بانوراما تحليلية لتذبذبات أسعار صرف الدولار بدمشق

تميز سعر صرف دولار السوق السوداء بدمشق خلال شهر تشرين الثاني نوفمبرالفائت باستقرار نسبي ملحوظ عند معدلات سعرٍ منخفضةٍ، مقارنةً بأسعاره في الثلث الثالث من العام الجاري.

وقد شهد مطلع الشهر الماضي خضّةً كبيرةً في تذبذبات سعر صرف الدولار بدمشق ليصل إلى أدنى مستوياته منذ مطلع العام الجاري، فسجّل 120 ليرة للشراء، و126 ليرة للمبيع، قبل أن يعاود الصعود تدريجياً، ليستقرّ ضمن هامش (140-160) ليرة، دون أن يبارحه حتى مساء أمس الخميس.

وكان آخر سعرٍ سُجّل للدولار مساء الخميس حوالي 145 ليرة شراءً، و148 ليرة مبيعا، فيما بلغ سعر صرف اليورو حوالي 193 ليرة للشراء، و202 ليرة للمبيع.

وقد انخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء مطلع الشهر الفائت لأول مرة إلى ما دون سعره الرسمي المسجّل في نشرة أسعار صرف العملات الأجنبية الصادرة يومياً عن مصرف سوريا المركزي، قبل أن يعود ويتجاوزه، مع البقاء قريباً منه. 
وكان آخر سعر رسمي للدولار في نشرة الخميس الصادرة عن المركزي، 141.18 ليرة، ولليورو 192 ليرة.

وبطبيعة الحال، تأثر سعر الذهب محلياً بتذبذبات سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ليسجّل ظهيرة الخميس 5300 ليرة لغرام الـ 21، و4457 ليرة لغرام الـ 18.
وكان التراجع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء قد بدأ قبل عيد الأضحى المبارك، مطلع تشرين الأول الفائت، ليتراوح بين هوامش (160- 185) ليرة. وتوقع مراقبون حينها أن يكون هذا التراجع في سعر صرف الدولار مؤقتاً، مرجعين إياه إلى قيام الكثير من السوريين الذين يحتفظون بسيولة مالية بالعملة الصعبة، ببيع الدولار بغية تمويل عمليات شراء أغراض العيد، إلى جانب قيام مصرف سوريا المركزي بعدة عمليات تدخل في السوق عبر عرض كميات من الدولار للبيع عبر صرافة متعاملين معه، مما زاد من عرض الدولار وأدى إلى انخفاض سعره.

وتوقع هذا الفريق من المراقبين حينها أن يعاود سعر الدولار الارتفاع بعد العيد في العشر الأخير من تشرين الأول، لكن ذلك لم يحصل، وحافظ الدولار على هوامش سعر منخفضة، قبل أن ينحو باتجاه انخفاض نوعيّ جديد مطلع الشهر الفائت – تشرين الثاني.

ويختلف المراقبون في تفسير ظاهرة استقرار سعر صرف الدولار عند هوامش سعر منخفضة مقارنةً بأسعاره في الثلثين الثاني والثالث من العام الجاري.

ويعزو البعض ذلك إلى أن سلطات النظام المالية هي المتحكم الحقيقي بأسعار صرف الدولار، وأن المتنفذين المحسوبين عليه، هم المتاجرين الرئيسيين به، لذا تمكن مصرف سوريا المركزي من خفض سعر صرف الدولار حينما أراد ذلك، ولأهداف سياسية، بغية تعزيز قوة النظام المالية، وتلميع صورته كقوة متمكنة وراعية لاقتصاد ومعيشة السوريين، قبيل مؤتمر "جنيف2".

فيما يرى آخرون بأن انخفاض سعر صرف الدولار جاء نتيجة استراتيجية المركزي الأمنية التي اعتمدها منذ بضعة أشهر، عبر إلقاء القبض على عدد من أصحاب وموظفي شركات الصرافة والمتاجرين غير الرسميين بالدولار، الأمر الذي قلّص هوامش المتاجرة بالدولار، وأخرج عدداً كبيراً من الفاعلين فيها خارج دائرة المتاجرة، مما عزّز من قدرة المركزي على التحكم بالسوق.

وما بين الرأيين السابقين، يذهب رأي ثالث إلى أن نتائج صفقة الكيماوي السوري بين روسيا والولايات المتحدة، ومن ثم قرار مجلس الأمن الخاص بذلك، أوحى بأن نظام الأسد حصل على غطاء دولي حتى منتصف العام القادم على الأقل، مما قلّل من الأسباب النفسية الفاعلة في دفع السوريين لبيع عملتهم المحلية واستبدالها بالعملة الصعبة، وبالتالي تقلصت عمليات شراء الدولار فانخفض سعره.
وربما تتشارك الأسباب الثلاثة السابقة أو بعضها على الأقل، الدور في تراجع سعر صرف الدولار، لكن الملحوظ أن هذا التراجع لم ينعكس بشكل كامل على أسعار السلع والبضائع في الأسواق السورية، وبقي تراجع هذه الأسعار نسبياً وجزئياً يخص سلعاً بعينها، دون أن ينعكس كانخفاض نوعي في تكاليف المعيشة التي باتت عبئاً قاسياً على كاهل السوريين عموماً.

ترك تعليق

التعليق