حقل "الشاعر" .. شعرة قد تقصم ظهر الأسد

حقل الشاعر النفطي بريف حمص، يعود من جديد إلى واجهة الأحداث في سوريا بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليه للمرة الثانية خلال أشهر، لكن هذه المرة بصورة أكثر قوةً وتأثيرا من سابقتها، طارحا الكثير من التساؤلات، خاصة بعد ما أثير من أحاديث عن عقد النظام في المرة الأولى اتفاق مع التنظيم ينص على انسحاب الأخير من الحقل مقابل تسلميه الفرقة 17 والفوج 93 ومطار الطبقة ما يعكس أهمية هذا الحقل بالنسبة للنظام خاصةً وإن تلك التسوية أدت إلى مقتل 700 عنصر أثناء تنفيذها، ولكن السؤال الأبرز الذي يطرح اليوم هو أي ثمن قد يدفعه النظام مقابل استرجاع الحقل النفطي الوحيد الذي بقي بيده، وأي ثمن قد يرضي "الدولة".

تخلي الحلفاء..يزيد معاناة الأسد

ما زاد من أهمية الحقل بالنسبة للنظام وزاد من معاناته جراء سقوطه، أنه كان المورد الوحيد للنفط بعد أن فقد السيطرة على كافة حقول المنطقة الشرقية، بالاضافة إلى وقف إيران المساعدات النفطية، ورفض روسيا منحه قرضا بمليار دولار، ما سيقود بشكل أو بآخر إلى أزمة وقود خانقة جدا قد توقف آلياته العسكرية وطائراته عن العمل في حال استمرت سيطرت التنظيم على الحقل أي بشكل أوضح ضرب قوته العسكرية، وبالتالي خسارة الحرب، الأمر الذي يجعله قابلا للتفاوض على أي تسوية تعيد الحقل إليه، والتنازل عن أي منطقة قد يطلبها التنظيم مقابل ذلك.

ولعل أكثر الأمور التي يتفق عليها القاصي والداني أن ما أضعف موقف النظام هو عدم قدرته على استعادة الحقل عسكريا لسببن، أولا لإنهاك قواته التي تحارب منذ سنوات والذي أجبره على تسليح العاملين في الحقل للدفاع عنه ضد هجمات التنظيم دون إرسال أي دعم عسكري، وثانيا أن استعادة الحقل عسكريا يعني سحب عدد كبير عناصره من جبهات أخرى ما سيؤدي إلى إفراغ تلك الجبهات وإضعافها وبالتالي سقوطها حكما، ما يؤكد أنه لم يعد أمام النظام إلا "أحلى الأمرين" وهو تسوية مع التنظيم ولكن بظروفٍ تفاوضية جديدة تضعف موقفه، وهنا نطرح هل ستقبل "الدولة" بالتفاوض؟ وماذا بقي لدى النظام ليفاوض؟

"الدولة".. واستراتيجية البقاء

بالنظر إلى الجغرافية السورية، فإن النظام لم يعد يملك ما يتنازل عنه في سوريا باستثناء المنطقة التي يعتبرها حلم دويلته العلوية الممتدة من جنوب دمشق، وحتى جبال اللاذقية مرورا بحمص وغرب حماة، وهي المنطقة التي لا يمكن للنظام أن يتخلى عن أي جزءٍ منها كونها أمله الأخير في البقاء، أي أن النظام لم يعد يملك شيئا يفاوض عليه في باقي المناطق بعد أن خسر آخر قلاعه في الرقة بموجب التسوية الماضية مع التنظيم.

من جهة أخرى فإن الحقل حاليا بات يمثل النقطة الأكثر أهمية بالنسبة "الدولة" بين كل الأماكن التي لا يزال النظام يسيطر عليها، خاصةً بعد عزم المجتمع الدولي تجفيف منابع تمويله، وضرب حقول النفط في البادية السورية التي يسيطر عليها، كما أن تصرفات التنظيم داخل الحقل لا توحي بنيته الانسحاب منه إلا بالقوة التي لا تتوافر لدى النظام حاليا، لاسيما بعد سيطرة عناصره على حقل جحار للغاز في المنطقة ذاتها أمس، وإعلانه عن حاجته لموظفين يديرون انتاج الحقول المسيطر عليها مؤخرا.

*ضبابية المستقبل .. وحقائق ثابتة

أخيرا وفي ظل ضبابية مستقبل الحقل والتسويات التي قد تطرح حوله بين الأسد وداعش، إلا أنه يبقى الثابت الواضح أن فقدان الحقل شكل أكبر ضربة يتلقاها النظام خلال أشهر وربما أعوام وقد تكون القاضية لارتباطها بعدة نواحٍ أولها فقدان الوقود اللازم لتحريك آلياته العسكرية، إلى جانب كونها قد تكون بداية انتفاضة تشهدها المناطق الموالية نظرا لتردي الأوضاع المعيشية وأزمة الوقود التي تترافق مع دخول فصل الشتاء، سيما وأنا هذه الانتفاضة بدأت شرارتها بالقدح في طرطوس الساحلية، وعدة مناطق في اللاذقية التي شهدت مظاهرات احتجاجية لوقف الحرب نظرا لارتفاع أعداد قتلى الطائفة العلوية وتطالب بتحسين الوضع المعيشي.

ترك تعليق

التعليق