ميالة، صرّح مؤخراً بأن تمويل المستوردات سيتم وفق نشرة أسعار الصرف، وحدّده مبدئياً عند سعر 128 ليرة للدولار.

هذا التصريح أثار استياء تجار وصناعيي دمشق، وانتقد رئيس غرفة تجارة دمشق أداء المركزي بصورة غير مباشرة عبر بعض وسائل الإعلام المحلية، لكن الأبرز كان تسريب مصدر في "غرفة تجارة دمشق"، حسب بعض وسائل الإعلام المحسوبة على النظام، أن المركزي اقترح سعراً وسطياً لدعم المستوردات يوازي بين سعر نشرته الذي وصل أمس إلى 50ر97 ليرة للشراء و 08ر98 ليرة للمبيع، وبين سعر السوق السوداء الذي وصل أمس حسب بعض وسائل الإعلام إلى 139 ليرة.
وكان السعر الوسطي، حسب المركزي، -وهنا لا نعرف كيف تم احتسابه كسعر وسطي فالرقم ينزاح بصورة واضحة ليقترب من سعر السوق السوداء،قد حُدّد عند 128 ليرة، وهنا أشار المركزي إلى أن السعر ليس ثابتاً، بل يرتبط بنشرة أسعار الصرف الصادرة عنه.

النشرة المذكورة التي ارتبطت في الأشهر الأخيرة بسعر السوق السوداء، أخذت ترتفع مع ارتفاع السعر الحقيقي في السوق، لتقفز في أسابيع قليلة من 82 إلى 96، لتصل اليوم إلى 98 ليرة.

وهكذا فهم التجار والصناعيون المعنيون بتمويل المستوردات الخلاصة من بين سطور تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي، فالرجل يريد أن يقول لهؤلاء بلهجة مخففة وغير مباشرة، "على سياسة تمويل المستوردات السلام"، وهو ما فهمه التجار فعلاً....فتحديد سعر 128 ليرة لتمويل المستوردات، رغم أن سعر الدولار في نشرة أسعار الصرف الرسمية 98 ليرة، يعني أن سعر تمويل المستوردات يقترب بصورة كبيرة من سعر الدولار في السوق السوداء، وهو، حسب تصريحات حاكم المركزي، ليس سعراً ثابتاً، بل يرتبط بنشرة أسعار الصرف، التي هي في ارتفاع، أي أن تسعيرة تمويل المستوردات ستكون هي الأخرى في ارتفاع.
وكما سبق، وأوضحت "اقتصاد" سابقاً، أن حكومة النظام ستعتمد إجراءات أمنية لمعالجة قضية سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أو للحد من ارتفاعه، وأن هذه الإجراءات لن تُجدي نفعاً، فقد أقرت وسائل إعلام محسوبة على النظام، أن شركات الصرافة التي حددت أسعار للدولار أقل من المتداول في السوق السوداء لم تبِع فعلياً، ولم تشترِ، وأن من يبيع ويشتري فعلياً في السوق السوداء، فهم شركات الصرافة والتجار الذين يعملون وفق الأسعار الرائجة فعلياً للدولار.

ورغم الحملات الأمنية الجزئية التي تأخذ الطابع الدعائي، أكثر منها ذات وقع عملي، التي طالت بعض شركات الصرافة بتهمة التلاعب بالليرة السورية، فإن ذلك لم يؤثر بالصورة المطلوبة، بل أثر عكساً، كما سبق وحللنا في تقارير سابقة، حينما انكفأ بعض تجار السوق السوداء عن العمل، فقلّ عرض الدولار، فارتفع سعره.

خلاصة ما سبق، أن تجار دمشق ردّوا على إعلان حكومة النظام شبه المباشر بأن سياسة تمويل المستوردات باتت من الماضي، بالحديث عن تكاليف ارتفاع سعر صرف الدولار، ومشكلات النقل وصعوبات الاستيراد بسبب العقوبات، ونتائج ذلك على السعر النهائي للسلعة المستوردة، الأمر الذي يُفهم بأنه تبرير لارتفاعات جديدة أخرى في أسعار السلع المعروضة للاستهلاك في السوق المحلية.

أما ثمن كل ما سبق، فسيدفعه دون شك المواطن السوري، الذي باتت وسائل إعلام محسوبة على النظام، تقرّ بأنه أصبح في أسوأ حالاته من جانب القوة الشرائية، وأن صحن سلطة خضروات بات بالنسبة له من الوجبات الغذائية المكلفة مادياً.

ترك تعليق

التعليق