5 ملايين ليرة أرباح يومية... عشائر تبيع النفط للنظام والثوار وتبني "إمارات نفطية"

كشفت صحيفة "ذي غارديان" عما دعته "الحالة السوريالية" لحقول النفط السورية، حيث يقوم رجال العشائر بتزويد كل من النظام أو الثوار بكميات من النفط، تضمن لهؤلاء العشائريين المسيطرين تجنب الهجمات من كلا الطرفين! 

وتسوق الصحيفة في بداية تقريرها المطول قصة "أبو زيد" الرجل الذي ترك دبي قبل 6 أشهر لينضم للثورة في سوريا، وكيف حضور مؤتمرات للمعارضة في استنبول والقاهرة، ممثلاً لوالده، الشيخ الذي يقود عشيرة قوية في شرق سوريا.

لكن أبو زيد سرعان ما أصيب بالاشمئزاز من المشاحنات بين قيادات المعارضة، وهو ما يصفه قائلاً: هناك مجلس للمعارضة في كل ردهة من ردهات الفندق في استنبول.. لا يمكنك التمييز بين معارضة كهذه وبين النظام.

وعوضاً عن الدخول في هذه المشاحنات حزم أبو زيد أمره، وعاد ليستثمر فيما هو أكثر فائدة، وهو السيطرة على أرض الأجداد الغنية بالغاز والنفط.

وتقول الصحيفة إن "أرض أبو زيد تضم محطة غاز ضخمة، لاتبعد سوى 1.5 كم عن منزله.. لقد اختاره والده من 40 أخاً للإشراف على المحطة، معتبراً أن "أبو زيد" جدير بذلك لما يملكه من رؤية بعيدة، لقد منحته الحرب فرصة تحقيق حلمه، وهو بناء إمارة نفطية!".

وتتابع الصحيفة: الحدود الصلبة التي تفصل بين الأطراف المتعددة على اختلاف انتماءاتها تذوب، وتكاد تتلاشى على تخوم حقول النفط، حيث تتداخل المصالح، ويحافظ البعض على إمدادات النفط الذاهبة إلى النظام مقابل إبعاد قراهم عن القصف والتدمير، ومقابل تأمين استخراج كمية من النفط لأنفسهم.

ويعبر أبو زيد عن حالة من الفوضى تسود المشهد، ليخلص إلى القول: نحن يمكننا أن ننظم هذا الوضع، انظروا إلى محطة الغاز هذه، إنها تحت سيطرتنا، الأمور منظمة هنا، ويمكننا أن نطبق نفس الشيء على بقية حقول النفط والغاز.

ويتابع: معظم من يسيطرون على حقول النفط حولنا يجنون قرابة 5 ملايين ليرة يومياً. وهم يستغلون الحقول بضعة أسابيع، ولكن مع الفوضى، قد تقوم قوى أو كتائب أخرى بالسيطرة على تلك الحقول.

وللتدليل على تشبثه بمصدر الرزق الاستثنائي القادم من النفط والغاز، تنقل الصحيفة عن "أبو زيد قوله: حتى جبهة النصرة لا تستطيع أن تفعل أي شيء ضدنا، لقد حاولوا السيطرة على الحقول لكنهم لم يستطيعوا، ليس النصرة فقط، بل حتى الأميركيين لايمكن لهم أن يأخذوا هذه الحقول منّا، بعدما بتنا نملكه من جميع أنواع الأسلحة! 

وأمام محطة الغاز يقف أبو زيد ليجدد التأكيد: هذا المصنع يعطينا 10 ملايين ليرة يومياً، نحن نقوم بحمايته، ولن نسمح لأحد أن يسرق أي شيء منه، نحصل على الغاز والكهرباء من المحطة ونبيع ما تنتجه من نفط.
فيما يوضح أحد المهندسين العاملين في محطة الغاز أن النظام يريد الحصول على الإنتاج بغض النظر عمن يسيطر على الحقول. مضيفاً: أنا أضخ الغاز إلى النظام وأعطي الغاز "للإرهابيين"، قال الكلمة الأخيرة بنبرة مازحة.

وتابع: أقول للنظام كل شيء، أقول لهم أن حقل الجفرة بات تحت سيطرة النصرة، وأن القبائل سيطروا على الآبار أو نهبت منهم، ولكن المسؤولين في النظام لا يريدون الاستماع، هم لا يريدون سوى الإنتاج. وإذا خفضنا الإنتاج، يصابون بالجنون.

ويواصل: يطلب مني رجال النظام أن أضخ لهم الغاز، فأخبرهم أن سكان المنطقة سبقوهم إليه.. يصرخون في وجهي، فأجيبهم: إن كان لايعجبكم ما سمعتم فسأغلق المحطة، وهنا يخرسون.. رجال النظام لا يزال يعتبرون أنفسهم أسياداً، ولكن أين هم؟ أين هم لحماية المنشآت؟!

ويواصل المهندس: أضخ حوالي 5 أمتار مكعبة من الغاز يومياً للنظام الذي يغذي محطات الطاقة التابعة له.. إذا توقف الضخ، فإن النظام سوف ينهار، في النهاية بشار الأسد لا يعارض التعامل مع الثوار إذا زودوه بالكهرباء.

ومن مكتبه ذي الطراز القديم، يواصل المهندس كشف الحقائق: لدي 120 ميغا واط من الكهرباء، أزود المناطق التي يسيطر عليها الثوار، لأنني إن قطعت عنهم الكهرباء اليوم سيهاجمونني غداً، وبالمقابل إن أوقفت ضخ الغاز إلى النظام سيقصفني غداً.

وواصل: أشعر وكأنني أجلس على قنبلة، بعضهم لم يعد يروق له استخدام الكلاشنكوف واستعاض عنها بمضادات الطيران، وإذا خرقت رصاصة واحدة من هذه الأسلحة خزان غاز، فإن المنطقة كلها ستنفجر، ولهذا السبب أحاول الاحتفاظ بالخزانات فارغة.

وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى شهادة شخص من المنطقة يدعى أحمد، يصف فيها حال معظم المسيطرين على حقول النفط في شرق سوريا قائلاً: هؤلاء هم لوردات النفط، نسخة من أمراء الحرب، إنه السبب في أننا لم ننتصر حتى الآن، لا يهمهم إن متنا جميعاً، ما يهمهم مقدار الأموال التي سيجنون.

وتابع: كانوا مع النظام وعندما رأوا النظام ينهار قرروا الانضمام إلى الثورة، أنا لا أعترف بهم كجزء من الثورة، أنا فقط أرى الذين على الخطوط الأمامية هم الثوار الحقيقيون والبقية مجرد مرتزقة، سوف يتم استئصالهم بعد نهاية الحرب.

ترك تعليق

التعليق