يطلب فواتير كهرباء وتلفون ..المركزي يضع آلياتٍ لملاحقة مُشتريّ دولاره حتى المنزل

أوضح مصدر من المتعاملين مع شركات الصرافة بدمشق لـ"اقتصاد" أن تعقيداتٍ جديدةً أُضيفت للائحة متطلبات الحصول على دولار المركزي المسعّر بـ 175 ليرة سورية.
ومن حين لآخر، يعقد مصرف سوريا المركزي جلسات بيع علنية لشرائح من القطع الأجنبي، الدولار على الأغلب، بسعر محدد، 173.5 ليرة سورية، لصالح بعض شركات الصرافة، على أن تقوم الأخيرة ببيعه للمواطنين بسعر 175 ليرة سورية للدولار، بسقف 500 دولار لمن يرغب بشرائه لأغراض غير تجارية.
لكن المصدر المشار إليه أكّد لـ"اقتصاد" أنه اطلع على شروط جديدة بخصوص متطلبات شراء دولار المركزي المسعّر بـ 175 ليرة سورية، حيث قرأ تلك الشروط منشورة على باب شركة المفتي للصرافة في شارع 29 أيار.

وفصّل المصدر أن بيع دولار المركزي لم يعد يقتصر على الهوية الشخصية، بل يتطلب سند إقامة وفواتير كهرباء وتلفون، وعقد إيجار إن لم يكن المشتري يملك للمنزل الذي يقيم فيه.
سألناه إن كان يعتقد أن طلب فواتير الكهرباء والتلفون تستهدف إجبار شريحة أكبر من السوريين على تسديد التزاماتها تجاه خدمات الكهرباء والماء، فاستبعد المصدر ذلك مرجّحاً أن القضية ترتبط بتعزيز القدرة على ملاحقة من يشتري دولار المركزي المسعّر بـ175 ليرة سورية، بحيث لا يتمكن أحدهم من الشراء من عدة شركات صرافة، ومن ثم يتاجر بدولار المركزي ليبيعه في السوق السوداء بسعر أعلى.

وأوضح المصدر أن بعض المتاجرين بالعملة كانوا يشترون سابقاً الدولار من شركتين أو أكثر، ليتاجروا به في السوق السوداء، ومن ثم يكتشف المركزي الأمر لكنه يجد صعوبة في ملاحقتهم، أما الآن، أصبح بمقدور المركزي ملاحقة أي شخص يحاول المتاجرة بالدولار المُشترى بسعر المركزي المخفّض، عبر "داتا" موحدة تربط المركزي بجميع شركات الصرافة والمصارف المخوّلة ببيع دولار الـ 175 للمواطنين، فحينما تشتري دولار المركزي من أحد شركات الصرافة فسيسجّل اسمك وكل المعطيات المرتبطة بك من عنوان منزلك ورقم تلفونك وغيرها من المعطيات المطلوبة للتعريف بشخصك، في شبكة موحدة مرتبطة بكل شركات الصرافة والمصارف وبالمركزي نفسه، بحيث يتم كشفك في حال حاولت شراء دولار المركزي من شركة صرافة أو مصرف آخر بصورة مخالفة للشروط.

ويعتقد المصدر أن هذه الطريقة ستمكّن المركزي من التقاط بعض الخيوط في السوق السوداء عبر استدعاء بعض من اشترى دولار المركزي، والتحقّق إن كانوا تصرفوا بالدولار، وكيف، ولمن باعوه،....وهكذا تصبح لديهم سلسلة واضحة حول حركة العملة الخضراء في السوق، ويساعدهم ذلك أكثر على ضبط سعر صرف الدولار.

ولا يستبعد المصدر ذاته أيضاً أن يقوم المركزي في مرحلة ما بملاحقة بعض مُشتريّ دولار الـ 175 ليرة لمصادرته منهم بحجج وذرائع عدّة، لإعادة تعزيز رصيده من القطع الأجنبي.

خلاصة ما سبق، أنه لم يعد من الممكن لمُشتريّ دولار المركزي أن يُفلتوا من ملاحقة ومراقبة الجهات المختصة المكلّفة بإدارة سعر صرف الدولار في السوق السورية من جانب سلطات النظام، وإن كانت تلك السياسة ببعدها الأمني، تحمل جوانب إيجابية من قبيل ضبط سعر صرف الدولار الذي كلما ارتفع، كلما تدهورت أوضاع معيشة السوريين في الداخل، بقدر ما لها من سلبيات، نظراً لما يكتنف التدخلات الأمنية عادة من فساد ورشوة، تجعل سيف القانون مطبق على البعض، ومرفوع على البعض.

إلى جانب ما سبق، يعتقد مراقبون أن الكثير من المصارف الخاصة وشركات الصرافة البارزة هي واجهة لشراكات مع مسؤولين ومتنفذين داخل أروقة النظام، الأمر الذي يجعل إجراءات المركزي الساعية إلى ضبط سعر صرف الدولار، تنطبق على البعض، في حين يُعفى منها البعض الآخر، بصورة غير معلنة ومخالفة للقانون.

يبقى أن نقرّ في نهاية المطاف، أن مساعي مصرف سوريا المركزي لضبط سعر صرف الدولار في السوق السورية، ووقف تدهور القوة الشرائية لليرة السورية، بغية الحفاظ على استقرار النظام الاقتصادي، ودوره في إدارة معيشة جزء كبير من السوريين الخاضعين لسيطرته في "المناطق الآمنة"، رغم ما يكتنفها من أبعاد سياسية تخدم مصلحة النظام في البقاء، إلا أنها في المقابل تحفظ الحد الأدنى من لقمة العيش الباقية لشرائح كبيرة من السوريين المقيمين في المناطق الخاضعة للنظام، والذين قاربوا حافة "الفاقة" بصورة غير مسبوقة مطلع شهر رمضان المنصرم، حينما تجاوز الدولار حاجز 335 ليرة سورية، لتحلّق أسعار السلع والمواد الأساسية بصورة كارثية، هددت معيشة ملايين السوريين، الأمر الذي يدفعنا للإقرار بأهمية استقرار سعر صرف الدولار قدر الإمكان، حفاظاً على ما تبقى من قوة شرائية في يدّ السوريين، وتجنيبهم المزيد من التدهور المعيشي والاقتصادي.

يبقى أن نذكر أن سعر الدولار أمس انخفض في السوق السوداء نسبياً بصورة طفيفة مسجّلاً 220 ليرة للشراء، و230 ليرة للمبيع.
كما انخفض سعر اليورو أيضاً، مسجّلاً 287 ليرة للشراء، و301 ليرة للمبيع.

ترك تعليق

التعليق