الغوطة تشق طريق كسر الحصار بجهود أبنائها، ومقاتلوها بين الجبهات والحقول!

تعيش غوطة دمشق الشرقية منذ أكثر من عام تحت حصار خانق، أحكمه النظام فمنع عنها كل مقومات الحياة المعيشية الكريمة، وفضلا عن الحصار المفروض عليها فإن الغوطة باتت مسرحا لإجرام النظام المتمثل في سياسة الأرض المحروقة، ما زاد سبل الحياة ضيقا على ضيق.

لكثن الثائرين والأهالي لم يعجزوا عن ابتكار الحلول، في ثورة قدر لها أن تجترح ما يشبه المعجزات، في سبيل الخروج من يوميات الشح والجوع.

ورغم الجهود الحثيثة التي قامت وتقوم بها العديد من المنظمات والهيئات الوطنية الإغاثية الداخلية منها والخارجية، مثل: هيئة إعمار الشام, منظمة "إغاثة وطن", منظمة "نجدة Now"، في سعيها لتأمين الحاجيات الأساسية للسوريين الذين يرزحون تحت ضغط الجوع وشظف العيش، فقد تحول الواقع إلى مأساة تنذر بكارثة إنسانية كبيرة، حيث لم تعد هذه الجهود -على أهميتها- تستيطع تغطية جزءا بسيطا من تلك الحاجات.

لكن المكتب الإغاثي الموحد للغوطة الشرقية أبدع عبر فروعه الموزعة على مدن وبلدات الغوطة، العديد من المشروعات الداخلية المهمة، رغم صغر حجمها وقلة مواردها، ومنها هذه المشروعات، مشروع الزراعة الخيري الذي أكد على أهمية استثمار كل شبر أرض قابلة للزراعة في إنتاج المحاصيل الأساسية؛ لتأمين الغذاء للعائلات المحاصرة، وفق ما يؤكد ناشطون.

وقد أفاد أحد العاملين في هذا المشروع أن الهدف الأساسي يدور حول تحقيق الاكتفاء الذاتي دون انتظار المساعدات، التي إن وصلت يكون قد نهب معظمها على حواجز النظام العسكرية والأمنية.

ويوضح أن هذا المشروع عبارة عن جهد ذاتي بحت، فكرفيه ونفذه أبناء منطقة الغوطة الشرقية.

وفي ذات السياق، قام المكتب المحلي في بلدة زبدين بالتعاون مع مكتب المجالس المحلية لريف دمشق بإنشاء "سوق هال" مصغّر يتم من خلاله التبادل الزراعي التجاري بين مدن ومناطق الغوطة الشرقية، في محاولة لتأمين الحاجات الغذائية الرئيسية لأبناء المنطقة وعائلاتها.

المكتب الاغاثي في زملكا وهو المختص في مساعدة عوائل الشهداء والمعتقلين والجرحى عبر لجنة المشاريع التابعة له، أطلق مشروعا في بداية شهر رمضان تحت مسمّى "إفطار صائم" قام من خلاله بتأمين السلال الغذائية والحصص الإغاثية للعائلات المنكوبة.

كما عمل المكتب على مشروع زراعة الأراضي في المدينة، ونجح في إنتاج الخضراوات والمحاصيل الزراعية الأساسية.

وقال أحد الناشطين الإعلاميين في الغوطة الشرقية إن النظام السوري وبواسطة طائراته ونيران مدفعيته يحاول دائما استهداف هذه الأراضي الزراعية ومحاصيلها، في مسعى منه لتخريبها وحرقها، عسى أن يساعده ذلك على إخضاع الغوطة الشرقية , وشلّ الحياة فيها عبر تجويعها، مبينا أنه تم توثيق العديد من هذه هذه الاستهدافات بالصوت والصورة.

ويفيد الناشط الإعلامي بأن العديد من مقاتلي الجيش الحر من أبناء الغوطة يوزعون نشاطهم بالتناوب بين جبهات القتال، والأعمال الزراعية كالحراثة والحصاد والقطاف، موضحا أن هؤلاء المقاتلين يظلون في النهاية كأي إنسان رازحين تحت عبء المسؤوليات الإنسانية الملقاة على كاهلهم، بصفتهم آباء ومعيلين لأسرٍ نال من أطفالها الحصار.

وتظهر هذه المشروعات وغيرها أن المحنة الإنسانية الكبيرة التي تعيشها الغوطة الشرقية لدمشق، لم تفت من عزيمة أهلها وصبرهم، وقدحت لديهم شرارة الابتكار، ليشقوا طريق مواصلة الحياة، دون أن ينسوا شعار الثورة السورية الأول: "الموت ولا المذلة".

ترك تعليق

التعليق