رغم دمار البنى التحتية والقصف والحصار ..الحياة مستمرة والريف الدمشقي صامد

يشهد الريف الدمشقي المحرر قصفاً يومياً واشتباكاتٍ تترافق مع حصارٍ من قبل قوات النظام التي دمرت وبشكلٍ متعمد البنى التحتية، في سبيل منع استمرار العيش في الغوطة، ليكابد حوالي مليون ونصف المليون قاطن في تلك المناطق بهدف البقاء على قيد الحياة، رغم تفاصيل الحياة اليومية القاسية.

انقطاع التيار الكهربائي منذ ما يزيد عن ستة أشهر أحد أهم المعضلات التي تمنع الناس عن تلبية احتياجاتهم اليومية، إلى جانب انقطاع الاتصالات والماء، وفي ظل الحصار يعتمد سكان هذه المناطق ممن رفض الخروج والنزوح إلى المناطق الأكثر أمناً على المساعدات التي توزع في أحيانٍ كثيرة بشكلٍ غير عادل، فإما تكدس بالمستودعات أو توزع حسب المحسوبيات، حسب ما تقول "أم أحمد" إحدى السيدات في الغوطة الشرقية، التي تضيف أنهم يعانون مصاعب الحياة بسبب غلاء الوقود التي من الممكن أن تكون بديلاً عن الكهرباء "للإنارة والاستحمام والطبخ وو.. إلخ" وعدم القدرة على ملء الخزانات نتيجة القصف اليومي، وهذا ينطبق أيضاً على خزانات المياه"، وتضيف السيدة أن سعر لوح الثلج الواحد تجاوز الـ 400 ليرة.

كهرباء عبر المولدات
كما انتشر في الريف الدمشقي ظاهرة شراء المولدات، لكنها حكراً على المقتدرين مادياً، أو الكتائب العسكرية، ما دفع بعض الأهالي إلى الاشتراك بمولدة واحدة كبيرة لتغطية حاجة الحي لبعض ساعات النهار، في حين هناك جزء كبير من الناس لا يمتلك القدرة المالية على الاشتراك، وهم نسبة لا بأس بها تصل إلى 25 % من السكان.
وكما تعاني الأسواق السورية من غلاءٍ في الأسعار فإن المناطق المحررة هي أيضاً تمر بالمعاناة ذاتها، وربما بشكلٍ أكبر، بسبب صعوبة وصول المواد إليها وقلتها، وتحاول المجالس المحلية والجهات المعنية بالشأن الإغاثي تغطية حاجات السكان اليومية، لكن في الوقت ذاته لم يتم تنظيم الأمور بشكلٍ كامل إلى الآن، وفق ما يطلعنا أحد الناشطين الذي يقول: "المساعدات التي تصل من الخارج والخاصة بالإغاثة قليلة جداً، لا تغطي حاجة الناس في هذه المناطق، ما يدفع بعض الناشطين إلى التقنين في التوزيع وليس تكديساً في المتسودعات إنما خوفاً من أيامٍ سيئة لا نستطيع معها تأمين حاجة الأهالي".

لسنا في المدينة الفاضلة
أما في رده على ما قالته أم محمد أن التوزيع يتم من خلال المحسوبيات، فيؤكد الناشط "لسنا في المدينة الفاضلة لا بد أن يكون هناك بعض الممارسات الخاطئة أو حتى الفاسدة، لكننا نحاول أن يتم توزيع المساعدات بالعدل ووفقاً للأكثر عوزاً".

الريف الدمشقي الذي يعتمد على الزراعة والصناعة وبعض الحرف، انخرط معظم أبناؤه في كتائب الجيش الحر، والبعض الآخر يحاول العمل في ورشه والحرف الخاصة به، لكن بشكلٍ متواضع وهو ما يخبرنا عنه "سمير" الذي يعمل في النجارة: "الحياة في المناطق المحررة حلوة ومرة في الوقت ذاته، فنحن استطعنا أن نحرر مناطقنا من سطوة النظام، لكننا أيضاً نعاني الحاجة لكل شيء، اضطررت لأن أعود إلى مهنتي والعمل فيها لكن في نطلفٍ محدودٍ جداً، أعتمد على بعض الإصلاحات الضرورية، لأن الناس لم تعد تكترث بسبب القصف المستمر، وأعتمد وعائلتي على المساعدات".

والبعض الآخر من السكان ما زال مستمراً في مواصلة عمله في دمشق، كـ "وليد" وهو سائق سيارة أجرة: "الجميع يستغرب كيف أستطيع الدخول والخروج من وإلى دمشق وأنا ابن المناطق المحررة، رغم أنني أخشى دائماً من الاعتقال لكن لا سبيل أمامي إلا الاستمرار في العمل حتى لا أضطر إلى طلب المساعدة من أحد".

مشاريع صغيرة لاستمرار الحياة
وفي إطار تطلعهم إلى تنظيم الحياة والاستقرار، يحاول بعض الناشطون تمويل مشاريع صغيرة تؤمن الدخل اللازم للنساء بشكلٍ خاص، رغم القصف المستمر، حيث يقول "أبو سالم"، استطعنا من خلال بعض المقتدرين والهيئات العاملة في ريف دمشق، تمويل مشاريع الخياطة والحياكة، لتأمين العمل للنساء خاصةً ممن فقدن معيلهن، وهذه الأعمال مستمرة رغم القصف وصعوبة الحياة".

ويختم الناشط بالتأكيد أن "الريف الدمشقي يريد أن يستمر في صموده رغم الأنباء التي تتحدث عن تحضير النظام لحملةٍ شرسة لاستعادته، لكننا جاهزون ومتيقظون، والحياة مستمرة هنا رغم كل الظروف".

ترك تعليق

التعليق