حكومة النظام تُعدم الزراعة بمقصلة المحروقات

يتكرر اليوم سيناريو نهاية العقد الماضي، حينما وجهت قرارات رفع أسعار بعض المحروقات، في عهد نائب رئيس الوزراء "العتيد"، عبد الله الدردري، ضربة قاسية لقطاع الزراعة، خاصة في المناطق الأضعف، وتحديداً في الجزيرة السورية، التي كانت تُعتبر سلّة سوريا من القطن والقمح، فأصبح الكثير من أبنائها "عتالين" في أطراف دمشق، وفي أسواقها، بعد أن هجروا مزارعهم تحت وقع زيادة أسعار المحروقات.

المشهد يتكرر اليوم، بقيادة حكومة وائل الحلقي "العتيدة"، التي تابعت ما توقف عنده الدردري، بعد ردة قصيرة الأمد، لتواصل مخططاً قديماً برفع الدعم نهائياً عن السلع والمواد الأساسية، ومنها المحروقات، لتخفيف العبء عن خزينة الحكومة.

وبإقرار مسؤولين في حكومة النظام، ووسائل إعلام موالية، تلقى قطاع الزراعة، من جديد، ضربةً قاصمة، بفعل زيادة أسعار المحروقات أخيراً، وخاصة المازوت، الأمر الذي أدى إلى ازدياد تكاليف إنتاج المحاصيل الأساسية بنسبة تتراوح بين 30% إلى 50%.

زيادة أسعار المحروقات كانت القشة التي يبدو أنها قصمت ظهر الزراعة بسوريا، بفعل سلسلة أزمات، ليس أولها شح الأسمدة، وعدم توافر مياه الري، وليس آخرها الحرب والفوضى الأمنية وخروج مناطق زراعية واسعة من الاستثمار بسبب ذلك.

وقد يكون ذهب سوريا الأبيض (القطن)، أبرز المتضررين، إذ تراجع إنتاجه بنسبة 40%، وأدبر الفلاحون عن زراعته، بعد أن كان واحداً من أهم مصادر الدخل بالنسبة لهم. وانتشرت آفات زراعية لم يكن من المتاح تأمين مواد المكافحة لها، بفعل الفوضى، والصراع المسلح في الأرياف.

ويعتقد مراقبون ومسؤولون رسميون أن زراعة "الذهب الأبيض" باتت مهددة بالزوال، بعد أن أصبحت عبئاً على الفلاحين، إذ ازدادت تكاليف إنتاجه، بفعل زيادة أسعار المحروقات، بنسبة 48%، لتُضاف زراعة القطن إلى قائمة المنتجات الزراعية المُتهاوية في سوريا.

ولا يعتبر القمح أفضل حالاً من القطن، فزيادة أسعار المحروقات رفعت تكاليف إنتاجه بنسبة 42%، أما الشوندر فازدادت تكاليف إنتاجه بنسبة 30%.

الأرقام السابقة الخاصة بزيادة تكاليف الإنتاج بسبب المحروقات، جاءت على ذمة صحيفة "الوطن" المخلوفية، التي أقرت بأن قرار حكومة النظام برفع الدعم عن المازوت أضر بصورة كبيرة بالزراعة، وطال حتى الزراعات البلاستيكية وتلك المحمية.

وارتفعت تكلفة إنتاج الخيار بنحو 43%، والبندورة بنسبة 30%. وأدت زيادة أسعار المازوت إلى زيادة أجور كل العمليات الزراعية (الحراثة – التسوية – الري – تشغيل مضخات الري- الحصاد – النقل- أجور عمالة). وذلك وسط مصاعب كبيرة كانت تعاني منها الزراعة سلفاً.

آثار ما سبق لن تنحصر على صعيد انحسار الرقعة المزروعة في البلاد، وحسب، بل تتعداها لتطال معيشة المواطنين بالمزيد من الأعباء، لتكون المحصلة كارثية وسط وضع اقتصادي غير طبيعي، وحالة أمنية غير مستقرة.

ترك تعليق

التعليق