خبراء.. "دولرة" الإيداعات أداة لإنعاش الفساد وترتيب ديون مرهقة على سوريا

أنهى الدولار تداولاته الأسبوعية في السوق السوداء السورية، بسعرٍ تاريخي جديد حيث بلغ متوسط سعره في دمشق 224 ليرة، ، أما السعر الرسمي للذهب فبلغ 7800 ليرة محسوبة على دولار 222، في ظل هروب الناس من الليرة وتهافتهم على شراء الدولار، كخيارٍ وحيد للحفاظ على ما تبقى من مخدراتهم المالية، قبل أن تأكلها مزيد من الانهيارات.

وسجلت الأسعار بين المحافظات ظاهرة جديدة، حيث ارتفع دولار حلب عن دولار دمشق بما يقارب 10 ليرات، في الوقت الذي كان ينخفض فيه بحدود 4 ليرات، حيث بلغ سعر الصرف 232 ليرة، وسعر الذهب في حلب 8200 ليرة.

وفي سياق متصل، ورغم محاولات البعض ضخ سيولة في بورصة دمشق لإغراء آخرين بالدخول وشراء الأسهم، إلا أن هذا لم يفلح، حسب ما يطلعنا أحد الخبراء الماليين.

الخبير الذي فضل عدم ذكر اسمه، أوضح أن قلة الشركات المدرجة، واحتمال إفلاسها القائم لا يجعلها مغرية للشراء، ورغم أن تدهور أي عملة يفتح الطريق أمام أسواق المال، والادخار في الأسهم، لكن هذا لا يحدث في الحالة السورية، علما أن أسعار الأسهم لمستويات معرية، لكن لا أحد يمكنه أن يغامر بشراء أي سهم بديلا عن الدولار.

ولفت الخبير المالي إلى بديلٍ آخر عن العملة السورية وهو العقارات، التي من الملاحظ أنها لم تشهد طفرات في أسعارها أو ارتفاعات تتوازى مع ارتفاع الدولار، ورغم محاذير الادخار في العقارات والمتعلقة بما تحدثه الآلة العسكرية من تدمير إلا أنه لا يمكن تجاهل هذا الخيار لحفظ قيمة المدخرات.

وفي وقت خسر السوري معظم قيمة مدخراته بالليرة، والتهم جموح الدولار أي أثر للزيادة الأخيرة على الرواتب والأجور، تأتي اقتراحات من وزارة الاقتصاد في حكومة النظام، على مبدأ كلام حقٍ يراد به باطل.
فقد تضمنت الاقتراحات السماح للسوريين الذي يودعون مبالغ كبيرة من الليرة لدى المصارف المرخصة، بتحويلها إلى ودائع بالقطع الأجنبي، وتقديرها وفق أسعار المصرف المركزي.

والهدف المعلن وفق ما أوردته صحف النظام، هو ضبط الخلل الحاصل في سوق العملات، فتحويل الإيداعات إلى القطع الأجنبي يعني "دولرة" في شكلٍ من الأشكال، لكن السعر سيكون وفقا للسوق الرسمية، التي يضبطها "المركزي"، وفي حال تمت الموافقة على الاقتراح يتوقع المراقبون إصدار نشرة صرف جديدة خاصة بأموال المودعين.

وتقدر مجمل الإيداعات في البنوك داخل سوريا بمبلغ 7 مليارات دولار، على أساس سعر 130 ليرة للدولار، ويرى مراقبون أنه لو كان القائمون على الاقتصاد يريدون الإنصاف لوجب عليهم القول بأن التحويل على سعر السوق الرسمية، إنما هو أداة من أدوات إنعاش التلاعب والفساد، نظرا لما بين السعر الرسمي وذلك السائد في السوق السوداء من فارق كبير، يتسع مع مرور الأيام.

واليوم، ومع هذه التطورات، يقرع الخبراء والمراقبون نواقيس الخطر أكثر من اي وقت، فاقتراح وزراة الاقتصاد يعني إرهاق أي حكومة قادمة بالديون، حسب ما يقول خبير مالي، موضحا أن تحويل الودائع إلى الدولار، هو على الرجح لاستخدامها من قبل النظام، ومن ثم إعادتها للمواطن عندما يطلبها بسعر دولار المركزي، وهو ما سيشكل دينا جديدا على أي حكومة قائمة، وهكذا تكون حكومة النظام، قد أغرت المودعين بعدم سحب ودائعهم من البنوك حتى لاتفلس، وفي نفس الوقت أغرقت الحكومات القادمة بدين دفع فرق سعر الدولار بالليرة السوية للمودعين، وبما أن النظام لا يملك قيمة تحويل 7 مليارات دولار، فإن الخطوة ستترتب في شكل دين خارجي.

ترك تعليق

التعليق