منظمة حقوقية: جبهة النصرة مسؤولة عن قطع المياه بحلب

حمّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير نشرته على موقعها الرسمي، "جبهة النُصرة" المسؤولية عن قطع المياه عن مدينة حلب، وتعريض حياة قرابة 2 مليون سوري للخطر.

وفي تقرير مفصّل، استعرضت الشبكة أزمة المياه الأخيرة في حلب، منذ بداياتها، وكيف تطورت، إلى أن وصلت ذروتها مع انقطاع المياه لأكثر من 8 أيام متواصلة، مستعينة بشهادات عيان من داخل حلب، موردةً تفاصيل عن الوضع المأساوي الذي شارف عليه سكان المدينة بشطريها، سواء منهما الخاضع لسيطرة النظام، أو ذاك الآخر الخاضع لسيطرة المعارضة.

وبدايةً، أوضحت الشبكة أن محافظة حلب تُزوّد بمياه الشرب عبر محطتي الخفسة والبابيري الواقعتين في الريف الشرقي الخاضع حالياً لسيطرة تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية منذ بداية شهر شباط 2014, وقد سبق وأن توقفت هاتان المحطتان يومي الأحد والاثنين 20 و 21/ نيسان/ ابريل 2014 بسبب امتناع إدارة مؤسسة الكهرباء التابعة للحكومة السورية عن ضخ الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل المضخات، ولكن ما لبثت أن عادت للعمل على خلفية إجراء مفاوضات مع الحكومة السورية من جهة ومنظمة الهلال الأحمر وبعض أهالي مدينة حلب من جهة أخرى.

ومن ثم أضافت الشبكة أن عملية ضخ المياه إلى منازل الأهالي في مدينة حلب يتطلب أن تعمل المضخات الرئيسية في المدينة. وتعتبر المضخة الواقعة في حي سليمان الحلبي أكبرها وأهمها، وجميعها تحتاج إلى الطاقة الكهربائية العالية من أجل التشغيل. في يوم الجمعة 18/ نيسان/ابريل 2014 قطعت ”الهيئة الشرعية التابعة لكتائب المعارضة المسلحة” التيار الكهربائي عن مدينة حلب بالكامل سواء الخاضعة لسيطرة النظام السوري أو المعارضة وذلك بعد أن أعلنت الهيئة عن:
“إن على القوات الحكومة السورية أن توقف القصف اليومي بالبراميل والصواريخ على الأحياء السكنية الخاضعة لسيطرة المعارضة ومقابل ذلك تعمل “الهيئة الشرعية” على إعادة خدمة التيار الكهربائي“.

وبقيت المضخات تعمل بالاعتماد على المولدات الاحتياطية التي تشتغل على الديزل وذلك تسبب في وصول المياه مرة واحدة كل ثلاثة أيام، حسب تقرير الشبكة.

في الفترة الواقعة بين الأحد 27/ نيسان/ابريل حتى الجمعة 2/ أيار/ مايو، عادت المضخات الكهربائية للعمل بشكل متقطع، وتوقفت في يوم الجمعة بسبب قصف الطائرات المروحية الحكومية إحدى القنابل البرميلية على الطريق الواقع بين مشفى الكندي وقرية العويجة، ما تسبب في تدمير الأنبوب الرئيسي للمياه، وانتشار المياه في الطرقات ووصولها إلى دوار الجندول. قام عمال من شركة المياه ومنظمة الهلال الأحمر، وبمساعدة بعض السكان المدنيين بإصلاح الأنبوب المتضرر وعاد ضخ المياه في اليوم التالي بتاريخ 3/نيسان/ ابريل2014.

في اليوم التالي 4/ نيسان/ ابريل2014 أصدرت الإدارة العامة للخدمات التابعة لجبهة النصرة والهيئة الشرعية لفصائل المعارضة المسلحة قرار بوقف عمل مضخة سليمان الحلبي، ما أدى لانقطاع المياه عن كافة أحياء حلب سواء الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة أو تحت سيطرة القوات الحكومية.

يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
"إن استخدام قطع المياه عن الأهالي كأسلوب من أساليب الحرب يرقى إلى ”جريمة حرب، وهو عمل إجرامي غير مقبول يهدد حياة قرابة 2 مليون من سكان المدينة. إن مسؤولية احترام الحقوق الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة تتحملها تلك الفصائل بشكل كامل”.

تواصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع أحد سكان حي الشعار، وهو حي واقع تحت سيطرة كتائب المعارضة المسلحة، وأفاد الشبكة بروايته:
”منذ نهاية شهر نيسان/ابريل وحتى اليوم نعاني من تردي وضع شبكة المياه في حلب، وبات انقطاع المياه يترافق مع انقطاع متكرر للكهرباء, ومع بداية شهر أيار ازداد الوضع سوءاً حيث انقطعت المياه بشكل متواصل لمدة تزيد عن 8 أيام.
تتبادل قوات النظام والجيش الحر الاتهامات عن مسؤولية المسبب ولكننا في الواقع نعيش حالة كارثية فقد نفذ مخزون المياه لدينا، ولم يتبق لدينا إلا مياه الآبار حيث نصطف في طوابير طويلة للحصول على القليل منها.
مياه الشرب الصالحة للاستخدام لم تعد متوفرة, قمنا بشراء خزانات وصهاريج تحمل مياه في الغالب ليست صحية إضافة إلى كلفتها المالية الكبيرة“.

أما “إبراهيم فلاح”، وهو من سكان حي الشهباء الواقع تحت سيطرة قوات الحكومة السورية، فتحدث إلى الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن أوضاع المدنين في ظل انقطاع المياه:
“بدأت الأزمة بعد انقطاع المياه المتواصل لأكثر من 8 أيام في بعض الأحياء وأكثر من 11 يوما في أحياء أخرى.
ارتفعت أسعار مياه الشرب المعدنية إلى أكثر من 4 أضعاف، وكذلك أسعار مياه الاستخدام اليومي والتي يتم شراؤها من الصهاريج إلى أكثر من 6500 ليرة سورية للسوتير الواحد سعة 20 لتر، كما قامت بعض الصهاريج المخصصة لنقل المحروقات بتوزيع المياه بعد طلي داخلها بمادة خاصة, ولا أعلم مدى صلاحية هذه المياه للاستخدام. بعض الناس باتوا يعتمدون على مياه الآبار مما يضطر المئات للوقوف أمامها في طوابير لانتظار دورهم. نحن على حافة كارثة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى“.

يُذكر أن أنباء تواترت عن التوصل إلى اتفاق بين مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة، بناء على "مبادرة أهالي حلب"، لإعادة المياه إلى كافة مناطق المدينة. وبدأت المياه بالوصول إلى بعض تلك المناطق منذ مساء أمس.

وتعد الشبكة السورية لحقوق الإنسان، منظمة حقوقية، تصف نفسها بأنها "مستقلة". تأسست بعد بدء الثورة عام 2011، وهدفها تسليط الضوء على الانتهاكات التي تحصل في سوريا، وتوثيقها، كخطوة أولى لمحاسبة مرتكبيها مستقبلاً.

ترك تعليق

التعليق