سوريا على أبواب رمضان..الأسعار لا تصوم عن الارتفاع والمواطن يفطر على بصلة التبريرات!

أفلتت أسعار السلع والمواد الغذائية عن عقالها، لتتجاوز قدرة المواطن الشرائية بأضعاف، وتتبخر زيادة الرواتب الأخيرة التي لم تصل إلى الآن لجيوب الموظفين، وكأنها لم تكن، بفعل تضخمٍ تجاوز إلى الآن نسبة 270 %، حيث شهد أسبوع واحد قبل رمضان المبارك ارتفاعاً فاق نسبة الـ 5 % لمعظم السلع الأساسية.

انخفاض عالمي

وتفنيداً لما يقوله النظام من أن سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية مرتبط بالارتفاع العالمي للأسعار إلى جانب الظروف الحالية التي تمر بها سوريا، فإن الأسعار العالمية انخفضت بنسب كبيرة خلال الأعوام الفائتة، حيث انخفضت أسعار القمح بنسبة تصل إلى 46 % منذ أعلى سعر له عام 2008، والسكر انخفض 50% منذ عامين والقهوة انخفضت عالمياً أكثر من 50 % منذ سنتين.

ولعل قيمة أي اقتصاد وجهد أي دولة يجب أن ينعكس أولاً على غذاء ودواء المواطن، عبر تأمينهما بأعلى جودة وأنسب سعر، لكن في الحالة السورية تأتي علة المواطن من الغذاء والدواء، وبالتالي من نظامه واقتصاده القائم على محاباة التجار والفاسدين.

 حق التصدير محفوظ !!

وأكثر ما يثير السخرية السوداء اليوم في الأداء الحكومي للنظام السوري، هو ما يصدره من قرارات، والتي يعلن من خلالها جهاراً نهاراً عن سياسة إفقار المواطنين أكثر، ففي تناقضٍ واضح منعت حكومة النظام أي مسافر من نقل أي مواد غذائية معه، بينما تسمح للتجار بتصدير أهم المواد الغذائية في سوريا، لا سيما الفروج والبيض، وزيت الزيتون الذي وصل سعر صفيحته اليوم إلى ما يزيد عن 8500 ليرة.

ورغم الانخفاض العالمي للأسعار إلا أن الأسعار في الأسواق السورية تحافظ على خطوطٍ بيانية مرتفعة، ففي جولة سريعة على الأسعار في الأسواق، والتي لطالما وعد مسؤولوا النظام بعدم ارتفاعها خلال شهر رمضان، نجد أن الأسعار ارتفعت بنسبة تفوق 200 % عن رمضان الفائت، وعلى سبيل المثال بلغ سعر كيلو الرز المصري وأيضاً كيلو رز الكبسة الهندي 200 ليرة، بعد أن كان في رمضان الفائت 50 ليرة، وكذلك هو الحال ارتفع رز الكبسة الهندي، وكذلك هو سعر المعكرونة 200 ليرة في حين كان في رمضان الماضي 60.

حارة كل مين إيدو ألو..

وإلى جانب ارتفاع الأسعار، تشهد الأسواق السورية اختلافا كبيرا في الأسعار بين محلٍ وآخر، ومنطقة وأخرى، وتتجاوز نسبة الاختلاف في أحيانٍ كثيرة 50 %، بسبب غياب الرقابة.

ولعل أرخص المواد في السوق السورية اليوم هي الشعير والذي بلغ فقط 40 ليرة، في حين بلغ سعر كيلو التمر الهندي 300 ليرة، ورز الشعلان بـ 350 ليرة، والعدس 200 ليرة، والحمص اليابس 170 ليرة، الفول اليابس 170 ليرة البرغل 100 ليرة، الفاصوليا الحب المصرية 300 -350 ليرة (كانت بـ 120 ليرة) الحلاوة 500 ليرة، والذرة 70 ليرة، أما القمح 60 ليرة وكيلو الطحين 135 ليرة.

والأبقار على الدولار

ولناحية الحليب ومشتقاته، فشهد خلال الفترة الماضية معدلا يوميا للارتفاع يصل إلى عشر ليرات، حيث بلغ سعر كيلو حليب البقر "غير المعلب"، 110 ليرة للكيلو الواحد اليوم، علاوةً عن انقطاعه لفتراتٍ من الأسواق، ومع ارتفاع أسعار الحليب ارتفعت أيضاً أسعار مشتقاته، حيث بلغ سعر كيلو اللبن 150 ليرة، واللبنة 200 ليرة، أما الجبنة فوصل سعرها إلى 600 ليرة، بينما بلغ سعر صحن البيض 500 ليرة.

ويأتي ارتفاع أسعار المواد الحيوانية، نتيجة ارتفاع أسعار العلف على الفلاحين والمربين، والتي دفعت البعض منهم إلى استخدام الخبز المدعوم كبديلٍ عن العلف، والذي كان أحد الأسباب الكامنة وراء أزمات الخبز المتكررة.

أما الخبر السياحي، بلغ سعر الربطة الواحدة 130 ليرة، ولو حسبنا الكلفة الحقيقية على الأسعار القائمة حالياً "الطحين 90 ليرة والمازوت لتر 80 ليرة"، نجد أن سعر الربطة يجب أن لا يتجاوز 85 ليرة.

بهارات اللحمة

ويأتي في المرتبة الثانية ضمن قائمة المواد الغذائية اللحوم، والتي تدخل اليوم إلى المائدة السورية على أنها جزء من "البهارات والمنكهات"، وليست غذاءً أساسياً، ويمكن الاستغناء عنها، فكيلو الفروج اليوم 495 ليرة، بينما شرحات الدجاج تجاوزت 950 ليرة.

 وثاني الخطوط التي يجب أن تكون حمراء بالنسبة لأي حكومة، هو الدواء الذي شهد في الفترات الأخيرة نقصا للعديد من الأصناف، لا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، لكن وكما هي العادة، فبعد أي شحٍ وندرةٍ في العرض هناك ارتفاع للأسعار يتبعه فائض في المواد، وبعد رفع أسعار الدواء 50 % على المئة الأولى و25 % لما فوق المئة الأولى، بات باستطاعة المواطن الحصول على أي صنف من الأًصناف الدوائية، لا سيما وأن القرار تضمن أيضاً رفع أسعار الأدوية الموجودة حتى في المستودعات والرفوف.

الفقراء الجدد

وتأتي ارتفاعات الأسعار الجديدة، قبل أيامٍ قليلة تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك، والذي لطالما شهد موجات ارتفاعٍ كبيرة في الأسعار، حتى في فترات الاستقرار، لتكون اليوم أشد وطأة على الأسر السورية، التي تعاني من فجوةٍ كبيرة بين متطلبات المعيشة والدخل، ما يهدد ملايين السوريين بالوقوع في خطوط الفقر، فارتفاع الأسعار وتوقف قنوات الدخل وثباتها، وواقع النزوح، والضغط على بعض المدن القليلة الآمنة، والسياسات الحكومية القائمة، والاستنزاف العسكري، سيأخذ بشريحة واسعة قد تتجاوز نصف سكان سوريا - وهو ما لمحت له المنظمات الدولية- أي 10 مليون شخص للانحدار إلى طبقتي الفقر الأعلى والأدنى.

ترك تعليق

التعليق