"لوثة جهاد النكاح" تجتاح صحفاً بريطانية لأهداف تجارية وثقافية

وصلت "لوثة" "جهاد النكاح" إلى بريطانيا، لتجتاح بعض صحفها التي من المُفترض أنها تُعرف بالموضوعية، بعد أن حظيت هذه البروباغندا بالكثير من الترويج في أوساط إعلام الأسد وذلك الموالي له.

الفكرة التي يُعتقد أنها من إنتاج الإعلامي غسان بن جدو، المُقرب من حزب الله اللبناني، والذي يقود قناة "الميادين" الموالية لنظام الأسد وحلفائه، تتناقلها اليوم صحف بريطانية تتحدث عن دعوات للنساء بالزواج من "مجاهدين" في سوريا، مقابل راتب شهري وسكن مجاني.

وفي تقرير لـ"الصنداي تايمز" البريطانية، ركزت الصحيفة على بضع حالات شاذة لتجعل منها ظاهرة تجتاح أوروبا، محذرةً من أن عشرات النساء الأوروبيات قد وصلن إلى سوريا وانضممن للجماعات الإسلامية المسلحة للعيش فى كنف "الخلافة التي أسسها الزعيم الإرهابي الأكثر إثارة للخوف فى العالم، وبعضهن أنجبن أطفالاً".

وحسب عرضٍ قامت به صحيفة "اليوم السابع" المصرية، فإن "الصنداي تايمز" رصدت خمس حالات فقط لنساء بريطانيات التحقن بـ"الدولة الإسلامية -داعش".

وتقول الصحيفة البريطانية: "إن من يتصفح ما يكتبنه على مواقع التواصل الاجتماعي سيقشعر بدنه، لأنه يتضمن تهديدات لبريطانيا والحض على اقتراف أعمال شبيهة بقتل الجندي "لى ريجبى" العام الماضي. وأن هناك دعوات للنساء بالزواج من أحد "المجاهدين" مقابل راتب شهرى وسكن مجاني".

ورغم أن فكرة "جهاد النكاح" تعرضت لنفي متزامن لشرعيتها من جانب عددٍ كبيرٍ من العلماء الثُقاة في العالم الإسلامي، مع العلم أن مصادر "الدولة الإسلامية –داعش" ذاتها لم تؤكدها يوماً، وأن كل المعلومات التي تتحدث عن "جهاد النكاح" تكون صادرة عن مصادر إعلامية تابعة للنظام أو لحزب الله أو للقيادات الشيعية في العراق، إلا أن كل ذلك لم يمنع الفكرة من الانتشار والتقبل، حتى باتت تهمة لاصقة بـ"المجاهدين" في سوريا.

وحسب تقرير "الصنداي تايمز" سابق الذكر فإن "إحدى هذه النساء –اللواتي رصدتهم الصحيفة -التى تدعى أم عيسى وهى تستخدم صورة ابنها عيسى، صاحب الثلاثة أعوام الذى يقف أمام الكاميرا وعلى وجهه ابتسامة بريئة حاملا رشاشا من طراز AK-47، كصورة بروفايل على حسابها بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر" تحت اسم "مهاجرة فى الشام".

وتتابع الصحيفة البريطانية: "أم عيسى، وهى زوجة لمواطن سويدى اسمه أبو بكر، امرأة بريطانية درست فى لندن، ولديها طفل أصغر، عمره 12 شهرا، تسميه "المجاهد الصغير". وفضلا عن هذه المرأة هناك أخرى يعتقد أنها من اسكتلندا، تكتب "يوميات عروس فى كنف داعش". وبالرغم من حماستها للتنظيم المشهور بقطع الرؤوس فإنها تعبر عن حنينها لأمها".

وتختم الصحيفة بالتذكير بقصة التوأمين: "وقبل شهر تناقلت الأخبار قصة زهرة وسلمى حلنى، من مانشستر، اللتين غادرتا إلى سوريا للالتحاق بداعش بعد أن تسربتا من التعليم".

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية العريقة، قد فنّدت منذ أشهر، قصة "جهاد النكاح" مؤكدة أنه "غير موجود"، و"أن من اخترعه هو إعلام النظام السوري في إطار حملته على الثوار بعد أن وصفهم سابقاً بالمتسللين من الخارج لنزع صفة الانتماء الوطني عنهم".

وأشارت الصحيفة الفرنسية حينها إلى أن "هذا المفهوم ظهر إلى العلن للمرة الأولى في أواخر عام 2012 عبر "قناة الجديد" اللبنانية الموالية لدمشق، وعلى الفور تم استنساخه من قبل وسائل إعلامية موالية لنظام الأسد".

وتتابع الصحيفة "يهدف "اختراع" هذه الفكرة وتناقلها من قبل الإعلام الموالي للنظام السوري إلى صدم الرأي العام الغربي. وبهدف إعطاء مصداقية لهذا الأمر، تم نسبه إلى أحد الدعاة السعوديين المعروفين من خلال قرصنة حسابه على موقع "تويتر"، وقام الداعية على الفور بنفي كتابته التغريدات المتعلقة بالأمر".

وذكرت الصحيفة أنه "وبعد نفي الداعية لإصداره فتوى تتيح جهاد النكاح، بدأت وسائل الإعلام التي تطرقت إلى الموضوع تشير إلى "فتوى مجهولة المصدر" تتيح جهاد النكاح، دون أن تقر بفكرة أن هذه الفتوى لا أساس لها من الصحة ولم تصدر من أحد البتة".

وحسب تقرير قديم للـ"العربية نت"، شرحت "لوموند" أن التحدث عن موضوع جهاد النكاح "يبيع" جداً في الصحف، وهذا ما قد يفسر كثرة تداوله صحافياً رغم عدم وجود فتوى تجيزه أو عدم وجود بيانات تؤكده.

وتطرقت الصحيفة إلى تصريحات وزير الداخلية التونسي، لطفي بن جدو، الذي تحدث عن ذهاب تونسيات إلى سوريا للمشاركة بجهاد النكاح. وذكّرت "لوموند" بأن الوزير لم يعط أرقاماً محددة لعدد هؤلاء، كما أن لا شهادة من أي فتاوى تونسية أتت لتوثق هذا الخبر لا قبل ولا بعد تصريحات بن جدو.

وتحدثت الصحيفة عن نقص مصداقية الشهادات التي يبثها الإعلام السوري الرسمي أو الموالي للأسد، واعتبرت أنها تؤدي عكس هدفها حيث لا أحد يصدقها، كما أنها باتت مادة سخرية لمعارضي النظام.

وأخيراً ذكّرت "لوموند" بأن كافة أطراف المعارضة السورية، من الائتلاف الوطني السوري إلى الجيش الحر وجبهة النصرة، أكدوا رفضهم فكرة جهاد النكاح، وشددوا على عدم انتشاره في صفوف الثوار.

لكن رغم تقرير "لوموند" سابق التفصيل، إلا أنه من الواضح أن الصحافة الغربية، البريطانية منها خصوصاً، تميل بالفعل إلى الترويج لهذه الفكرة، كما ذكرت الصحافة الفرنسية، فهي تجذب القراء، وتشكل صدمة للرأي العام الغربي بممارسات "الإسلاميين"، رغم أن الحالات التي تحدثت عنها صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية، في التقرير سابق التفصيل، لا تتجاوز 5 حالات، بحيث لا ترتقي، حتى وإن صحت، لأن تكون قابلة للتعميم.

وهكذا يبدو أن نظام الأسد نجح نسبياً في تمرير فكرة "شاذة" لتشويه صورة من يقاتله في سوريا، ويبدو أن بعض وسائل الإعلام الغربي كان سعيداً بتلقف هذه الفكرة، فهي تخدم أهدافا تجارية وأخرى ثقافية، من بينها على ما يبدو تشويه صورة المجتمع المسلم في ذهنية المُتلقي الغربي عموماً.

ترك تعليق

التعليق