ذهب سوريا المكنوز...المغتربون السوريون بالأرقام والتقديرات

تحويلات المغتربين السوريين توازي 16.7% من ميزانية سوريا قبل الثورة

أكبر كتلة من المغتربين السوريين تتركز في أمريكا اللاتينية ومن ثم الخليج

السوريون في ألمانيا يشكّلون 45% من مجمل السوريين في أوروبا

24 ألف طبيب سوري في أمريكا وألمانيا

أكثر من ثلث المغتربين السوريين من حَمَلَة الشهادات الجامعية

تختلف التقديرات حول تعدادهم، ففي حين تذهب بعض التقديرات إلى أن السوريين خارج سوريا يبلغون 18 مليون نسمة، يذهب آخرون إلى أن العدد يتراوح بين 12-15 مليون نسمة.

بطبيعة الحال، يجب إضافة المغتربين السوريين الجدد بفعل حرب الأسد على شعبه منذ أكثر من عامين، والذين ربما يتجاوزون المليونين، مما يرفع تعداد المغتربين السوريين إلى أكثر من 20 مليون نسمة.

تحويلات المغتربين السوريين قبل الثورة
يعدّ المغتربون السوريون ثروة سوريا التي سبق أن سعى نظام الأسد إلى استثمارها، ونجح، وإن بشكل محدود، في دفع بعض نجوم الاغتراب السوري للقيام بخطوات رائدة في مجال الأعمال بسوريا.

قدّرت وزارة المغتربين عام 2009 تحويلات المغتربين السوريين بحوالي 2 مليار دولار، أي ما يوازي 16.7% من ميزانية سوريا البالغة حينها حوالي 12 مليار دولار.

مناطق تركّز المغتربين السوريين
يتركز مغتربو سوريا من حيث حجم الكتلة البشرية، حسب مصادر وزارة الخارجية والمغتربين السوريين، بالترتيب من الأكثر كثافة إلى الأدنى، وفق ما يلي:

• أمريكا اللاتينية: وبخاصة البرازيل– الأرجنتين– فنزويلا– تشيلي.
• الخليج العربي: وبخاصة المملكة العربية السعودية – الإمارات العربية المتحدة – الكويت.
• الولايات المتحدة وكندا: تشير أرقام غير رسمية إلى حوالي 500 ألف أمريكي من أصل سوري وكذلك 500 ألف كندي من أصل سوري.
• أوروبا: التواجد الأكبر هو في ألمانيا – السويد – فرنسا – إسبانيا – إيطاليا – بريطانيا.
• أستراليا.
• روسيا والدول المستقلة.

يشكّل السوريون في ألمانيا 45% من السوريين الموجودين في أوروبا.

بعض الأرقام المتداولة تشير إلى حوالي 500 ألف أمريكي سوري في الولايات المتحدة الأمريكية ومثلهم في كندا، في حين أن هناك 300 ألف سوري في أستراليا.

يصل عدد أفراد الجالية السورية في نيجيريا إلى 10 آلاف مغترب، منهم ستة آلاف مغترب (60%) ينتمون إلى قطاع رجال الأعمال، يعملون في الصناعة والتجارة ومختلف الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

تاريخ هجرات السوريين
حصلت أولى هجرات السوريين إلى خارج الوطن منذ العام 1820، في العهد العثماني، بسبب الأزمات الاقتصادية، تلتها هجرة كبيرة في مطلع القرن العشرين، وأخرى قبيل الحرب العالمية الأولى وبعيدها. تركزت الهجرات إلى أمريكا الجنوبية، وأوروبا والولايات المتحدة، ومن ثم تزايدت الهجرة إلى فرنسا في عهد الانتداب الفرنسي، فكانت تبدأ بنيّة الدراسة، ومن ثم يستقرّ السوريّ هناك.

وتكررت هجرات سوريين إلى أمريكا الجنوبية وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وبعيد ظهور النفط في الخليج بدأ بعض السوريين يتوافدون إليه، وبعد العام 1970 هاجر بعض السوريين إلى أستراليا والصين وإندونيسيا.

وتذهب بعض التقديرات غير المؤكدة إلى أن هناك سوريين تجنسوا بالجنسية الأمريكية وانصهروا في المجتمع الأمريكي وفقدوا هويتهم السورية، ويبلغ تعدادهم حوالي 4 ملايين سوري، ناهيك عن 19 مليون سوري ذابوا في مجتمعات أمريكا الجنوبية وفقدوا هويتهم السورية، حسب بعض التقديرات غير المؤكدة.

جدل حول المراهنة على المغتربين
تمثّل هجرة السوريين نزيفاً بشرياً، والأهم هجرة العقول والكفاءات، ففي ألمانيا والنمسا وحدها 8 آلاف طبيب سوري. 

وتذهب بعض الأرقام غير المؤكدة إلى أن ثروات المغتربين السوريين الذين ما يزالون يحافظون على ارتباطهم بهويتهم السورية تقُدّر بحوالي 80 مليار دولار، إلا أن بعض الاقتصاديين يرفضون هذه الأرقام بحكم أن الطريقة التي تم استنتاجها بواسطتها لا تتمتّع بالمنهجية العلمية.

ويذهب اقتصاديون وخبراء إلى أن المراهنة على استثمارات السوريين المغتربين في بلدهم، في غير مكانها، لأن معظمهم ارتبط ببلدان المهجر، واستثماراتهم في سوريا آنية وجزئية ومحدودة.

إلا أن تجربة العقد الماضي، ونجاح بشار الأسد في جذب استثمارات مغتربين سوريين من كبار رجال الأعمال في دبي تحديداً، وعبر الصلات الشخصية، تشير إلى أن السير في هذا الاتجاه والحثّ عليه، قد يُجدي في جذب رؤوس أموال مُعتبرة، وخبرات رائدة في مجال الأعمال.

بطبيعة الحال، لا يمنع حفاظ المغتربين السوريين على صلاتهم ببلدان الاغتراب، أن يخوضوا تجارب رائدة للاستثمار والنشاط المالي والاقتصادي في بلدهم الأم.

تجربة الأسد تبوء بالفشل
تجربة الأسد الابن ونجاحه في جذب رؤوس أموال سورية مغتربة من الخليج تحديداً، ونشاطات وزارة المغتربين التي أُسست في عهده، وتولتها حينها بثينة شعبان، بغية إنشاء روابط للمغتربين السوريين تجذبهم للاستثمار في سوريا، باءت بالفشل لاحقاً، بعد الخضات السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد منذ اغتيال الحريري عام 2005 انتهاءً باندلاع الثورة السورية، وإظهار الأسد الوجه البربري، الذي نفّر رجال أعمال بارزين منه، ودفعهم للالتحاق بركب الحراك الثوري، دعماً وتمويلاً، من مناطق اغترابهم في الخليج وأوروبا وأمريكا.

أرقام حول حجم العقول السورية المهاجرة
قدّرت دراسة الخبير والباحث الاجتماعي السوري محمد جمال باروت نسبة المهاجرين السوريين ممن هم في المستوى التعليمي الثالث (الجامعي وما فوق) إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية oecd في عام 2000 بأنها تشكل (35.1%) من إجمالي عدد المهاجرين السوريين حتى ذلك العام، وبينت دراسات منظمة الهجرة والتنمية في الأمم المتحدة أن نسبة السوريين أولئك تشكل 0.9% من مجمل المهاجرين الأجانب في بلدان منظمة التعاون والمقدرة نسبتهم بـ(11.8%).

وتذهب دراسات منظمة الهجرة في الأمم المتحدة إلى وجود 24 ألف طبيب سوري في أميركا وألمانيا، لكنها تنوه إلى أن نسبة 3.7% من هؤلاء المهاجرين، توازي أقرانهم في سوريا، مقتربين في ذلك من نسبة مهاجري المستوى التعليمي الثالث في مصر إلى أقرانهم والمقدرة بـ(3.6%)، على حين قدرت نسبة من يحملون الشهادة الثانوية وما فوق التعليم الثانوي بـ(31.12%) من ذلك الإجمالي، ونسبة من هم دون التعليم الثانوي بـ(33.8%) من المهاجرين ويعني ذلك على مستوى الاتجاه العام أن نسبة هجرة الكفاءات، ومن هم في طور الكفاءات وفق مؤشر مستوى التعليم تشكل أكثر من ثلاثة أخماس المهاجرين السوريين إلى دول oecd، بما يتسق مع اتجاه جذب دول تلك المنظمة والدول الغربية عموماً للكفاءات في العالم.

بينما قدرت دراسة للبنك الدولي أن عدد المهاجرين السوريين الذين تلقوا تعليماً ثلاثياً (جامعياً)، أي كل مراحل تعليمهم في سوريا يمثلون سنويا (5.2%) من إجمالي عدد المهاجرين السوريين حتى عام 2005 المقدر وفق تلك الدراسة بـ(480.70 مهاجرين أو (2.5%) من إجمالي عدد السكان، وأن نسبة الأطباء السوريين المهاجرين الذين أتموا تعليمهم الطبي في سورية تقدر سنوياً بـ(9.5%)من عدد الأطباء الخريجين.

وفي المنظور المقارن لهجرة الأدمغة والكفاءات السورية مع نظيرها في دول المنطقة تبدو هذه النسبة متدنية حين تحتل سوريا المرتبة السابعة (3.7%) في هجرة الكفاءات التي أتمت التعليم الثالث (الجامعي) بين ثماني دول عربية وهي قريبة من مصر التي تحتل المرتبة الثامنة (3.6%) بالقياس إلى المغرب (19.5%) والجزائر (15%) وتونس (14%) والعراق (7.6%)، والسودان (4.4%) ولكنها تبدو مرتفعة في إطار المنظور النسبي مع الأخذ بالحسبان أن هذه النسبة تشمل الكفاءات المهاجرة إلى بعض منظمات التعاون والتنمية فقط في عام 2000 ولا تضم المهاجرين إلى دول مجلس التعاون الخليجي التي تتسم بتركز قدر كبير من الكفاءات السورية في أسواقها، إلا أنها تبدو مرتفعة في التقييم النسبي في ضوء ندرة الأدمغة (رأس مال معرفي) والكفاءات (رأس مال بشري) السورية، ودخول سورية من نحو عقد تقريباً في ما يمكن تسميته مرحلة التصحر العلمي من جهة وارتفاع وتيرة تراجع عدد الخريجين السوريين في تخصصات العلوم الدقيقة والتخصصات التقنية العليا والوسيطة أو المساعدة التي تعتبر -الوسيطة- رغم كثرة معاهدها في سوريا ومن أكثرها فاقداً في سوريا بمعدلات تتراوح بين 82% في معاهد وزارة التعليم العالي وبين 69% للوزارات الأخرى على حين يشكل طلاب المعاهد المتوسطة ما لا يقل عن 22.8% من طلبة التعليم ما بعد الثانوي.

بطبيعة الحال الأرقام السابقة، لا تشمل أرقام خاصة بالكفاءات والأدمغة الفارّة من الجحيم السوري في السنتين الأخيرتين، وتشير التقديرات إلى تجاوز اللاجئين خارج سوريا رقم 2 مليون، دون وجود أرقام دقيقة حول نسب حاملي الشهادات العليا من بينهم.

اتجاهان حول مساهمة المغتربين في بناء سوريا
وفي سياق الحديث عن الإفادة التي يمكن لمغتربي سوريا أن يقدموها لأبناء بلدهم، خاصة في ظروف اللجوء المريرة حالياً، وفي المستقبل القريب، حالما تقف دوامة الحرب التي تفتك بالبلاد والعباد، وتبدأ مرحلة إعادة الإعمار، تختلف الآراء بين اتجاهين: الأول يدعو إلى عدم المراهنة على رأس المال السوري المغترب، وأن مساهمته ستكون متواضعة، في حين يذهب اتجاه آخر من المراقبين والمختصين إلى المراهنة على دور بارز للمغتربين السوريين، خاصة منهم الذين ما يزالون يحتفظون بروابط صلة عميقة ببلدهم الأم، خاصة في ظل ما ظهر للعيان من نشاط ملحوظ لرؤوس أموال سورية مغتربة في الخليج وأوروبا وأمريكا تجاه بلدهم الأم في الظروف الراهنة، وتحرك بعضهم للقيام بخطوات دعم إنساني وإغاثي، وأحياناً خطوات دعم سياسي وميداني.

يبقى أن التجربة المحدودة الناجحة نسبياً لنظام الأسد، وذلك للأمانة التاريخية، بغية جذب المغتربين السوريين للاستثمار في بلدهم، قبل الثورة، تشير إلى أن دفع هذه التجربة إلى حدودها القصوى، بعد توقف دوامة الحرب، ستجلب للسوريين عشرات مليارات الدولارات من الاستثمارات الصافية، التي لا ديون تُعكّرها، ولا ضغوط سياسية تُرافقها.

ترك تعليق

التعليق