هل يقتلنا "الجوع" قبل القصف... "اقتصاد" تفتح ملف الأمن الغذائي في سوريا على مصراعيه

• تراجعت سوريا غذائيا إلى مصاف دول القارة الأفريقية، التي عرفت بالمجاعات الكبرى!

• سوريا بين أسوأ 3 دول خسارة على مقياس الأمن الغذائي في 2013.

• دول تشهد صراعات كبرى وأخرى تحكمها أنظمة ديكتاتورية، وثالثة أقل إمكانات.. كلها تفوقت على سوريا

• تضخم أسعار الغذاء وصل إلى حدود 325% في 2013

• سوريا من أعلى الدول على مؤشر الفساد المتعلق بقطاع الغذاء.

• في مجال دخل الفرد ومدى تناسبه مع القدرة على شراء الغذاء، حققت سوريا رقما متواضعا جدا، أقل من نصف ما حققته الجزائر، وثلث ما سجلته كوستاريكا، وربع ما حققته أورجواي أو بيلاروس.

تدهورت مكانة سوريا في مجال الأمن الغذائي بشكل مثير خلال 2013، حتى تراجعت إلى مصاف دول ضمن القارة الأفريقية، التي ارتبط تاريخها بالمجاعات الكبرى، المتواصلة منذ عقود طويلة.
وفي ظل الحرب المجنونة التي يشنها نظام بشار الأسد على الشعب، بات توفير الغذاء معضلة بالنسبة للسوريين، حيث جاءت سوريا بالمرتبة 79 عالميا، مكتفية بتسجيل 36.7 نقطة من أصل 100 نقطة، حسب المؤشر العالمي للأمن الغذائي.

الأسوأ أياً تكن المقارنة
أظهرت المؤشرات التي تولت "اقتصاد" تحليلها وتفحصها ومقارنتها، واستقراء مدلولاتها، أن سوريا ومقارنة بعام 2012، فقدت سوريا 5 نقاط كاملة في 2013، وهي خسارة وضعت سوريا بين أسوأ 3 دول خسارة للأمن الغذائي، حيث لم تسبقها في الخسارة سوى اليونان التي عصفت بها أزمة مالية طاحنة، وإيطاليا، لكن هذه الخسارة لم تمنع البلدين الأوربيين من الاحتفاظ بمواقع متقدمة في التصنيف العالمي، فقد جاءت إيطاليا في المرتبة 22 واليونان في المنزلة 25، وهو ما يوضح مدى متانة الأمن الغذائي في أوروبا عموما، بحيث تبقى دوله محافظة على حد عال منه، حتى بعد إصابتها بالنكسات. 

ولإدراك مدى تقهقر مكانة سوريا غذائيا في 2013، يكفينا أن نعرف أن دولا مشهورة بتعدادها السكاني الضخم سبقت سوريا بمراتب، فالهند مثلا جاءت في المرتبة 70، والبرازيل بالمرتبة 29، أندونيسيا بالمرتبة 66، مصر بالمرتبة 56، وذلك ضمن مسح المؤشر الذي تضمن 107 دول حول العالم.

وفي المقابل أيضا، تفوقت دول ليس لديها من الإمكانات الزراعية ولا المائية ما يكفيها على سوريا، ومن تلك الدول -على سبيل المثال لا الحصر- الأردن الذي حل في المرتبة 54، أي بفارق 25 مرتبة عن سوريا، رغم ما بين البلدين من اختلال في مجال إنتاج الغذاء، يميل لصالح سوريا.

وعربيا بدا التدهور الغذائي لسوريا مأساويا، وهي التي حققت من بين كل العرب اكتفاء ذاتيا من الغذاء، وصل حد الوفرة الفائضة في كثير من السنوات، إذ أبان المؤشر انزواء سوريا خلف مصر والأردن والسعودية وتونس والمغرب.

وحتى الدول التي تنهشها الصراعات وتسود فيها القلاقل تقدمت سوريا!، فقد جاءت ميانمار في المرتبة 74، وباكستان في المنزلة 75.

بل إن دولا عدة من أفريقيا خلّفت سوريا وراءها، مثل: غانا، ساحل العاج، كاميرون، بوتسوانا.
وحتى الدول الأقل نموا، وتلك المحكومة بأنظمة ديكتاتورية، أعطاها المؤشر التقني مراتب تسبق سوريا بدرجات، مثل: بيرو، كولومبيا، بارغواي، بيلاروس، إكوادور، كازخستان، سلفادور، هندوراس.. إلخ.
وخلاصة ما يوضحه استقراء المؤشر العام أن سوريا في 2013 كانت الأسوأ بلا منازع، أياً تكن وجهة المقارنة بينها وبين مختلف الدول.

غلاء بلا أمان
أما في المؤشرات الفرعية التفصيلية فالأمر أكثر كارثية، فعلى مقياس "توفر الغذاء"، حلت سوريا في المنزلة 96 من أصل 107 دول، مسجلة تراجعا بمقدار 9.9%، ولم يأت خلف سوريا على هذا المؤشر الفرعي سوى دول من قبيل: سيراليون، بوروندي، هايتي، تشاد.. وهي كلها إن لم تكن معظمها، دول شهدت كوارث وحروبا مدمرة.
والمثير للشفقة أكثر على مؤشر "توفر الغذاء"، أن دولا مثل: مالي، رواندا، ميانمار، كمبوديا، أنغولا، حلت قبل سوريا بمراتب، وهي دول يكفي ذكر أسمائها لتقفز إلى الذاكرة مشاهد المجازر والحروب والصراعات الدموية الممتدة لسنوات طوال.

أما فيما يخص شبكات الأمان الغذائي، فقد جاءت سوريا ضمن المجموعة التي توفر أدنى حد من الأمن الغذائي، وتضم أشد دول العالم تخلفا.

وفي جانب الغلاء الذي لحق أسعار الغذاء في سوريا، أظهر المؤشر العالمي أن التضخم وصل إلى حدود تقارب 325% في 2013، مقارنة بما كانت عليه الأسعار عام 2000.

حضور شكلاني
وفيما يتعلق بمراقبة الدولة للنمط الغذائي لسكانها ومدى تحسنه أو تدهوره، فقد تبوأت سوريا مكانها بين الدول التي لا تملك مثل هذه البرامج ولا تقيم لها اعتبارا.

وكذلك جاءت سوريا ضمن الدول التي تسجل "حضورا متواضعا" للدولة في قطاع التموين الغذائي الرسمي، خلافا لما يشيعه النظام عن "رعاية" الدولة وتدخلها الدائم في الأسواق عبر مؤسسات استهلاكية وغيرها، وهي مؤسسات أظهرها المؤشر -وإن بشكل غير مباشر- على حقيقتها "الشكلانية"، حيث لا تعدو أن تكون قلاعا حكومية معدة لتكديس الموظفين، و"جوائز ترضية" ينتدب النظام لرئاستها من يريد من الموالين له.

وبلا منازع، بدت سوريا من أعلى الدول على مؤشر الفساد المتعلق بقطاع الغذاء، محققة أعلى نسبة منه على الإطلاق. ويهتم هذا المؤشر بإظهار مدى التشوهات والقصور في توفير الغذاء، عبر إساءة استخدام الموارد الطبيعية، وحدوث الاختناقات وعدم الكفاءة في توزيع الأغذية.

وعلى مؤشر البنى التحتية في القطاع الزراعي، تراجعت سوريا بمقدار 10% تقريبا، لتسجل 41 نقطة من أصل 100 نقطة، وتكون بذلك بين أسوأ 7 دول تراجعا حول العالم. وهذا المؤشر يهتم بمدى قدرة الحكومات على تخزين المحاصيل ونقلها إلى الأسواق.

وعلى مقياس دخل الفرد ومدى تناسبه مع القدرة على شراء الغذاء، حققت سوريا رقما متواضعا جدا، إذ لم تجمع سوى 6.1 نقطة من أصل 100 نقطة، وهو أقل من نصف ما حققته دولة مثل الجزائر (12.8 نقطة)، وثلث ما سجلته كوستاريكا (18 نقطة)، وربع ما حققته أورجواي أو بيلاروس (قرابة 24 نقطة).

ترك تعليق

التعليق