الدولار...لعبة النظام والمركزي بين الارتفاع والانخفاض

فقدت الليرة السورية عوامل صمودها، ليس على صعيد سعر الصرف فحسب الذي يشهد تذبذباً متواصلاً، وإنما أيضاً لناحية القوة الشرائية الحقيقية، وعلى عكس ما يخرج عن مصرف سوريا المركزي أنه يعمل على محاصرة المضاربين، يعتقد الخبراء أنه أبرز المضاربين.

المركزي يستمر في إلقاء اللوم على العوامل النفسية أنها السبب المباشر لارتفاع أسعار الصرف، وهو ما أتى على لسان حاكم المصرف أديب ميالة الذي اعتبر أن الأسباب التي أدت إلى حصول خلل في استقرار سعر صرف الليرة تتمثل في "الضخ الإعلامي الخارجي والنفسي من أجل النيل من الليرة السورية ومحاولة زعزعة ثقة المواطن بإجراءات البنك المركزي والليرة السورية والمضاربات في سوق الصرف والتدمير الممنهج للاقتصاد الوطني".

معاودة سعر الصرف إلى الارتفاع ووصوله رقم ذروةٍ بلغ 186 ليرة خلال الأسبوع الفائت بعد استقراره لعدة أشهرٍ خلت على سعرٍ يقارب 150 ليرة، دفع بالمركزي إلى عقد "جلسة تدخل مباشر"، باع خلالها 20 مليون دولار لشركات الصرافة.

وثاني إجراءات المركزي لمواجهة تغيرات سعر الصرف تمثلت بالسماح لشركات الصرافة ببيع 20 % من الحوالات الواردة للأشخاص، دون أن تعيد الشركات بيعها للمصرف، على أن تباع للمواطنين ما يزيد من مستوى العرض.

وفي تفاصيل هذا القرار الذي يعتبر دخولاً نظامياً لشركات الصرافة في لعبة المضاربة، وبما أنهم سيخسرون بارتفاع الدولار، فمن مصلحتهم إبقاء سعر الصرف منخفضاً ليستطيعوا شراء الدولار بعد شهر وفقاً للمدة المتاحة في قرار المركزي، لكن بالعودة إلى القوانين المعمول بها ففي حال عدم إرجاع الدولار للمركزي يحق له أن يصادر أملاك الشركة.

وشهد سعر الصرف في اليومين الفائتين انخفاضاً إلى سعر 168 ليرة، وهو ما يعتبره المحللون أمرا طبيعيا لأنه فترة جني أرباح بعد الارتفاع، فمن حمل الدولار باعه بالسعر المرتفع، وهو ما أدى إلى الانخفاض.

وبالتوازي مع ذلك تسجل النشرة الرسمية لسعر الصرف أرقاماً قياسية بلغت 148.62 ليرة، وسعر تمويل المستوردات 167.35 ليرة، وصرف الحوالات 165.7 ليرة.

والكثير من المراقبين لا يربطون بين سعر الصرف وقوة الليرة، وذلك لأسبابٍ عديدة، يشير إليها خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه بأن من يريد معرفة القوة الحقيقية لليرة السورية عليه النظر لواقع أسواق السلع، وبناءً عليها سعر الصرف من المفترض أن يكون بحدود 250 ليرة، إلى جانب أن المتحكم بسعر الصرف اليوم هو مصرف سوريا المركزي ليس بسبب امتلاكه للدولار، لكن بسبب طباعته لليرة التي جفت منابع الحصول عليها، ولجأ النظام منذ البداية إلى هذا الخيار، والذي يثبته حال التضخم في الأسواق، ومن العملة المطبوعة يقوم بشراء الدولار ومعاودة ضخه في الأسواق، مثله مثل أي مضارب، يحقق أرباح بالليرة وبالدولار.

ويعتقد الخبير أن التضخم مفيد للنظام لأنه زيادة في أسعار سلع دون أن تزيد قيم تكلفتها الحقيقية، وبالتالي تحقيق مكاسب دون تكاليف.

وتبقى السياسات النقدية هو ما يثبت تورط المركزي في لعبة المضاربة تلك حسب ما ينوه الخبير، كقرار مصادرة أموال الحوالات وتسليمها للمواطن بالقطع الأجنبي، وقرار إغلاق شركات الصرافة وعرض اعترافات أصحابها بأنهم كانوا متلاعبين، وبعد أقل من شهر معاودة عملهم بشكلٍ طبيعي، مثل "الشعار"، ويلمّح الخبير إلى أن النظام بالنتيجة مجموعة من التجار يتحكمون بالاقتصاد والنقد لما يرون فيه مصلحة لهم.

ترك تعليق

التعليق