عبر ملف "تمويل داعش": حكومة الأسد تُصوّب على أطراف إقليمية

نشرت جريدة "الأخبار" اللبنانية المُقرّبة من حزب الله الموالي للأسد، تقريراً يتضمن عدة رسائل منقولة عن حكومة الأسد في ملف "تمويل داعش"، تريد منها حكومة الأسد الضغط والابتزاز وإحراج جهات إقليمية بما يخدم أغراضاً سياسية ومالية خاصة بها.

وفي التقرير المُشار إليه، يتهم مسؤولو الأسد، بصورة غير مباشرة، كلاً من حكومة إقليم كردستان العراق، ودول الخليج، بالتورط، شبه المباشر، في تمويل التنظيم "الإرهابي"، مع التصويب على مسؤولية مصرف لبنان المركزي في جعل بيروت إحدى مراكز التحويل المالي الرئيسية لصالح عناصر التنظيم.

ونقلاً عن مصادر لم يحددها، بعضها من الرسميين في حكومة الأسد، يتحدث تقرير الجريدة اللبنانية عن شبكة تحويل أموال تتولى تمويل تنظيم "الدولة الإسلامية" –"داعش"، في الرقة، عبر شركات للحوالات المالية، أبرزها، "شركة الهرم" بدمشق. وتمرّ شبكة تحويل الأموال تلك عبر العاصمة اللبنانية بيروت، وعاصمة إقليم كردستان العراق، أربيل.

وتبدأ الجريدة اللبنانية تقريرها بالإشارة إلى خبر نشرته سلطات نظام الأسد مفاده أنه "نتيجة عمليات التدقيق التي تقوم بها هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (السورية الرسمية) على «شركة الهرم» للحوالات المالية، تبين للهيئة قيام الشركة المذكورة بتنفيذ عمليات تحويل أموال من محافظة الرقة وإليها. وذلك يخالف القرارات الصادرة من الجهات المختصة". وتنقل الجريدة عن مصدر لبناني أن هذا الخبر هو فحوى "الكشف" الذي حققته سلطات الأسد المُختصة بدمشق، والتي كشفت بموجبه شبكة تحويل الأموال التي تموّل "داعش".

وحسب ما وصفته الجريدة بـ "أوساط سورية رسمية" فإن "عمليات نقل الأموال من «داعش» وإليها تمر عبر محطتين رئيسيتين: أربيل وبيروت".

وتستطرد الجريدة المُقربة من نظام الأسد، مفصّلةً: "خلال الأسبوع المنصرم، توافرت لدى السلطات السورية معلومات إضافية حول الموضوع، أرخت ظلالاً من الظن حيال بعض شركات تحويل الأموال وشركات الصرافة في سوريا. منها شركات «الفؤاد» ومقرها الأساسي في درعا، و«القدموس» و«بيكو» و«الهرم». ونتيجة التعقبات، تمت مداهمة مركز سري للبيانات المعلوماتية، عائد للشركة الأخيرة، حيث عثر على كمية كبيرة من الوثائق المالية التي تؤكد قيام الشركة بتنفيذ عمليات تحويل أموال من محافظة الرقة السورية وإليها، علماً بأنها المنطقة التي تسيطر عليها «داعش» منذ مطلع كانون الثاني الماضي.

وبتحليل تلك البيانات المضبوطة، كما بدراسة حركة سوق الصرافة بين دمشق وخارجها، تبين للسلطات السورية أن الشركة المشتبه في تورطها في تمويل «داعش» لديها عدد كبير من مكاتب الوكلاء المتعاملين معها في عدد من المناطق اللبنانية. واللافت أن الشركة المذكورة غير مرخص لها من قبل مصرف لبنان لممارسة تلك الأعمال المالية فوق الأراضي اللبنانية. ولذلك فهي تتحايل على لا قانونيتها باللجوء إلى مكاتب صرافة عميلة، تتولى تنفيذ عمليات التحويل المالية مباشرة مع «الزبائن» المفترضين. وتبين في التحقيقات أن مبالغ تقدر بملايين الدولارات الأميركية تمر دورياً من عاصمة «داعش» في الرقة إلى بيروت وبالعكس. وكون الشركة المشتبه فيها غير مرخص لها، أعفاها من لجوئها إلى تقديم بيانات موثقة وقيود تثبت هويات زبائنها في لبنان ممن يحولون الأموال أو تحوّل إليهم. وهو ما يبدو أن الجهات المعنية في مصرف لبنان تقاعست عن ملاحقته أو غضت الطرف حياله، كما رجّحت الأوساط السورية المعنية".

وعبر المزيد من التفاصيل، تنتهي الجريدة اللبنانية، نقلاً عما وصفته بـ "السلطات السورية" إلى أن "أموالاً ضخمة تأتي من جهات خليجية إلى مصارف لبنانية في بيروت، وذلك لحساب أفراد غير معروفين. بعدها يتولى هؤلاء سحبها نقداً، وتحويلها بأسماء مستعارة، عبر مكاتب صرافة معينة، إلى عاصمة «داعش» في الرقة، عبر الشركة السورية المشتبه فيها، كما عبر شركة سورية أخرى يجري التدقيق في بياناتها حالياً. كذلك فإن بعضاً من التمويل الداعشي الذي يتم عبر أربيل، ينفذ من عاصمة كردستان العراقية بالطريقة نفسها، وعبر مصارف لبنانية هناك. كذلك باتت السلطات السورية نفسها متأكدة من أن القسم الأكبر من عائدات النفط السوري المسروق من قبل «داعش» في الرقة، والمقدر راهناً بنحو 50 ألف برميل يومياً، يجري تحويلها بواسطة سماسرة ماليين إلى بيروت. بمعنى أن تقوم «داعش» ببيع النفط عبر تركيا، وتتقاضى أموالها عبر لبنان، وذلك بواسطة شبكة تحويل الأموال نفسها".

وتحمّل الجريدة اللبنانية مسؤولية استخدام عملاء "داعش" للمصارف ومكاتب تحويل الأموال اللبنانية، إلى "غفلة" مصرف لبنان المركزي، الذي استنكف عن التعاون مع "السلطات الرسمية السورية المعنية"، حسب الجريدة نقلاً عن مسؤولين في حكومة الأسد.
وختمت الجريدة بالإشارة إلى مسعىً سبق أن أعلنته حكومة الأسد، حيث تلاحق المؤسسات المعنية في الأخيرة الحسابات المالية والأرصدة المصرفية لعدد من الشخصيات السورية المقيمة داخل سوريا وخارجها، على خلفية "الاشتباه" في بعض تلك الحسابات. مع التأكيد على أن "بعض تلك الحسابات، وبأرقام ضخمة، موجودة في لبنان".

وفي خلاصة ما سبق: يبدو أن سلطات الأسد المُختصة بالتفاصيل المالية والمصرفية بدفعٍ من نظيرتها السياسية والأمنية، أرادت إرسال عدة رسائل عبر التقرير سابق التفصيل: أولها: اتهام "مصرف لبنان المركزي" بالمسؤولية عن جعل بيروت عاصمة لتحويل أموال "داعش" نظراً لعدم تعاونه مع سلطات حكومة الأسد المُختصة في ملفات مالية ومصرفية خاصة بشخصيات سورية، يبدو أن نظام الأسد يريد ملاحقتها مالياً. وفي هذا الملف تحديداً، يبدو أن نظام الأسد يريد الضغط على "مصرف لبنان المركزي" كي يتعاون معه في ملاحقة أرصدة شخصيات سورية معارضة، موجودة في مصارف لبنان. كخطوة أولى، قبل العمل على تجميدها بتهمة "دعم داعش". لكن مصرف لبنان لم يُلبِّ حتى الآن رغبة حكومة الأسد تلك.

ثاني تلك الرسائل أن حكومة الأسد تريد الإيحاء بأنها تقوم بتحركات جادة لقطع سبل تمويل "داعش"، وأنها حققت تقدماً ملحوظاً في هذا الملف، أدى إلى الكشف عن شبكة تحويل الأموال التي يعتمدها "داعش" في تمويله، وأنها في هذا الصدد، كشفت عن تورط شركات صرافة سورية في هذه الشبكة. وهي تُوحي الآن بأنها في طريقها للكشف عن تورط شخصيات سورية معارضة في تمويل "داعش" عبر أرصدتهم وحساباتهم المالية في بعض المصارف اللبنانية، بغية استخدام هذا الملف، في محاولة لتجميد حسابات هذه الشخصيات بتهمة "دعم الإرهاب"، عبر التعاون مع "مصرف لبنان المركزي"، الذي لم يتم حتى الآن.

ثالث تلك الرسائل، اتهام دول الخليج بأنها مصدر رئيسي لتمويل "داعش" بناء على تفاصيل التقرير آنف التفصيل.

وأخيراً، تريد حكومة الأسد توجيه اتهام موازٍ لاتهامات رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، حليف الأسد، يستهدف حكومة إقليم كردستان العراق، بالمسؤولية عن دعم "داعش"، عبر ذكر أربيل، عاصمة الإقليم، كأحد جهات التحويل الرئيسية لأموال "داعش".

ترك تعليق

التعليق