حزب لبناني ابتزّ لاجئين سوريين لإجبارهم على التصويت

قبل نحو أسبوع بدأ اللاجئون السوريون يلحظون رجالاً يتحركون في مخيماتهم في سهل البقاع اللبناني ويسألون عمن يريد التصويت في الانتخابات الرئاسية ويسجلون الأسماء.

قدم الرجال أنفسهم على أنهم أعضاء بحزب لبناني متحالف مع النظام السوري.

وكان وجودهم تذكرة لأكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان بأنهم مازالوا قاب قوسين أو أدنى من حكومة دمشق التي تبدي ثقة متزايدة بقدرتها على التعامل مع الانتفاضة التي تفجرت قبل ثلاثة أعوام.

وقال لاجئ عمره 35 عاماً ذكر أن اسمه أبو محمد البنشي، وهو يجلس في خيمة أقيمت بالعصي والمشمع على مسافة 15 كيلومتراً من الحدود السورية: "حتى هون في لبنان.. بيلحقونا".

والانتخابات بالنسبة لمعارضي الأسد من أمثال البنشي ما هي إلا صورة توضح كيف تمكّنت الحكومة فعلياً من البقاء في وجه انتفاضة أودت بحياة أكثر من 160 ألف شخص، وكيف أن نفوذها يمتد لما وراء حدودها.

والمخيمات المؤقتة في لبنان أرض خصبة للأقاويل والشائعات بين اللاجئين الذين اعتادوا سنوات الحكم الشمولي في ظل حزب البعث بزعامة بشار الأسد.

يتحدث البعض همساً عن رجال ضخام البنية في سيارات داكنة النوافذ ظهروا دون سابق إنذار وطالبوهم ببطاقات الهوية وسجلوا أسماءهم. ويقولون إن سيارات ستأتي يوم الانتخاب ومن لن يدلي بصوته سيمنع من دخول سوريا مرة أخرى.

وينفي حلفاء الأسد اللبنانيون تهديد اللاجئين، ولم يظهر من خلال أكثر من 12 مقابلة أجرتها "رويترز" ما يؤكد ترهيبهم، لكن وجود رجال يحملون أوراقاً عليها شعار السفارة السورية كافٍ لإثارة القلق في نفوس كثيرين.

وقال لاجئ يعيش في بعلبك بالبقاع الشمالي: "نحن مهددون هنا"، وأضاف اللاجئ الذي قال إن اسمه أبوعبده: "ولا سوري يقدر يقول كلمة. هايدا البلد بلدهم. هايدا البلد بلد بشار الأسد".

ويعرض لبنانيون وسوريون عاملون هناك قوائم بأسماء تم تسجيلها للمشاركة في الانتخاب.

وقال رجل طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مخولاً له التحدث إلى وسائل الإعلام، إن من يريد الإدلاء بصوته هو الذي سيدلي بصوته. وأضاف: "ما حدا بخوف حدا. لو فيه حدا بده يعتقل التاني كان عمل هيك من زمان".

وقال عاصم قانصوه السياسي والعضو بحزب البعث في لبنان إن "الحزب لم ينظم أي حملة رسمية، لكن أفراداً يساعدون اللاجئين على السفر إلى بيروت للإدلاء بأصواتهم في السفارة".

وفي الطريق الممتد من مخيمات اللاجئين في وسط سهل البقاع توجد مزرعة قديمة كانت السلطات السورية تستخدمها يوماً كمركز اعتقال. قال محمود عمر وهو لاجئ عمره 34 عاماً إن "أحداً لم يتعرض لأي تهديد مباشر في مخيّمه، لكن شائعات انتشرت بأن من سيمتنع عن التصويت سيتعرض لمضايقات من عناصر حزب الله أو سيمنع من العودة إلى سوريا".

ومن الطبيعي أن يستمر ذلك الخوف لدى اللاجئين الذين فقدوا كل شيء تقريبا ويعيشون الآن في أوضاع غير مستقرة.

من جهة ثانية حض ناشط مناهض للأسد في لبنان، اسمه جاد على الإنترنت، الأسبوع الماضي "كل لاجئ يرى أصدقاء أو جيراناً مسافرين إلى سوريا وقت الانتخابات أن يسجل أسماءهم لأنهم سيعطون أصواتهم للأسد ويجب محاسبتهم".

وتحدث عبدالله العراج، وهو طالب سابق عمره 21 عاماً من مدينة الرقة التي تقع بشمال شرق سوريا وتسيطر عليها الآن جماعة منبثقة عن "القاعدة"، عن شعوره بالإحباط بعد أن تحول الموقف في سوريا من حركة احتجاجية إلى حرب أهلية بعد حملة حكومية صارمة.

وقال: "هذه ليست ثورة. هذا تدمير للبلد... كنا سنقف مع شيء يحقق مطالب الشعب بأسلوب سلمي متحضر. لكن ما أن يتحول الموقف لثورة مسلحة ويتخذ الأمر صبغة عسكرية فسيكون المصير هو الفشل".

يُذكر أن التصويت بدأ اليوم الأربعاء بالنسبة للسوريين المقيمين في الخارج والذين يُسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم في السفارة ماداموا لم يغادروا سوريا بصورة غير مشروعة متجنبين الطرق الرسمية، كما هو الحال مع كثير من اللاجئين.

 

ترك تعليق

التعليق