زيادة هزيلة للرواتب.. لا تكفي لشراء وجبة واحدة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص

أصدر رأس النظام بشار الأسد مرسوماً يقضي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة للعاملين المدنيين والعسكريين، في الوقت الذي خسرت الليرة السورية فيه ما يزيد عن 63 % من قيمتها الشرائية، و75 % من قيمتها في سعر الصرف، بينما بلغ معدل التضخم ما يزيد عن 270 %.

المرسوم رقم 38 نص على "زيادة بنسبة 40 % على الـ10 آلاف الأولى و20% على الـ10 آلاف الثانية و10% على الـ10 آلاف الثالثة، و5% على ما يزيد عن الـ10 آلاف الثالثة من الراتب أو الأجر الشهري".

كما ما أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 39 للعام 2013، الذي يقضي بـ"منح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين في مؤسسات الدولة زيادة 25% على 10000 ليرة سورية الأولى من المعاش التقاعدي، و20 % على 10000 ليرة سورية الثانية من المعاش التقاعدي، و10 % على ما يزيد عن 10000 ليرة سورية الثانية من المعاش التقاعدي".

يصل حجم كتلة الرواتب والأجور قبل الزيادة الأخيرة إلى حوالي 400 مليار ليرة تقريباً "8 مليار دولار على دولار 50 ليرة"، لكنها اليوم وبعد رفع الرواتب والأجور أصبحت كلفة الرواتب بالدولار أقل من كلفتها في السابق، فالزيادة بلغت نسبة 30 %، ما يعني أن كتلة الرواتب والأجور بلغت اليوم 520 مليار ليرة، وعلى دولار 180 تساوي 2.88 مليار دولار.

خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه علق على الزيادة بالقول: فعلياً الزيادة لن تقدم للمواطن أي شيء جديد لا سيما إذا ما نظرنا للأمر من ناحية واقع الأسواق والذي بلغت نسبة التضخم فيه وبعد حسابٍ دقيق ما يزيد عن 270 %، أي أن زيادة الرواتب وحتى تكون مجدية عليها أن تكون زيادة بنسبة لا تقل عن 150 % مترافقة مع ضغط على الأسعار وتشديد الرقابة لتخفيضها، ودون ذلك سيكون تأثير الزيادة سلبي على التضخم، وغير إيجابي على عكس ما يتوقع البعض.

ووفقاً لأرقام الزيادة وواقع الأسعار في الأسواق يرى الخبير على سبيل المداعبة أن أقل زيادة للراتب هي 4 كغ لحم عجل شهرياً، وأكثر زيادة هي 9 كغ لحمة أي أوقية ونصف يومياً، وبمعنى آخر فإن الفجوة بين الحاجات المعيشية والدخول وصلت في فترات الاستقرار وباعترافٍ رسمي إلى ما يقارب 30 ألف ليرة سورية، بينما تتسع الفجوة اليوم، والزيادة الحالية لا تكفي لسداد رمق عائلة مكونة من خمسة أشخاص، متوسط الزيادة يصل إلى حدود 4500 وفقاً لمتوسط الرواتب والأجور والتي هي 15 ألف ليرة، وهذا الرقم لا يكفي لوجبة طعامٍ لأسرة مكونة من خمسة أشخاص، علاوةً عن التزامات المواطن الأخرى والسلع التي يشتريها بأسعارٍ مضاعفة من السوق السوداء، إلى جانب تكاليف السكن والطاقة والنقل والاتصالات.

يشرح الخبير الاقتصادي أن ارتفاع الأسعار دائماً يسبق أي زيادة ما يعني أن الرواتب والأجور تم رفعها بشكلٍ اسمي وغير حقيقي، ومن ناحية ثانية التضخم يأتي نتيجة الخلل بين الكتلة النقدية والكتلة السلعية، وهو خلل قائم في الحالة السورية، فتوقف عجلة الإنتاج أدت إلى شح وعوز واحتكار للكتلة السلعية، يقابلها ضخ كتلة نقدية جديدة، ستؤدي حكماً إلى التضخم.

والنظرة أكثر تشاؤمية إذا ما وقفنا على واقع تمويل الزيادة، حيث يشير الخبير الاقتصادي إلى أن أحد خيارات التمويل سيكون عبر طباعة العملة، في ظل شح الموارد وهو ما سيؤدي إلى دخولنا في نسب مئوية جديدة للتضخم، لأنها عملة دون رصيد ودون ناتج محلي، لا سيما وأن حكومة النظام كانت تشتكي قلة الموارد التي تغطي أي زيادة محتملة للرواتب حتى في زمن الاستقرار، ومثال ذلك كان مع الخطة الخمسية العاشرة التي تحدثت عن زيادة 100 % على الرواتب لم يتحقق منها إلا 79 %، رغم معدل النمو الرسمي في ذلك الوقت والذي وصل إلى 6 %، في ظل الخلل الهيكلي المتمثل بانخفاض كتلة الرواتب والأجور إلى ما دون 20 % من الناتج المحلي الإجمالي.

أما ثاني خيارات تمويل الزيادة، فهو فرق سعر الصرف، وهنا يكون النظام شريك في المضاربة على الليرة وتخفيض قيمتها، لصالح تسديد فاتورة الرواتب بالليرة السورية، ويوضح الخبير أن هذا الاحتمال قائم لا سيما وأن النظام يحصل على مساعدات خارجية بالدولار الأمريكي، فالكتلة النقدية للرواتب والأجور كانت تساوي 8 مليار دولار، بينما هي اليوم 2.88 مليار دولار، فالحكومة استفادت من فرق سعر الصرف، ومن ناحية أخرى فإن هذه الزيادة ستزول قيمتها مع وصول سعر صرف الدولار إلى 230 ليرة.

63 % نسبة خسارة الليرة من قوتها الشرائية، لكن هذه الخسارة انخفضت اسمياً لتصل إلى 49 %، حيث تم تعويض 14 %، حيث أصبح الحد الدنى للأجور 13800 ليرة بدلاً من 9800 ليرة، لكن فعلياً الخسارة محققة طالما الأسعار تستمر بالارتفاع، فالحكومة سبقت رفع الرواتب بزيادات متتالية على معظم المواد الرئيسية وكان آخرها سعر المازوت، والذي تحدث البعض أن الزيادة في أسعاره ستحقق إيراداً للحكومة يصل إلى 102 مليار ليرة "في حين أن زيادة الرواتب الحالية بحاجة إلى كتلة تقاب 120 مليار ليرة"، إلى جانب حديث عن زيادة قريبة على أسعار الخبر وحتى الاتصالات.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن الزيادة تطال 1.5 مليون عامل في الدولة، لكنها محجوبة عن 3.5 مليون عامل في القطاع الخاص، كما أنها محجوبة عن السواد الأعظم من السوريين من العاملين في اقتصاد الظل والحرفيين، وغيرهم، كما أنها لا تقدم أي شيء لمن يعاني من البطالة والفقر إلى جانب التهجير، وممن يكتوون يومياً بنيران الأسعار، ويسخر أحد الخبراء بالقول إن الحكومة تفترض أن بين مواطنيها 1.5 مليون موظف بينما باقي الشعب هم من فئة رجال الأعمال.

ترك تعليق

التعليق

  • 2013-06-22
    عادي شي بخجل