مصالح الشيعة في دول الخليج على مقصلة تورط حزب الله في سوريا

15 ألف سوري "علوي" يُرحّلون من الخليج حسب معطيات غير مؤكدة
500 ألف إيراني يقطنون في دبي ولا تطالهم حملات الترحيل
48 ساعة مهلة الترحيل لشيعة لبنانيين في الإمارات
30% نسبة الشيعة في الكويت..يحظون بنصيب مقبول من حقوق المواطنة
70% نسبة شيعة البحرين...والسلطات تخشاهم
3.6 مليون شيعي يتركزون في أغنى المناطق النفطية في السعودية

يبدو أن تورط حزب الله الميداني في سوريا لن ينعكس سلباً على مصالح أنصاره والمحسوبين عليه في دول الخليج فحسب، بل سيتعدى ذلك ليشمل كل الشيعة في الدول الخليجية، من مواطنين ووافدين.
ففي ظلال المخاوف الأمنية السائدة في أوساط أنظمة الخليج حيال نشاطات حزب الله في سوريا واحتمالات تمددها إلى بلدانهم، رفع وكلاء داخلية تلك الأنظمة توصيات تتضمن 11 اقتراحاً يستهدف محاصرة مصالح حزب الله وأنصاره، وأية شبكات ناشطة لصالحه، بين شيعة الخليج، مواطنين ووافدين.

ترحيل واسع النطاق لعلويين وشيعة من دول الخليج
وكانت بعض دول الخليج قد شنّت حملات "ترحيل" استهدفت شيعة لبنانيين وسوريين "علويين" خلال الشهر السادس من العام الجاري، على خلفية انخراط حزب الله الميداني المباشر في معركة القصير بسوريا.

وكانت مدونات الكترونية موالية للنظام قد ألمحت إلى طرد أكثر من 15 ألف سوري من "العلويين"، وعشرات اللبنانيين الشيعة، وبعض المسيحيين، من دول الخليج، إلى جانب تهديد أكثر من نصف مليون لبناني باحتمال الترحيل. ولا يمكن الجزم بصحة هذه الأرقام، إلا أن حالات الترحيل الواسعة التي استهدفت شيعة لبنانيين مقيميين في دول الخليج، باتت مؤكدة في تقارير إعلامية غربية.

توصيات تضرّ بالشيعة في الخليج
المقترحات التي اتخذت صيغة توصيات، ستُرفع إلى اجتماع وزراء داخلية دول الخليج المرتقب، لتوضع موضع التنفيذ.
وتستهدف المقترحات، كما نقلت صحيفة الشرق الأوسط المحسوبة على السعودية في خبر رئيسي لها منذ يومين، مصالح حزب الله والمنظمات المماثلة له، دون أن يتم تسمية تلك المنظمات. وتتعلّق تلك التوصيات بالإقامات والمعاملات التجارية والمالية، مما يُوحي بأنها ستضرّ بالشيعة اللبنانيين، بالدرجة الأولى، وبشيعة الخليج من المواطنين، بالدرجة الثانية، خاصة في البحرين، ومن ثم، في السعودية.

الإمارات ترحّل الشيعة اللبنانيين وتُحابي الإيرانيين
وكان تقرير لـ"فرانس 24" في الشهر السادس من العام الجاري قد لحظ حملة ترحيل بذرائع أمنية طالت الشيعة اللبنانيين في الإمارات، وتحديداً في دبي، دون أن تطال الإيرانيين الناشطين مالياً بقوة في الإمارة.

ورُحّل بعض أصحاب المطاعم العاملة في الإمارات منذ 20 سنة، وفق إجراءات فورية لا يتعدى أجلها 48 ساعة لمغادرة الأراضي الإماراتية، وطُلب من بعضهم بيع محلاتهم خلال أيام، مما أضرّ بهم مالياً بصورة كبيرة، خاصة منهم المغتربين اللبنانيين القادمين منذ فترة قصيرة، إذ كان هؤلاء يعودون إلى لبنان بلا شيء.

ويقدّر تقرير "الحرية الدينية في العالم"، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006، نسبة الشيعة في الإمارات، بنحو 15 في المائة من إجمالي عدد سكان الدولة، الذي يبلغ نحو 4.5 مليون، ويشكل نسبة غير المواطنين منهم نحو 85 في المائة، في حين أن مصادر أخرى تقول إن نسبة الشيعة لا تزيد عن 10 في المائة.

ويتركز الشيعة في إمارة دبي والشارقة وأبوظبي، ولهم وجود محدود في بقية الإمارات الأخرى.

وفضلاً عن المواطنين الشيعة، يقيم في الإمارات أيضاً عدد كبير من الإيرانيين الشيعة، الذين هاجر أغلبهم إليها بعد الثورة الإيرانية.

فقد أشار تقرير لجريدة "الشرق الأوسط" (نشر في 26 يناير/ كانون الثاني 2007) إلى أن عدد الإيرانيين- بحسب تقديرات غير رسمية - يقدر بنحو نصف مليون، يتركز معظمهم في دبي.

مقترحات تحمل أبعاداً إقليمية...ومحلية خليجية
صحيفة الوطن السعودية من جانبها، فصّلت في المقترحات المشار إليها في مطلع التقرير، فأشارت إلى مقترح يحمل بعداً سياسياً دولياً يتمثّل في "استخدام الدبلوماسية الخليجية لإقناع المجتمع الدولي بخطر حزب الله ووضعه على "القائمة السوداء".
لكن الأخطر منها تلك المقترحات التي تحمل أبعاداً إقليمية من جهة، ومحلية خليجية من جهة أخرى.
من ذلك: "حظر التعامل مع المؤسسات المالية التي تسهل مصالح حزب الله، إضافة إلى تجميد الأموال والأصول المالية العائدة للمنتمين إلى الحزب، أو المتعاونين معه في الدول العربية.

إلى جانب "حظر أي نوع من أنواع الدعم الصريح أو الظني لحزب الله اللبناني والمنتمين له، إضافة إلى فرض عقوبات على من تثبت صلته بهذا الحزب من قريب أو بعيد، بما يضمن حظر دخولهم لدول مجلس التعاون، وإبعاد من تثبت علاقته بالحزب من الأراضي الخليجية".

وتنص الإجراءات الخليجية، والتي لا تزال على هيئة "توصيات"، على "إنشاء قاعدة بيانات مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي حول الأشخاص الذين تتخذ بحقهم إجراءات عقابية. كما دعت الإجراءات إلى توفير كافة السبل الممكنة بين الدول الست، لأغراض التحقيق والملاحقة القضائية لأي أشخاص تثبت صلتهم بحزب الله".

الكويت ممتعضة...والشيعة فيها يحظون بحقوق مقبولة
بناء على ما سبق من غير المتوقع أن تنحصر آثار التوصيات المقترحة على مؤسسات أو منظمات ترتبط بحزب الله، مع الإشارة إلى أن هكذا منظمات غير موجودة فعلياً في دول الخليج، بقدر ما ستطال الشيعة اللبنانيين والسوريين (العلويين)، إلى جانب الشيعة المواطنين من أهالي تلك الدول.

وهو ما دفع وكيل وزارة الداخلية الكويتي إلى التلميح باعتراض ضمني للكويت على النطاق الواسع للإجراءات المقترحة، مع الدعوة لتشميل كافة "التنظيمات الإرهابية" بها، كتعبير على ما يبدو عن مخاوف مسؤولي الكويت حيال حساسية المشهد في بلدهم، التي ينشط فيها الشيعة المواطنون والوافدون بصورة ملحوظة، سياسياً واجتماعياً.

ويمثل الشيعة في الكويت أقلية، فوفقاً لتقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي تصدره الخارجية الأمريكية، يشكل الشيعة نسبة 30 في المائة من عدد السكان المواطنين، الذين يبلغ عددهم 973 ألفاً، علماً أن العدد الإجمالي لسكان الكويت، (مواطنين ووافدين)، يصل إلى مليونين و900 ألف تقريباً.

ويذكر التقرير ذاته أيضاً أن هناك 100 ألف شيعي مقيم لا يحمل الجنسية الكويتية. كما يوجد نحو عشرة آلاف من طائفة البهرة (الشيعية) الهنود.

وللشيعة الكويتيين ممثلين في البرلمان الكويتي، إلى جانب تمثيل اجتماعي ملحوظ، كما أنهم يمارسون شعائرهم بحرية، وتحظى احتفالاتهم الدينية بحماية أمنية.

في البحرين...السلطات متحمسة للإجراءات...والشيعة أغلبية
في مقابل الامتعاض الكويتي، أظهر وكيل الداخلية البحريني حماساً كبيراً للتوصيات، وطالب بـ "إجراءات فعالة تمكّن دول الخليج من التصدي لأي نشاطات إرهابية تصدر مستقبلاً عن «حزب الله» أو المنتمين له"، مع الإشارة إلى أن البحرين كانت قد استبقت التوصيات الخليجية واسعة النطاق، فأصدرت حكومتها مرسومين، "جاء الأول في شأن تنظيم جمع المال، والآخر خاص بتعديل بعض أحكام القانون لتشديد العقوبات بهدف حماية المجتمع من الأعمال "الإرهابية"، كما أضيف قرار وزاري يضع قواعد لاتصال الجمعيات السياسية بالأحزاب أو التنظيمات السياسية الأجنبية، حسب تصريحات لمسؤول بحريني أدلى بها لصحيفة الحياة اللندنية.

ومن المعلوم أن حماس السلطات البحرينية لخطوات إقليمية – خليجية واسعة النطاق ضد الشيعة في الخليج، مرتبط بالصراع السياسي – المذهبي في المملكة، بعدما نجح نظامها الحاكم في إجهاض حراك ثوري غلب عليه العنصر الشيعي مطلع العام 2011 بدعم عسكري سعودي مباشر.

ويشكل الشيعة أغلبية السكان في البحرين، وتتراوح التقديرات ما بين 60 و80 في المائة من إجمالي السكان، (الذي يبلغ 725 ألف نسمة تقريباً).

أما تقرير "الحرية الدينية في العالم"، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006، فيقدر نسبتهم بنحو 70 في المائة من عدد السكان المواطنين، ومثله تقرير "التحدي الطائفي في البحرين"، الصادر عن المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (ICG) في بروكسل.
ويوجد في شيعة البحرين من هم من أصول فارسية، والذين يقدر عددهم ما بين 25 و30 في المائة من إجمالي السكان. إلا أن الشيعة العرب يشكلون أغلبية المجتمع الشيعي، ويقطن معظمهم القرى والمناطق الريفية.

مخاوف سعودية من أقلية شيعية تقطن في أغنى مناطقها النفطية
لكن رغم كل ما سبق يعتقد مراقبون أن النظام السعودي هو حامل لواء التحرك الإقليمي الخليجي ضد حزب الله، وضد الشيعة في الخليج، إذ تظهر السلطات السعودية حساسية مفرطة حيال أي نشاط علني لمواطنيها من الشيعة والذين يقدر عددهم بحوالي 3.6 مليون نسمة، من أصل 28 مليون إجمالي عدد السكان، لكن شيعة السعودية يقطنون في أكثر مناطق السعودية غنى بالثروة النفطية، وتحديداً المنطقة الشرقية "الأحساء والقطيف".

شيعة السعودية...والشيعة الوافدون...أبرز الضحايا...والإيرانيون في مأمن بدبي
في ختام ما سبق، يبدو أن الشيعة بكل انتماءاتهم، وافدين ومواطنين، سيدفعون أثماناً غالية لتورط حزب الله الميداني المباشر في سوريا، خاصة في حال أُقرّت التوصيات المذكورة، وهو أمر مرجّح، ومن المنتظر كنتيجة لذلك، أن نشهد موجات ترحيل واسعة النطاق، لشيعة لبنان وسوريا العاملين في دول الخليج، وحالات تضييق مالي وتجاري كبير على الشيعة المواطنين خاصة في السعودية، مع ترجيحات بألا تطال تلك الإجراءات نشاطات الجالية الإيرانية الشيعية الواسعة في دبي، رغم أن إيران هي الراعي الإقليمي الأبرز للشيعة في المنطقة، كتعبير عن استراتيجية الفصل بين السياسة والتجارة والاستثمار في الإمارة المذكورة.

"التشيّع" وتجنيس الشيّعة في "سوريا الأسد"...بحثٌ نادرٌ حول الأرقام والأهداف والسيناريوهات (2-2) 

أصدر ناشطون من السويداء بيانا رفضوا فيه تجنيس 40 ألفا من التابعية اللبنانية والعراقية . مخطط الأسد يتناغم مع المشروع الجيو-طائفي في لبنان تتابع "اقتصاد"نشر الجزء الثاني منة... المزيد

ترك تعليق

التعليق